خطى الأردن خطوات كبيرة في تطوير قطاعه المالي واحتضان التكنولوجيا في هذا القطاع من خلال التكنولوجيا المالية. فمع نمو هذا القطاع يجب أن تستمر القوانين واللوائح بالتطور، فوجود فجوات في الإطار القانوني في الأردن يعيق نمو التكنولوجيا المالية. Fintech ، التي تعتبر أداة تستخدم لتحسين وأتمتة الخدمات المالية التي نمت بسرعة في جميع أنحاء العالم، والأردن ليس استثناء.
أحد الأطر القانونية الرئيسية للتكنولوجيا المالية في الأردن هو تعليمات البنك المركزي الأردني للعمليات المصرفية الإلكترونية وأنظمة الدفع وخدمات الدفع الإلكترونية رقم (23) لسنة 2017. يوفر هذا الإطار الإشراف التنظيمي على العمليات المصرفية الإلكترونية لشركات نقل ودفع الأموال التقليدية. إن أنظمة وخدمات الدفع الإلكتروني التي يقدمها مقدمو خدمات الدفع يجمع بين أحكام قانون المعاملات الإلكترونية وقانون البنوك لتنظيم مقدمي خدمات الدفع ومؤسسات الدفع الإلكتروني الأخرى. وأصدر البنك المركزي الأردني أيضًا، لوائح لخدمات الدفع الإلكتروني، والتي تعد جزءًا مهمًا من التكنولوجيا المالية، وتحدد هذه اللوائح متطلبات الشركات التي تقدم خدمات الدفع الإلكتروني، بما في ذلك متطلبات الترخيص ومتطلبات رأس المال والقواعد المتعلقة بحماية العملاء.
وعلى القدر نفسه من الأهمية، يتمثل أحد التطورات الرئيسية في النظام القانوني الأردني في إنشاء صندوق حماية تنظيمي من قبل البنك المركزي الأردني (CBJ) في العام 2019. ويسمح وضع الحماية للشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا المالية باختبار منتجاتها وخدماتها في بيئة خاضعة للرقابة دون الحاجة إلى ذلك. يتوافق مع جميع المتطلبات التنظيمية المعتادة. هذا يسمح لهم بالابتكار بسرعة أكبر وتقديم منتجات جديدة إلى السوق بشكل أسرع. وإضافة إلى هذه التطورات التنظيمية، كانت هناك مبادرات أخرى تهدف إلى تعزيز التكنولوجيا المالية في الأردن. فعلى سبيل المثال، أطلقت الحكومة برنامجًا يسمى “واحة التكنولوجيا المالية” والذي يوفر الدعم والموارد للشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا المالية فهناك أيضًا العديد من الحاضنات والمسرعات التي تركز على التكنولوجيا المالية في الأردن.
وعلى الرغم من هذه التطورات الإيجابية، ما تزال هناك بعض التحديات التي تواجه التكنولوجيا المالية في الأردن. أحد التحديات الرئيسية التي تواجه التكنولوجيا المالية في الأردن، هو عدم وجود إطار تنظيمي شامل. ففي حين أن هناك بعض القوانين واللوائح التي تنطبق على جوانب معينة من التكنولوجيا المالية، مثل: المدفوعات الإلكترونية والتحويلات المالية، فلا يوجد تشريع محدد يحكم هذة الصناعة ككل. فعدم الوضوح يمكن أن يؤدي إلى خلق حالة من عدم اليقين لدى شركات التكنولوجيا المالية العاملة في الأردن، لأنها قد لا تعرف القواعد التي يتعين عليها اتباعها أو التراخيص التي يجب الحصول عليها. كما يمكن أن يجعل من الصعب على المنظمين مراقبة وفرض الامتثال للقوانين القائمة. فعلى الرغم من أن وضع الحماية يوفر بعض المرونة للشركات الناشئة، إلا أنه ليس من الواضح ما الذي سيحدث بمجرد استخدام هذه التطبيقات خارج الصندوق وعندما يحتاجون إلى الامتثال لجميع اللوائح المعتادة.
قضية قانونية رئيسية أخرى تواجه التكنولوجيا المالية في الأردن، هي حماية البيانات. تقوم شركات Fintech التكنولوجيا المالية بجمع ومعالجة كميات كبيرة من البيانات الشخصية من عملائها، بما في ذلك المعلومات المالية والبيانات الحساسة الأخرى. ومع ذلك، لا يوجد حاليًا قانون محدد لحماية البيانات في الأردن، يطبق على شركات التكنولوجيا المالية. فعلى الرغم من وجود بعض الأحكام العامة المتعلقة بحماية البيانات في قوانين أخرى، مثل: قانون المعاملات الإلكترونية إلا أن عدم تشريع قانون حماية البيانات الشخصية لا يوفر حماية شاملة للمعلومات الشخصية للمستهلكين. هذا النقص في التنظيم الواضح حول حماية البيانات يمكن أن يخلق مخاطر لكل من المستهلكين وشركات التكنولوجيا المالية. وقد يتعرض المستهلكون لخطر سرقة معلوماتهم الشخصية أو إساءة استخدامها من قبل قراصنة أو جهات ضارة أخرى، وقد تواجه شركات التكنولوجيا المالية ضررًا بسمعتها إذا تبين أنها أساءت التعامل مع بيانات العملاء.
وعلى نحو متصل، يعد الأمن السيبراني مشكلة قانونية رئيسية أخرى تواجه التكنولوجيا المالية في الأردن، مع انتقال المزيد من المعاملات المالية عبر الإنترنت، تزداد مخاطر الهجمات الإلكترونية. فيجب على شركات التكنولوجيا المالية اتخاذ خطوات لحماية أنظمتها من محاولات القرصنة والتهديدات الإلكترونية الأخرى، ومع ذلك، لا يوجد حاليًا قانون محدد للأمن السيبراني في الأردن يطبق على شركات التكنولوجيا المالية. وهذا النقص في التنظيم الواضح يمكن أن يجعل من الصعب على شركات التكنولوجيا المالية معرفة التدابير التي يتعين اتخاذها لحماية أنظمتهم وبيانات العملاء. كما يمكن أن يجعل من الصعب على المنظمين مراقبة وفرض الامتثال لمعايير الأمن السيبراني الحالية.
إضافة إلى ذلك، تعد الملكية الفكرية قضية قانونية أخرى تواجه التكنولوجيا المالية في الأردن، غالبًا ما تعتمد شركات التكنولوجيا المالية على التكنولوجيا والبرامج المملوكة لتقديم خدماتها ومع ذلك، لا يوجد حاليًا قانون محدد في الأردن يحكم حقوق الملكية الفكرية المتعلقة بالتكنولوجيا المالية. بينما توجد بعض الأحكام العامة المتعلقة بالملكية الفكرية في قوانين أخرى، مثل قانون حق المؤلف وبراءات الاختراع.
علاوة على ذلك، فإن عدم وجود سلطة حاكمة متخصصة في مجال التكنولوجيا المالية في الأردن يمكن أن يعيق الاهتمام والدعم الذي يحتاجه القطاع للنمو. أحد التحديات التي تواجه شركات التكنولوجيا المالية في الأردن هو عدم وجود إرشادات تنظيمية واضحة خاصة بالتكنولوجيا المالية. فإضافة إلى البنك المركزي الأردني، تشرف هيئات تنظيمية أخرى أيضًا على جوانب معينة من أنشطة التكنولوجيا المالية، فعلى سبيل المثال: تنظم هيئة الأوراق المالية الأردنية منصات التمويل الجماعي وأنشطة الاستثمار، كما أن هناك نقصا في الوعي بين المستهلكين حول منتجات وخدمات التكنولوجيا المالية. وهذا يمكن أن يجعل من الصعب على الشركات الناشئة اكتساب قوة جذب وبناء قاعدة عملاء وهذا التحدي هو ما يخلق عدم اليقين حول البيئة التنظيمية للتكنولوجيا المالية في الأردن.
في الختام، في حين أن التكنولوجيا المالية هي صناعة سريعة للنمو في الأردن، إلا أن هناك العديد من القضايا القانونية التي يجب معالجتها من أجل ضمان استدامتها ونموها. وتشمل، الحاجة إلى إطار تنظيمي شامل، وقوانين أقوى لحماية البيانات، ولوائح أوضح للأمن السيبراني، وحماية أفضل لحقوق الملكية الفكرية. وستتطلب معالجة هذه القضايا التعاون بين المنظمين وأصحاب المصلحة في الصناعة وواضعي السياسات من أجل خلق بيئة داعمة للابتكار في مجال التكنولوجيا المالية في الأردن.
المصدر / جريدة الغد