وليد تحبسم*

عندما تفوتنا فرصة ما، وفي حالة عدم وصولنا إلى هدف منشود نقول : “ فاتنا القطار” ، ولكن من يتبنى المقولة جزءا من ثقافته، هو في الحقيقة يبرر للهروب من المسؤولية وتحميلها على القطار!…
“ القطار ما يزال على السكة”، ومن يريد الوصول إلى الهدف، عليه السعي ومضاعفة الجهد بخطوات سريعة وقفزات نوعية وبفكر إستراتيجي ابتكاري.
نتغنى من سنوات بأسبقيتنا في طرح افكار التحول الرقمي، لكننا تأخرنا كثيرا في التطبيق ، وقد “ فاتنا القطار بالفعل” ، وهو ما يعترف به الجميع حتى الحكومات نفسها التي تشرف على هذه العملية، بالرغم من أن كثيرا من برامج التحول الرقمي في المنطقة بنيت ونفذت بعقول وسواعد أردنية……
ونباهي دائما بريادة الأعمال في الأردن ومنجزاتها وقدرة شركاتها على جذب الاستثمارات، إلا أن عدد الشركات الناشئة والافكار الجديدة ما يزال قليلا ودون مستويات الطموح لاحداث الأثر الاقتصادي المطلوب منها، وعلاوة على ذلك هناك عدد كبير منها يبدأ ويؤسس في الأردن، ثم تنتقل عند نقطة النمو والتوسع الى مكان آخر يوفر بيئة وحاضنة أفضل مما يتوافر محليا…..
أمر إيجابي، تشكر عليه الحكومة الحالية عندما اقرت إستراتيجيات وخطط تنفيذية لتطوير كلا القطاعين، ولكننا اليوم مجبرين على الاسراع في التنفيذ وهو أمر لن يتأتى دون قفزات نوعية وقرارات جريئة وحوكمة وشراكة حقيقية مع القطاع الخاص وليست شكلية للحاق بالركب، والاستفادة من مزايا ومساهمات القطاعين في الاقتصاد بشكل حقيقي.
في قطاع ريادة الأعمال، كثيرة هي التحديات التي أصبحت معروفة للجميع، وهناك جهود كبيرة لمجابهتها وحلها من أطراف متعددة وخصوصا التحديات التي تتعلق بالتشريعات والضرائب والإجراءات التنظيمية والتمويل وغيرها.
وفي مجال الاستثمار، لا يعقل بعد هذه السنوات الطويلة ما زلنا نراوح مكاننا بقانون وتعليمات “ الصناديق الاستثمارية” الأمر الذي يجعل حتى الصناديق الأردنية تبحث عن جهات وبلدان أخرى للتسجيل فيها.
في هذا القطاع علينا انتاج وخلق اكبر عدد من الشركات الناشئة سنويا ومن مختلف القطاعات الاقتصادية، وتشجيع الشباب على انشاء شركاتهم الخاصة وتسريع نمو هذه الشركات، بانشاء أكبر عدد من مسرعات الأعمال التي يجب ان تتبناها المؤسسات الحكومية أو من القطاع الخاص، والجامعات. فالتنمية الريادية هي أحد أهم مفاتيح النمو الاقتصادي.
والريادة كما نرى يجب ان تبنى على فكرة ريادية تحل مشكلة في المجتمع او في قطاع ما وتنفذ باسلوب ريادي ابتكاري حتى تتمكن من النمو والتوسع وجلب الاستثمارات.
في التحول الرقمي، نرى انه لم يعد خيارا بل ضرورة في ظل اندماجنا بالثورة الصناعية الرابعة، و علينا الاسراع في التنفيذ وفقا لخطة منهجية مستمرة وعابرة للحكومات يلتزم بها كل اطراف المعادلة وبشراكة حقيقية مع القطاع الخاص.
وعلينا تبني مفهوم التفكير خارج الصندوق لتنفيذ المشاريع وادارتها والتفكير بشكل استراتيجي بدلا من عقلية التحصيل ومعاقبة الملتزم.
ان التحول الرقمي يتجاوز مفهوم الحكومة الالكترونية، وهو مفهوم أشمل يجب ان يبنى على “التغيير في النهج والفكر” لتحقيق أهداف عامة كتسهيل حياة المواطن، زيادة الإنتاجية وتخفيض التكاليف في الأعمال، واستخدام التكنولوجيا بتوجهاتها وأجهزتها المختلفة لتحقيق هذه الأهداف.
والشركات الأردنية قادرة على لعب دور أساسي بعملية التحول الرقمي للمملكة خصوصاً انها نجحت بذلك في الخارج بل وأثبتت تفوقها عن العديد من الشركات العالمية في الكثير من المجالات التقنية.
ويجب ان نركز في تقوية بنية تحتية قادرة على الاستفادة من التقنيات الحديثة، وبنك معلومات وطني موحد يحوي بيانات مرجعية ،وتفعيل الشراكة الحقيقية والتعاون بين القطاعين الحكومي والخاص الأمر الذي قد ينتج عنه تنفيذ أسرع للخطط ومشاريع التحول الرقمي التي من شانها ان تخلق فرص عمل وتحسن من تجربة المواطن وتساهم بالتقليل من الأخطاء وممارسات الفساد، وخلق فرصا أكبر للأردن بتصدير هذه الخدمات للمنطقة في المستقبل.
كل التحديات اصبحت معروفة للجميع وأدوات النجاح موجودة لتطوير قطاعي ريادة الأعمال والتحول الرقمي وما علينا الا الإسراع في العمل والتركيز على احداث قفزات نوعية بتتبني نماذج الأعمال الجديدة وبشراكة حقيقية مع القطاع الخاص وبحوكمة عالية وعندها سنشهد نقلة نوعية في القطاعين.

المؤسس ورئيس هيئة المديرين في شركة المجموعة المتكاملة للتكنولوجيا “ ITG “