“ريم سات” إنجاز تكنولوجي يضع الأردن على خريطة الفضاء العالمية

كان إنجازا أردنيا نوعيا في مجالات التكنولوجيا والبحث العلمي حين طور فريق من طلبة الجامعات الأردنية، بقيادة جامعة الحسين التقنية، أول قمر صناعي طلابي أردني مصغر باسم “ريم سات”، بدعم مباشر من مكتب الأمم المتحدة لشؤون الفضاء الخارجي “UNOOSA”.

ففي عام 2023 انطلقت فكرة “ريم سات” حين قدمت الطالبة ديانا الجبور، منسقة المشروع وطالبة هندسة الطيران في الجامعة الأردنية للعلوم والتكنولوجيا، مقترحا لتصميم قمر صناعي مكعب للمشاركة في مسابقة نظمها مكتب الأمم المتحدة لشؤون الفضاء الخارج، وفقا للمشرف على مشروع القمر الصناعي “ريم سات”، د. فراس جرار.

وأضاف جرار، إن الفكرة لاقت استجابة واسعة وتمت دعوة طلبة من مختلف الجامعات الأردنية للمشاركة، ليعقد لاحقا برنامج تدريبي تضمن سلسلة من المحاضرات التقنية حول تصميم الأقمار الصناعية، نتج عنه اختيار فريق أساسي يضم 17 طالبا وطالبة ممن أظهروا كفاءة عالية في هذا المجال.
وأشار جرار إلى أن جامعة الحسين التقنية تبنت المشروع منذ بدايته، وقدمت الدعم المالي واللوجستي الكامل، ما مكن الفريق من إعداد تقرير فني متكامل يحتوي على التصاميم والحسابات اللازمة، قدم لاحقا إلى مكتب الأمم المتحدة، الذي اختار “ريم سات” ليكون من ضمن الأقمار الصناعية التي ستطلق عبر منصة الإطلاق الألمانية “EXOpod” التابعة لشركة “Exolaunch”.
توظيف تكنولوجيا الفضاء
وأوضح أن اسم “ريم سات” مستوحى من غزال الريم، أحد الأنواع المهددة بالانقراض في البيئة الأردنية، وهو ما يعكس البعد الرمزي والبيئي للمشروع، ويبرز هدفه في تتبع الحياة البرية عبر الفضاء، لافتا الى أن المشروع يهدف إلى توظيف تكنولوجيا الفضاء في خدمة القضايا البيئية عبر تتبع الحيوانات المهددة بالانقراض في المناطق النائية بالمملكة، باستخدام تقنيات اتصال لاسلكي منخفضة الطاقة وبعيدة المدى.
ويتكون القمر الصناعي من وحدة مكعبة واحدة “1U CubeSat” طول ضلعه 10 سم وبوزن لا يتجاوز 2 كغم، ويضم أنظمة اتصال، ونظاما للطاقة الشمسية، وحاسوبا مدمجا، ووحدة تحكم وتوجيه، ومستشعرات ميدانية وسيعمل على تتبع الحيوانات البرية باستخدام تقنية (LoRa) اللاسلكية منخفضة الطاقة، لتوفير بيانات بحثية دقيقة يمكن استخدامها من قبل المختصين في علم البيئة والأحياء، وسيسهم القمر الأردني بالإضافة لذلك بعد إطلاقه في دعم المشاريع البحثية داخل الجامعة، لا سيما في مجال الاتصالات وتحليل الأنظمة الفضائية.
وبين جرار أن الإطلاق المخطط له سيكون في نهاية عام 2026 أو بداية 2027 من الولايات المتحدة الأميركية، ضمن برنامج تابع لمكتب الأمم المتحدة باستخدام منصة الإطلاق الألمانية التابعة لشركة “Exolaunch” مع الإشارة إلى أن توقيت الإطلاق قد يتغير لأسباب تقنية أو لوجستية.
وقال إن التواصل مع القمر سيتم عبر محطة الجمعية الملكية الأردنية لهواة الراديو، التي ستوفر الترددات اللازمة، نظرا لعدم امتلاك الجامعة حاليا محطة أرضية مستقلة، مؤكدا أن المشروع وفر تجربة تعليمية غنية للطلبة، شملت التدريب على تصميم الأنظمة الفضائية، وإجراء الحسابات الهندسية، وتطوير البرمجيات، والعمل التعاوني بين التخصصات.
وأشار إلى أن المشروع ألهم طلاب الفريق لتطوير مشاريع أخرى، أبرزها “Project One Sat” الذي فاز بالمركز الأول في فئة الأمن والدفاع في المهرجان الوطني للتكنولوجيا، بدعم من المركز الأردني للتصميم والتطوير، كاشفا عن خطة جامعة الحسين التقنية لإنشاء مختبر وطني متخصص في تكنولوجيا الفضاء، ليكون مركزا تدريبيا وبحثيا لإعداد كوادر وطنية قادرة على تنفيذ مشاريع فضائية مستقبلية.
وأكد جرار أن “ريم سات” يمثل رسالة أمل وفخر للشباب الأردني والعربي، مفادها أن بالإمكان تحويل الأفكار الطلابية إلى مشاريع واقعية إذا ما توافرت البيئة الداعمة والإرادة الجادة بما في ذلك الفضاء الخارجي الذي غدا مفتوحا ومتاحا لمن يملكون تكنولوجيا الوصول اليه.
وكان مكتب الأمم المتحدة لشؤون الفضاء الخارجي أعلن رسميا اختيار المشروع الطلابي الأردني “ريم سات” كأول مشروع من نوعه يحصل على دعم رسمي من المكتب في المملكة الأردنية الهاشمية.
وقالت جامعة الحسين التقنية في وقت سابق، “تم اختيار المشروع من بين 17 مقترحا مقدما من مؤسسات تعليمية في 15 دولة حول العالم، كمحطة مفصلية في مسيرة الأردن نحو تعزيز حضوره في قطاع تكنولوجيا الفضاء”.
كفاءات أكاديمية وطلابية
ويضم فريق المشروع نخبة من الكفاءات الأكاديمية والطلابية، بقيادة رئيس قسم الهندسة الميكانيكية في الجامعة د. فراس جرار، ومن قسم الهندسة الكهربائية م. ندى الخطيب، مشرفة مشاركة، وطالبة هندسة الطيران في جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية ديانا الجبور منسقة للمشروع، و 12 طالبا وطالبة من جامعة الحسين التقنية وجامعات أردنية أخرى.
ويأتي هذا الاختيار تتويجا للجهود المتواصلة التي تبذلها الجامعات الأردنية، وفي مقدمتها جامعة الحسين التقنية، لتعزيز التعليم التطبيقي وتمكين الشباب من المساهمة في الصناعات المستقبلية، وفي مقدمتها قطاع الفضاء.

المصدر

الذكاء الاصطناعي.. قدرة على حل المشكلات وقوة مدمرة إذا لم يدر بحكمة

 تدافع خلال الأسابيع القليلة الماضية مسؤولون وعرابون لطرح توقعات يرونها “مبشرة” لمستقبل البشرية والاقتصاد في ظل تصاعد غير مسبوق في اعتماد البشر على الذكاء الاصطناعي، مقابل فريق ينظر إلى المستقبل نظرة “الخائف” من إمكانية تغول “الآلة التكنولوجية” على الإنسان.

خبراء محليون يؤكدون أن كل هذه التوقعات الايجابية أو التخوفات مشروعة في طور تسارع وتطور النماذج اللغوية الكبيرة مثل ” تشات جي بي تي” النماذج التي أصبحت قادرة على أداء مهام معقدة جدا في وقت قياسي، فضلا عن تطور القدرة على التعلم الذاتي ما يجعل بعض النماذج تطور مهاراتها بدون تدخل بشري مباشر، فيما يلوح في الأفق غياب الأطر التنظيمية القوية عالميًا، ما يعني إمكانية سوء الاستخدام من قبل جهات غير مسؤولة.

ويشير الخبراء إلى أهمية التنافس المشتعل بين الشركات التقنية العالمية، وخصوصا الأميركية والصينية؛ لأن من سيقود هذا القطاع في العالم سيمسك بزمام الثورة الصناعية الخامسة، مشددين على أهمية الوصول إلى تنظيم عالمي يحكم تطوير واستخدام هذه التقنية كما حصل في “حوكمة شبكة الإنترنت”، لأن التأثير لا يشمل دولة بحد ذاتها.

ويؤكد الخبراء،على المستوى المحلي، ضرورة وضع تنيظم وتشريع ينظم الذكاء الاصطناعي ويكون منسجما مع ما يوضع على المستوى العالمي، كما أكدوا أهمية مضي الحكومة في تنفيذ الإستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي وتنفيذ مشاريعها للاستفادة من منها في تطوير القطاعات الحيوية.

توصية نيابية حول الذكاء الاصطناعي
لجنة الاقتصاد الرقمي والريادة النيابية أوصت الأسبوع الماضي بتبني مظلة تشريعية مرنة تواكب التطور المتسارع في تقنيات الذكاء الاصطناعي، وإعداد ميثاق وطني يضمن الاستخدام الآمن والمنضبط لهذه التقنيات، يتضمن أطرًا للحوكمة ومبادئ أخلاقية واضحة.

تصريحات وتوقعات مهمة من مسؤولين كبار
ورصدت “الغد” مجموعة من التصريحات المهمة لرواد في مجال الذكاء الاصطناعي حول تسارع التطور فيها والتخوفات منها، لعل أهمها ما صرح به قبل أسابيع جيفري هينتون، الذي يوصف عالميا بالأب الروحي للذكاء الاصطناعي عندما حذر من المخاطر المتزايدة للتطورات في الذكاء الاصطناعي، حيث إن بعض مخاطر روبوتات الدردشة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي “مخيفة للغاية” على حد وصفه.
وبحسب تقرير لـ”بي بي سي” قال هينتون المستقيل من شركة “جوجل”: ” في الوقت الحالي، ليسوا أكثر ذكاءً منا، على حد علمي، لكنني أعتقد أنهم قد يصبحون كذلك قريبًا”.

وفي مقال نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” أشار هينتون إلى “جهات فاعلة سيئة” قد تحاول استخدام الذكاء الاصطناعي لأغراض سيئة.. هذا مجرد سيناريو أسوأ، أشبه بكابوس، يمكنكم أن تتخيلوا، على سبيل المثال، أن جهة فاعلة سيئة قررت منح الروبوتات القدرة على تحقيق أهدافها الفرعية الخاصة.

وفي دراسة عالمية، قالت مجلة لوبوان العالمية: ” إن تنبؤ باحثين بأن الذكاء الاصطناعي العام قد يصبح موجودا وقادرا على خداع مبتكريه في عام 2027″ وتوقعوا أن يكون تأثيره هائلا في العقد القادم، وأن يتجاوز تأثير الثورة الصناعية.

وحسب تنبؤات الباحثين، من المتوقع حدوث تغيير كبير العام المقبل، بحيث تصبح أدوات الذكاء الاصطناعي مفيدة في الحياة اليومية.

توقعات بتقدم سريع للذكاء الاصطناعي
ويرى خبير إستراتيجيات الذكاء الاصطناعي والميتافيرس في شركة “ميتا سيرف مي” رامي الدماطي أن التوقعات جميعها ” تشير إلى تقدم كبير سيتحقق للذكاء الاصطناعي خلال سنوات قليلة مقبلة”، وأن التخوفات المرافقة لهذه التوقعات” هي تخوفات مشروعة إلى حدٍّ كبير”، وهي ليست مجرد تهويل إعلامي، وخصوصا أنها تأتي من خبراء وروّاد في مجال الذكاء الاصطناعي أنفسهم، مثل الدكتور جيفري هينتون المعروف بـ”عرّاب الذكاء الاصطناعي” والذي يحذر من المخاطر المتزايدة لتطور الذكاء الاصطناعي.
وقال الدماطي: “التخوفات من الذكاء الاصطناعي ليست خيالية، بل إنها دعوة للتحرك السريع نحو حوكمة ذكية وتنظيم شفاف يضمن استغلال فوائده وتقليل مخاطره، وليس المطلوب إيقاف التقدم، بل إدارته بشكل مسؤول”.

التوقعات تستند إلى معطيات علمية
ويرى الدماطي أن هذه التوقعات والتصريحات تستند إلى معطيات علمية وتقنية حقيقية، ومن هذه المعطيات: التطور السريع للنماذج اللغوية الكبيرة مثل ” تشات جي بي تي”، و”جيميني” وغيرها، وهي النماذج التي أصبحت قادرة على أداء مهام معقدة جدا في وقت قياسي، فضلا عن تطور القدرة على التعلم الذاتي ما يجعل بعض النماذج تطور مهاراتها بدون تدخل بشري مباشر.
وأشار الدماطي إلى أن من المعطيات أيضا، غياب الأطر التنظيمية القوية عالميًا، ما يعني إمكانية سوء الاستخدام من قبل جهات غير مسؤولة (مثل الجهات العسكرية، أو الشركات الربحية، أو حتى الأفراد، إلى جانب التسارع في التطور وامكانية ظهور “ذكاء اصطناعي عام” في فترة قصيرة نسبياً (بين 2027-2030 كما تشير تقديرات بعض الباحثين) – وهو نوع من الذكاء يفوق أو يوازي الذكاء البشري في معظم المجالات.
ونقل موقع “أكسيوس” العالمي مؤخرا عن سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة “أوبن إيه آي”، قوله في منشور حديث على مدونته: “من المرجح أن يكون عقد الثلاثينيات مختلفا تماما عن أي وقت مضى، لا نعرف إلى أي مدى يمكننا تجاوز مستوى الذكاء البشري، لكننا نوشك أن نكتشف”.
وصرح داريو أمودي، الرئيس التنفيذي لشركة أنثروبيك، لأكسيوس أن الذكاء الاصطناعي قد يقضي على نصف الوظائف الإدارية المبتدئة، وقال جيفري هينتون، وهو أحد عرابي الذكاء الاصطناعي، إن التكنولوجيا تتطور “بسرعة فائقة، أسرع بكثير مما توقعت”.

الإستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي
ويرى الخبير في مجال الأعمال الإلكترونية أ.د.أحمد غندور “أن الذكاء الاصطناعي سيشهد نمواً متسارعاً في الأردن والعالم، مدفوعاً بالتحول الرقمي والتوسع في استخدام التطبيقات الذكية في التعليم، الصحة، العمل الحكومي، والخدمات.
وأشار إلى أن الإستراتيجية الوطنية الأردنية (2023–2027) تهدف إلى تسريع دمج الذكاء الاصطناعي في القطاعات الحيوية، مع التركيز على أنظمة داعمة وليست بديلة للعنصر البشري
لكن بالرغم من أن الأتمتة والذكاء الاصطناعي سيؤديان إلى تقليص أعداد بعض الوظائف التقليدية، إلا أن التقارير تؤكد أن الهدف هو تكامل الذكاء الاصطناعي مع القوى العاملة، لا استبدالها.
وقال غندور: “التحدي الحقيقي ليس في “إحلال” البشر، بل في “إعادة تشكيل” المهارات المطلوبة والوظائف المستقبلية”.
وأكد غندور أن كل المعطيات في العالم والأردن تظهر زيادة استخدام الذكاء الاصطناعي في المهام المتكررة والإدارية، وتوفير وظائف جديدة في مجالات تحليل البيانات، الأمن السيبراني، تطوير الأنظمة، والتعليم الذكي، وارتفاع الطلب على المهارات التقنية والمعرفية مقابل انخفاض في الطلب على المهارات اليدوية والروتينية.

الذكاء الاصطناعي سيغير طبيعة العمل
وعن رأيه فيما إذا كان الذكاء الاصطناعي سيحل محل البشر، أكد غندور أن ذلك لن يحصل بشكل واسع خلال السنوات القريبة، لكنه سيغير طبيعة العمل، ويقلل الحاجة إلى بعض الوظائف، ويرفع الحاجة إلى مهارات جديدة، المسألة ليست في “الاستبدال” بل في التحول.
وعن ما مطلوب في الأردن لمواكبة التطور؟ قال غندور: “إن إصدار الإستراتيجية الوطنية خطوة مهمة، لكنها لا تكفي دون تطبيق فعلي، المطلوب من الحكومة تفعيل الإستراتيجية ببرامج تنفيذية واضحة، وربط التعليم بسوق العمل، وتحديث التشريعات لحماية الحقوق وتنظيم الاستخدام.

كيف نستفيد من الذكاء الاصطناعي؟
واشار إلى أن المؤسسات مطالبة بتأهيل كوادرها وتبني حلول عملية بالذكاء الاصطناعي، لا الاكتفاء بالشعارات، أما الأفراد فعليهم الاستثمار في تعلم المهارات الرقمية، وفهم أدوات الذكاء الاصطناعي بدل الاكتفاء باستخدامها بشكل سطحي والتعامل مع الذكاء الاصطناعي يجب أن يتحول من استهلاك سلبي إلى توظيف واعٍ يخدم المجتمع والاقتصاد.

مواكبة التطور تبدأ بتغيير العقليات قبل الأدوات
وأكد غندور أنه مع وضع قانون ينظم استخدام الذكاء الاصطناعي، لأنه بدون تنظيم قد يتحول إلى أداة للتمييز أو التلاعب أو انتهاك الخصوصية.
وأضاف، ” من الأمثلة على ذلك استخدام خوارزميات القبول أو التوظيف، التي قد تكرر تحيّزات اجتماعية دون وعي وأيضًا، في القطاع الصحي، قرارات التشخيص أو وصف العلاج عبر الذكاء الاصطناعي تحتاج إلى مساءلة واضحة في حال حدوث خطأ، القانون لا يقيّد الابتكار، بل يحمي الأفراد ويحدد المسؤولية، ويشجّع على الاستخدام العادل والآمن للتقنية”.

إحصاءات ومؤشرات
تظهر إحصاءات عالمية أن تبني الذكاء الاصطناعي في المؤسسات عالميا ارتفع إلى 55 % في عام 2023، ووصل إلى 72 % في عام 2024 وقد استخدمت 33 % من الشركات الذكاء الاصطناعي التوليدي في عام 2023، وارتفعت النسبة إلى 65 % في عام 2024.
وذكرت الإحصاءات العالمية أن 92 % من الشركات تستعد للاستثمار في الذكاء الاصطناعي التوليدي خلال السنوات الثلاث القادمة (من 2025).
وأشارت الدراسات إلى أن الشركات تستخدم ما معدله 3.8 قدرات مختلفة للذكاء الاصطناعي في عام 2022، ارتفاعًا من 1.9 في عام 2018 ويظل الاستخدام الأكثر شيوعًا للذكاء الاصطناعي هو تحسين عمليات الخدمة.

حاجة إلى تنظيم شامل للذكاء الاصطناعي
وأكدت الخبيرة في مجال الحقوق الرقمية والتكنولوجيا الناشئة الدكتورة نهلا المومني أن الذكاء الاصطناعي ” يتطلب تنظيما شاملا في إطار قانون واحد يضمن الإحاطة بجوانب التنظيم كافة، مع ضرورة أن يترافق ذلك مع حوار مجتمعي يضم جميع الفئات”.
وأوضحت أنه يوجد عدد من الصكوك الدولية التي أكدت على ضرورة تنظيم الذكاء الاصطناعي أبرزها: خريطة الطريق للتعاون الرقمي لعام 2020م والتي حددت ثمانية مجالات عمل رئيسة يتمثل أبرزها في ضرورة تنظيم الذكاء الاصطناعي بما يؤدي إلى الحد من ارتكاب الجرائم وضمان حماية حقوق الإنسان في العصر الرقمي.
وزادت، “بالإضافة إلى ذلك فإن الميثاق الرقمي العالمي الصادر عن الأمم المتحدة عام 2024 اكد على ضرورة تعزيز الحوكمة الدولية للذكاء الاصطناعي ووضع الضمانات الكفيلة لمنع ومعالجة أي تأثير سلبي على حقوق الإنسان ناجم عن استخدام الذكاء الاصطناعي”.

قانون الذكاء الاصطناعي في الاتحاد الأوروبي
وبينت أنه في الإطار الإقليمي، يعد قانون الذكاء الاصطناعي لعام 2024 المعتمد في إطار الاتحاد الأوروبي نموذجا تنظيميا، يحقق توازنا بين الابتكار والتشجيع عليه ولكن في إطار المسؤولية عن المخاطر المحتملة، وبين حماية حقوق الأفراد من خلال ضمان عدم استخدام الذكاء الاصطناعي بما يؤدي إلى التمييز بين الأفراد أو انتهاك خصوصياتهم.
وأشارت إلى أنه من أجل ذلك صنف القانون أنظمة الذكاء الاصطناعي إلى مستويات وفقا لدرجة خطورتها وتأثيرها على حياة الأفراد وحقوقهم ويستتبع ذلك عقوبات أو نتائج تترتب على مخالفتها.

الاتساق مع المعايير الدولية
الاتساق مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان يتطلب اتخاذ الإجراءات اللازمة لغايات تقنين الذكاء الاصطناعي في إطار الدول بالنتيجة وهو ما ينبغي السعي له في الإطار الوطني الأردني ، حيث تم اعتماد الإستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي. ويعد تنظيم هذه الأداة من خلال تمكين بيئة تشريعية وتنظيمية مسؤولة هدفا أساسيا تنفيذيا في هذه الإستراتيجية؛ وهذا التنظيم ينبع من كون الذكاء الاصطناعي يعد وسيلة من وسائل ارتكاب الجرائم ولا بد من مواكبة التشريعات الوطنية للأفعال التي قد تنتج عن استخدام الذكاء الاصطناعي.
المنظومة القانونية الوطنية تفتقر إلى تنظيم شمولي
وترى المومني أن المنظومة القانونية الوطنية ما تزال حتى الآن تفتقر لتنظيم شمولي وتقتصر الحماية على نصوص مبعثرة في عدة قوانين، مثل قانون حماية البيانات الشخصية وقانون الجرائم الإلكترونية الذي يضمن تجريم انتهاك الحياة الخاصة للأفراد من صور أو اصطناع مقاطع فيديو أو غير ذلك من أفعال للتلاعب بمكونات هذه الحياة، كما تم تغليظ العقوبات في حال استخدام التكنولوجيا الناشئة والتي من ضمنها الذكاء الاصطناعي لاستغلال الأطفال أو الأشخاص ذوي الإعاقة أو المصابين بأمراض نفسية وغير ذلك.

التنظيم يجب أن يكون على مستوى دولي
وزير الاتصالات الأسبق الدكتور عزام سليط يرى أن الذكاء الاصطناعي يشهد تطورات مذهلة اليوم، وبدأ يسيطر على أجزاء من أعمالنا، واهتماماتنا اليومية وهذه السيطرة هي في تمدد سنة بعد سنة.
ويرى سليط أن علم الذكاء الاصطناعي يشهد تطورا بمقدار التقدم في علوم التكنولوجيا المختلفة، مؤكدا على أهمية مواكبة تطوراته محليا، وأهمية أن تجري عملية لتنظيمه ولكن بالربط مع التنظيم الدولي
(على مستوى العالم) لهذه التقنية كما جرى في مسألة حوكمة الإنترنت، فالقضية متشابكة ومترابطة إلى حد كبير ما يتطلب تعاونا وإقرارا لتنظيمات تحكم العالم كله قبل التنظيمات المحلية في كل دولة.
خلال الربع اللأول من العام الحالي، ومع ما يشهده سوق الذكاء الاصطناعي من طفرة ومنافسة شديدة، دعت رسالة مفتوحة – شارك في توقيعها عشرات الأشخاص في مجال الذكاء الاصطناعي، بمن فيهم الملياردير إيلون ماسك – إلى إيقاف جميع التطورات الأكثر تقدمًا من الإصدار الحالي من روبوت الدردشة شات جي بي تي للذكاء الاصطناعي، وذلك لوضع تدابير سلامة صارمة وتطبيقها

الذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل العالم
الخبير في مجال البيانات والتقنية الدكتور حمزة العكاليك قال: لم يعد الذكاء الاصطناعي ترفًا تقنيًا أو تصورًا مستقبليًا، بل أصبح قوة حاضرة بقوة تعيد تشكيل العالم من حولنا. فمع كل تقدم في النماذج التوليدية والأنظمة المستقلة، يزداد الحديث عن التحولات الكبرى التي ستحدث في سوق العمل، والبيئة، والثقة المجتمعية.

المخاوف الثلاثة
وأضاف العكاليك، أنه في هذا السياق تبرز ثلاثة مخاوف رئيسة تحتاج إلى نقاش جاد واستجابة إستراتيجية سريعة: إحلال الإنسان، استنزاف الطاقة، وتآكل الثقة العامة.
وبين أن التقديرات تظهر أن الذكاء الاصطناعي قد يستبدل ما يقارب 300 مليون وظيفة عالميًا، ما يعادل 9 % من سوق العمل العالمي.
وقال العكاليك: “المثير للقلق أن التأثير لا يقتصر على المهام الروتينية، بل يمتد ليشمل موظفي المكاتب، والبنوك، ومراكز الاتصال، وحتى الوظائف التي تتطلب مؤهلات عليا” لافتا إلى أن الإحصائيات تظهر أن 27 % من الحاصلين على شهادات جامعية يعملون في وظائف معرضة للخطر، مقابل 3 % فقط لمن لم يكملوا التعليم الثانوي.

الاقتصادات المتقدمة والذكاء الاصطناعي
وأضاف العكاليك، أنه على المستوى العالمي، فالتباين واضح: الاقتصادات المتقدمة الأكثر اعتمادًا على الخدمات الرقمية تبدو الأكثر هشاشة أمام موجة الأتمتة، في حين أن الاقتصادات النامية، التي تعتمد على العمالة اليدوية، ستشهد تأثيرًا أقل حدة.
وفي سياق متصل قال العكاليك: “وراء بريق الابتكار، يُخفي الذكاء الاصطناعي تكلفة بيئية ثقيلة، فالنماذج العملاقة مثل “التشات جي بي تي 4″ تتطلب كميات هائلة من الكهرباء والماء، مشيرا إلى أن التأثيرات البيئية عند الكهرباء فقط، بل تشمل المياه”.

تحدي التزييف العميق
وأكد على تحدي التزييف العميق الذي اعتبره أحد أخطر التحديات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، كونه يُمكّن إنتاج صور ومقاطع صوتية أو مرئية مزيفة يصعب تمييزها عن الحقيقة وهذا التهديد لا يقتصر على التضليل الإعلامي، بل يهدد جوهر الحقيقة نفسها.
وأشار العكاليك إلى أنه استجابة لهذه المخاوف، اعتمد الاتحاد الأوروبي في 2024 قانون الذكاء الاصطناعي، الذي يُعد أول تشريع شامل ينظم الذكاء الاصطناعي بناءً على مستويات المخاطر. حيث تم تصنيف الأنظمة إلى أربع فئات: غير مقبولة، عالية، متوسطة، ومنخفضة المخاطر وتم حظر استخدام الذكاء الاصطناعي في بعض التطبيقات مثل التلاعب بالأطفال أو التصنيف الاجتماعي، كما فرض القانون شروطًا على النماذج التوليدية مثل ” التشات جي بي تي” ، بما في ذلك الإفصاح عن أن المحتوى تم إنشاؤه بالذكاء الاصطناعي، ومنع إنشاء محتوى غير قانوني، وتوفير ملخصات للبيانات المستخدمة في التدريب.
وأضاف قائلا: “رغم ريادة أوروبا، إلا أن دولًا مثل الولايات المتحدة ما زالت تعتمد على تنظيمات محلية غير موحدة، في حين تتقدم دول مثل كينيا وسنغافورة وسويسرا بخطى ثابتة نحو أطر تنظيمية خاصة بها”.

المشهد لا يخلو من الأمل
ورغم التهديدات، لا يخلو المشهد من أمل بحسب العكاليك الذي قال “المنتدى الاقتصادي العالمي يتوقع توفير 78 مليون وظيفة جديدة بحلول 2030، مقابل فقدان 92 مليونا وتشمل الوظائف الأسرع نموًا: اختصاصيي الذكاء الاصطناعي، مطوري البرمجيات، والمهنيين في مجالات (العلوم، التكنولوجيا، الهندسة، الرياضيات).

مفترق طرق
ولخص العكاليك قائلا: ” يقف العالم اليوم أمام مفترق طرق تاريخي، فبينما يُظهر الذكاء الاصطناعي قدرة هائلة على حل مشكلات معقدة وتحفيز الابتكار، إلا أنه قد يتحول إلى قوة مدمّرة إذا لم يُدار بحكمة، الخطر لا يكمن في التقنية بحد ذاتها، بل في طريقة توجيهنا لها، إن المستقبل الآمن للذكاء الاصطناعي لا يتطلب فقط التنظيم، بل قيادة شجاعة، وتعاونًا دوليًا، واستثمارًا في الإنسان قبل الآلة”.

الذكاء الاصطناعي.. هل يسهم بتطوير التعليم وتحسين جودته؟

في عصر تتسارع فيه الخطى نحو الرقمنة، يبرز التعليم القائم على الذكاء الاصطناعي، كأحد أبرز الحلول المبتكرة لتعزيز جودة العملية التعليمية.

وبينما يعتمد هذا النموذج التعليمي على تحليل البيانات الدقيقة لأداء الطلبة، وتقديم محتوى تفاعلي يتكيف مع احتياجاتهم، ما يحقق تحسين النتائج الأكاديمية وزيادة فاعلية التعلم، كما يوفر للمعلمين أدوات تشخيص ومتابعة لحظية، تتطور كفاءاتهم وتمنحهم القدرة على التدخل التربوي السريع والفعّال، أكد خبراء في التربية، أن إدماج تطبيقات الذكاء الاصطناعي في التعليم المدرسي، خطوة رائدة لبناء بيئة تعليمية أكثر حيوية وتفاعلية، ونقلة نوعية، تضع التعليم على مسار جديد يتواكب مع متطلبات العصر الرقمي.

وبينوا في أحاديث منفصلة لـ”الغد”، أن استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم، ينمي التفكير النقدي ومهارات التحليل، وحل مشكلات الطلبة، ويرفع من منسوب الوعي بتقنياته وتطبيقاتها في الحياة اليومية، والمجالات المهنية، مبينين أن دمج أدواته وتطبيقاته يسهم بتحقيق أهدافا تربوية جوهرية، منها: إعداد الطلبة للعصر الرقمي، عبر تمكينهم من استخدام أدواته والتقنيات الحديثة، بما ينهض بخبراتهم التعليمية ويؤهلهم للمستقبل.

الذكاء الاصطناعي حاضر بقوة
وبهذا الصدد، قالت الخبيرة التربوية ربى العمري، إن العالم يشهد تطورات متسارعة في الذكاء الاصطناعي الذي أصبح حاضرًا بقوة في مختلف القطاعات، ويُعد قطاع التعليم في مقدمتها، نظرًا لما يتمتع به من قابلية عالية للاستفادة من قدراته. معتبرا انه من الضروري على المعنيين بالتعليم، التفكير الجاد بسبل دمج الذكاء الاصطناعي ضمن منظومة تعليمية، والتعرف على أدواته وتطبيقاته وتوظيفها في العملية التربوية.

وأكدت العمري، أن إدماج تطبيقات الذكاء الاصطناعي بالتعليم المدرسي، خطوة رائدة لبناء بيئة تعليمية أكثر حيوية وتفاعلية، ونقلة نوعية، تضع التعليم على مسار جديد يتواكب مع متطلبات العصر الرقمي، كما تسهم هذه العملية بتحقيق أهداف تربوية جوهرية، كإعداد الطلبة للعصر الرقمي، بتمكينهم من استخدام تلك الأدوات الذكاء الاصطناعي والتقنيات الحديثة، ليصبحوا مؤهلين بخبرات مستقبلية.

ولفتت لأهمية تطوير العملية التعليمية بإدماج مهارات الذكاء الاصطناعي في المناهج، وأساليب التدريس، والأنشطة التعليمية، ما يوسع فرص التعلم والوصول للمعرفة، وتحسين الأداء الإداري في المؤسسات التعليمية، بما يسمح بالتركيز على التعليم.

وأشارت إلى أنه يدعم اتخاذ القرار التربوي، بالاعتماد على تحليل البيانات التعليمية والمخرجات التربوية، محققا بذلك فاعلية أكبر في التخطيط والتقييم، والتفاعل والتواصل بين المعلمين والطلبة، والمؤسسات التربوية والمجتمع المحلي، بما يحقق بناء بيئة تعليمية تشاركية، وتطوير منظومة التعليم المهني، وتحسين جودة التدريب عبر محاكاة البيئات العملية، وتوفير تجارب تعليمية واقعية، دون الحاجة لمعدات مادية باهظة، فضلًا عن ربط البرامج التعليمية باحتياجات سوق العمل.

وأوضحت العمري، أن الانتقال من توظيف التقنيات التقليدية في التعليم إلى دمج الذكاء الاصطناعي، تحول عميق في فلسفة التعليم المعاصر، إذ تصبح البيانات والتحليل، والتفاعل الذكي، المحرك الأساسي لعملية التعلم، ما يفتح آفاقًا جديدة لتعليم مخصص وفعّال.

ولضمان نجاح الدمج وتحقيق الأهداف، أشارت لضرورة اتباع خطوات منهجية، تشمل: وضع إستراتيجية وطنية واضحة المعالم، تراعي الأولويات والاحتياجات الفعلية للبيئة التعليمية المحلية، وتقييم الوضع القائم من حيث البنية التحتية التكنولوجية، وجاهزية الكوادر التعليمية والطلبة، وتحديد الفجوات في الموارد والمهارات.

تحديث البنية التحتية التقنية
كما أشارت إلى تحديث البنية التحتية التقنية بتوفير شبكات اتصال إلكترونية عالية الجودة، وأجهزة وتقنيات حديثة للمعلمين والطلبة، وتطوير منصات تعليمية تدعم الذكاء الاصطناعي، وتقدّم محتوى تفاعليًا، مع ضمان أمن البيانات وسريتها إلى جانب بناء القدرات وتدريب الكوادر التعليمية والإدارية على استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي بالتدريس والتقويم والإدارة، عبر برامج تدريبية مستمرة، وخلق ثقافة مؤسسية داعمة لهذا التوجه.

ولفتت العمري إلى تعزيز الشراكات مع القطاع الخاص والمؤسسات العالمية، لتوفير حلول تقنية ودعم فني وخبرات، وتصميم محتوى تعليمي ذكي، وتطوير تطبيقات تعليمية تعتمد على الذكاء الاصطناعي، متوافقة مع المناهج واحتياجات المتعلمين، والتقييم المستمر وقياس الأثر، لضمان التحسين والتطوير الدائمين، وتشجيع البحث والابتكار بدعم الجامعات ومراكز الأبحاث، لتطوير حلول تعليمية قائمة على الذكاء الاصطناعي، والتوعية المجتمعية بأهميته.
وأكدت العمري على أن الذكاء الاصطناعي، ليس بديلاً عن المعلم، بل شريكًا ذكيًا له، فدور المعلم محوري كمرشد ومحفّز وميسّر للتعلم، لما يتمتع به من قدرة على التفاعل الإنساني، وتعزيز التفكير النقدي والإبداعي لدى الطلبة، وهي جوانب لا يمكن للذكاء الاصطناعي الحلول مكانها، لكنه يتولى  المهام الروتينية، ويوفّر أدوات تدعم تعلّمًا أكثر تخصيصًا وفعالية.

إدماج الذكاء
الاصطناعي بالتعليم
بدوره، قال الخبير التربوي فيصل تايه، إن التطوّرات المتسارعة في تقنية المعلومات والاتصالات، حتمية، مضيفا أن إدماج الذكاء الاصطناعيّ بالتعليم، مطلب رئيس في عصر الرقمنة، يقود لإحداث تحوّلات في التعليم، تستوعب التحديثات وتقوم بدمجها، فهو أحد أبرز التقنيات الثورية التي شهدت تطوراً ملحوظاً في العقود الأخيرة، وقد أثبتت قدرتها على إحداث تغييرات جذرية بقطاع التعليم.

وأشار تايه إلى أنه ليس مجرد أداة تقنية متقدمة، بل شريكاً فاعلاً يسهم بإعادة صياغة المناهج التعليمية، وتطوير أساليب التدريس، وتحسين تجربة التعلم.
وأوضح أن أحد أبرز إسهاماته، هي التخصيص الفائق لمسارات التعلم، فبدلاً من منهج واحد يناسب الجميع، يمكن للأنظمة المدعومة به تحليل أنماط تعلم الطلبة، وكذلك نقاط قوتهم وضعفهم، ومن ثم تكييف المحتوى التعليمي والأنشطة، لتتناسب مع احتياجات كل منهم على حدة.

ولفت إلى أن الذكاء الاصطناعي، يوفر تغذية راجعة فورية ودقيقة، يمكن للمنصات التعليمية المدعومة به تصحيح الواجبات والاختبارات بسرعة فائقة، وتقديم ملاحظات تفصيلية للطلبة حول بأخطائهم، وكيفية تحسين أدائهم، ما يساعدهم على تصحيح مفاهيمهم قبل أن تتأصل. مشيرا إلى أنه يؤدي دورا حيويا في أتمتة المهام الإدارية، ما يوفر للمعلمين وقتًا أثمن لتركيز جهودهم على التدريس، وتطوير المناهج، وتقديم الدعم الفردي للطلبة وتعزيز جودة التعليم.

انعكاسات إيجابية كبيرة
الخبير التربوي عايش النوايسة، قال إن التحول في شكل التعليم ضرورة في ظل التطورات الرقمية المرتبطة بالذكاء الصناعي، مضيفا أن نظم التدريس التقليدية لم تعد قادرة على مواجهة التغيرات أو تقديم تعليم نوعي يتلاءم مع طبيعة العصر واحتياجات المتعلمين واهتماماتهم. مبينا أن استخدام الأنظمة الذكية المرتبطة به في التعليم، يظهر انعكاسات إيجابية كبيرة؛ إذ توفر هذه الأنظمة تعليما يراعي الاحتياجات الفردية للطلبة، ويعالجها.

وأوضح النوايسة، أن الأنظمة الذكية تعتمد عليه لتحليل مستويات الطلبة، وتحديد نقاط قوتهم وضعفهم، وبالتالي تصميم تعليم يتناسب مع قدراتهم واحتياجاتهم، فإذا كان الطالب ضعيفا في الرياضيات كمثال، يقدم له النظام تمارين إضافية بأسلوب مبسط، يساعده على الفهم بشكل أفضل، ويركز على معالجة نقاط ضعفه.

كما أن هذه الأنظمة، بحسب النوايسة، تجعل التعليم أكثر متعة، عبر التنوع في الوسائل والأنشطة، واستخدام الألعاب، وغيرها من الأدوات التي تحفز الطلبة، وتولد دافعية أعلى للتعلم.

ولفت إلى أن مثل هذه الأنظمة، تعتمد على التغذية الراجعة والفورية لتصحيح مسار تعلم الطلبة، والتخفيف من عبء المعلم؛ بجعله يركز على دعم تحسين التعلم، ويوفر مرونة كبيرة؛ ويختصر قيود المكان والزمان، ما يسمح للطلبة والمعلمين بممارسة أنشطة التعليم دون تقيد بحصة صفية تقليدية، ويتيح مساحة أكبر للإبداع، ويشرك أولياء الأمور بتحمل مسؤولية تعلم أبنائهم، ويدعم تعلم الطلبة ذوي الاحتياجات الخاصة، بتوفير أنظمة ذكية تشمل الصوت والصورة، وتتيح للمعلم والمتعلم حرية التحكم فيها.

ومع ذلك، بين النوايسة، إن هذا النوع من التعليم يحتاج لبيئة مناسبة تشمل بنية تحتية تقنية متطورة، كتوفير الإنترنت عالي السرعة لضمان تشغيل الأنظمة الذكية بسلاسة، وتزويد المدارس بالحواسيب اللوحية (Tablets)، والسبورات الذكية، وأجهزة الواقع الافتراضي (VR).

وأشار إلى أن هذا النوع من التعليم، يتطلب استخدام منصات تعليمية تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتحليل مستوى الطالب، وتقديم محتوى مخصص، لافتا لضرورة تدريب المعلمين على استخدام أنظمة التعليم الذكي، وتطبيق أدوات كتحليل البيانات والتعليم التفاعلي، لذا يجب تطوير المناهج الدراسية التقليدية لتكون متوافقة مع الأنظمة الذكية، واستخدام تقنيات كالألعاب التعليمية، ومقاطع فيديو تفاعلية، واختبارات مخصصة لتناسب القدرات الفردية للطلبة.

المصدر 

نائب الملك يرعى إطلاق مسابقة دولية للأمن السيبراني في عمان

رعى نائب جلالة الملك، سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني ولي العهد، أمس الأحد، إطلاق المسابقة الدولية آرميثون 2024 المخصصة للجيوش والأجهزة الأمنية بمجال الأمن السيبراني والتشفير بنسختها الثانية.

ويشارك في المسابقة 20 فريقا من 13 دولة، إذ يخوض المتسابقون مجموعة من التحديات تعزز قدرات التصدي للتهديدات السيبرانية وحماية الأنظمة والبيانات الحساسة مثل التحقيقات الرقمية وفحص ثغرات المواقع الإلكترونية ودمج الأمن السيبراني مع البيانات السحابية والطائرات المسيرة.

وأشار رئيس اللجنة التوجيهية العليا للمسابقة، مدير عام المركز الأردني للتصميم والتطوير “جودبي” العميد المهندس أيمن البطران في كلمته إلى أن المركز يطلق مبادرات محلية وعالمية لنشر الوعي وتطوير الحلول في مجال الأمن السيبراني، تنفيذا للرؤية الملكية ولمواكبة التحول الرقمي.

وأضاف البطران أن مبادرات “جودبي” تهدف لجعل الأردن مركزا إقليميا رائدا عبر بناء شراكات محلية ودولية، والمساهمة في رفع الوعي وتبادل الخبرات، وتطويرِ قدرات الشباب وتوجيه طاقاتهم نحو مجالات الأمن السيبراني والابتكار التكنولوجي.

من جانبه، قال رئيس اللجنة التنظيمية والمتحدث باسم “جودبي” المهندس راتب أبو الراغب إن المسابقة، التي تقام على مدار ثلاثة أيام، تشهد مشاركة فريقين من كازاخستان وأستراليا بصفة مراقب، وفريق محكمين من الأردن والولايات المتحدة وبريطانيا.

ولفت إلى أن تحديات المسابقة تم تصميمها من قبل خبراء أردنيين حاصلين على جوائز عالمية بالتعاون بين “جودبي” وجامعة الأميرة سمية للتكنولوجيا، التي أسست شركة ديفسيك الناشئة للطلبة الخريجين المتخصصة بتقديم خدمات الأمن السيبراني، وتشمل فحص الاختراق والتحقيق بالجرائم الإلكترونية وإقامة مسابقات الأمن السيبراني والأمن السحابي وفك التشفير، وشركة صقر درون، المتخصصة بحلول الطائرات من دون طيار.

وبين أن النسخة الثانية من المسابقة تتضمن جلسات حوارية متخصصة في مختلف مجالات الأمن السيبراني.

وحضر الإطلاق رئيس مجلس النواب ووزراء ومسؤولون وكبار الضباط في القوات المسلحة الأردنية- الجيش العربي والأجهزة الأمنية، وسفراء وملحقون عسكريون.

المصدر-(بترا)

“الأمية السيبرانية”.. مفهوم لا يقل خطرا عن الجهل بالقراءة والكتابة

 في ظل تضخم الجرائم الإلكترونية التي يواصل قراصنة العالم الرقمي ارتكابها باحتراف، تصبح الحاجة أكثر إلحاحا يوما بعد يوم لـ”محو الأمية السيبرانية” بحسب ما يؤكده خبراء.

وفي بلد مثل الأردن، يشهد فيه النمو الرقمي تضخما متناميا، يبين خبراء أن “محو الأمية السيبرانية” يتطلب اعتماد أنظمة تعليمية متينة تشمل كل فئات المجتمع وبرامج توعية، وتعليم وتدريب للتعامل “الجهل الرقمي” وهو ما يوازي أحيانا “الجهل بالقراءة والكتابة” في ظل تحول رقمي مهول يتعرض له 5.5 مليار إنسان منهم أكثر من 11 مليونا محليا.

ويؤكد خبراء أن مسؤولية الحد من الأمية السيبرانية ليس مسؤولية فردية أو مسؤولية جهة واحدة ولكنها مسؤولية وطنية وجماعية تقع على عاتق الجميع، الحكومات والمؤسسات والشركات والنظام التعليمي والأفراد.
تعريف “الأمية السيبرانية”
لا يوجد تعريف محدد لمفهوم “الأمية السيبرانية” لكن يمكن وصفها بأنها عبارة عن “نقص في المعرفة والفهم الأساسيين” للمخاطر والتحديات المرتبطة بالفضاء السيبراني، بما في ذلك التهديدات الأمنية الرقمية، والممارسات الآمنة، وعواقب الإجراءات المتخذة في البيئة الرقمية”.
ومن الأمثلة على ذلك، عدم الإلمام بمخاطر التصيد الاحتيالي والبرامج الضارة وهندسة البرمجيات الاجتماعية، بالإضافة إلى عدم القدرة على تطبيق ممارسات الأمن السيبراني الأساسية مثل استخدام كلمات مرور قوية، وتفعيل المصادقة متعددة العوامل، وتوخي الحذر من الروابط المشبوهة.
باختصار، تعكس الأمية السيبرانية عدم القدرة على التعامل مع العالم الرقمي بأمان ومسؤولية.
وتقوم الجهات الرسمية الأردنية المعنية بقطاعات الاتصالات والتقنية والاقتصاد الرقمي بجهود للتوعية وبث الرسائل التوعوية، منها وحدة الجرائم الإلكترونية ووزارة الاقتصاد الرقمي والريادة والمركز الوطني للأمن السيبراني وهيئة تنظيم قطاع الاتصالات.
وفي إطار هذه الجهود المحلية، أطلق المركز الوطني للأمن السيبراني في الربع الأخير من عام 2023 ” منصة سيف اون لاين” التوعوية بهدف نشر التوعية بكل ما يتعلق بالأمن السيبراني وتوفير النصائح والإرشادات التي من شأنها حماية الأفراد في الفضاء السيبراني وتحصينهم من التعرّض لحوادث الأمن السيبراني مثل الاحتيال الإلكتروني وسرقة المعلومات والبيانات وغيرها الكثير.
وتحتوي منصة “سيف اون لاين” على نصائح وإرشادات متنوعة تستهدف الأفراد والعائلات والأطفال إلى جانب عدد كبير من النصائح الموجهة للشركات وأصحاب الأعمال، إذ يؤمن المركز بأهمية توفير منظومة أمن سيبراني متكاملة وموثوقة على جميع المستويات وذلك لتحصين جميع فئات المجتمع من مخاطر وتهديدات الأمن السيبراني.
عالم مترابط يحتاج وعيا سيبرانيا
وقال الخبير في تخصص الأعمال الإلكترونية الأستاذ الدكتور أحمد غندور: ” نعيش في عالم مترابط، إذ إن كل نقرة وكل تمرير شاشة تحمل أثرا مباشرا في حياتنا الاجتماعية والعملية اليومية”.
وأضاف غندور “رغم ذلك، ما يزال كثيرون يظنون أن الأمن السيبراني ليس من مسؤوليتهم ويعتبرونه شأنا تقنيا يخص قسم تكنولوجيا المعلومات أو الإدارة أو الحكومة، هذه النظرة لم تعد مقبولة وعدم فهم المخاطر السيبرانية الأساسية وكيفية التعامل معها أصبح شكلا جديدا من الأمية، فالأمية السيبرانية هي الأمية الجديدة، وهي أخطر مما نتخيل”.
ويرى غندور أن من لا يعرف القراءة والكتابة يوصف بالأمي، ومن لا يعرف كيف يحمي نفسه رقميا، يُصبح عرضة للخطر، ويجعل من حوله عرضة أيضا، لذا فالأمية السيبرانية هي خطر.
في الأردن يقدر عدد مستخدمي الإنترنت بأكثر من 11 مليون مستخدم، كما يتجاوز عدد مستخدمي الأجهزة الخلوية الذكية الـ8 ملايين مستخدم.
الوعي السيبراني سلوك
ويرى غندور أن الاختراقات وتعرضنا المستمر للقرصنة ليس مشكلة تقنية فقط، بل سلوكا بشريا، موضحا أن الأمن السيبراني يبدأ من الفرد، وليس من الجهاز، فالجدار الناري لا يحمي المستخدم من جهله.
وقال: ” كل شخص، مهما كان دوره، يجب أن يمتلك وعيا سيبرانيا أساسيا وكل مدرسة، جامعة، ومؤسسة يجب أن تتعامل مع الأمن السيبراني على أنه معرفة أساسية، بنفس الطريقة التي نجري فيها تدريبات إخلاء عند نشوب الحرائق، ويجب أن نجري تدريبات على التعامل مع الهجمات السيبرانية، تمارين تصيّد إلكتروني وهمية، ومحاكاة اختراق، وخطط استجابة وأدوار واضحة لكل فرد في حالة وقوع حادث أمني، هذه التمارين يجب أن تُنفذ دوريا وعلى جميع المستويات من: الإدارة، الموظفين، المعلمين، والطلاب”.
وأضاف غندور، “لبناء السلوكيات يتطلب الالتزام والقدوة ويجب أن يلتزم المديرون أولا بقواعد الأمن الرقمي، وألا يشاركوا كلمات المرور، وأن يُحدثوا أجهزتهم، وأن يبلغوا عن أي محاولة مشبوهة وهذه الممارسات تنتقل تلقائيا إلى باقي الفريق والسلوك هو خط الدفاع الأول”.
وأكد أهمية تنفيذ التدريبات وأنها بشكل منظم ومتدرج، ومناسب للمستوى الفني لكل فئة، فلا فائدة من تدريب معلم ابتدائي على تقنيات متقدمة لا يستخدمها، بالمقابل، تجاهل تدريب الإداريين أو المديرين بحجة أنهم مشغولون هو مخاطرة كبيرة فكل شخص مستهدف وكل شخص مسؤول”.
الأمية السيبرانية تحد خفي
ويرى الخبير في مجال التقنية والبيانات د.حمزة العكاليك أن الأمية السيبرانية تعد واحدة ” من أخطر التحديات الخفية”، التي تهدد المجتمعات الحديثة ومنها المجتمع الأردني، ليس فقط على مستوى الأفراد، بل على مستوى الأمن الوطني والاجتماعي والاقتصادي.
وأوضح العكاليك أن الأمية السيبرانية “لا تعني فقط الجهل باستخدام التقنيات، بل تشمل عدم القدرة على التمييز بين المصادر الموثوقة والمضللة، والعجز عن حماية البيانات الشخصية، والافتقار إلى الوعي بمخاطر الهجمات الإلكترونية والخداع الرقمي”.
وأضاف، ” مع تسارع التحول الرقمي، أصبح الجهل بهذه المهارات خطرا يعادل في تأثيره الجهل بالقراءة والكتابة سابقا، وربما أشد”.
المواجهة مسؤولية وطنية
وأكد العكاليك ” أن الحد من هذه الأمية، ليس مسؤولية فردية أو خيارا ثانويا، بل مسؤولية وطنية ومجتمعية مشتركة تبدأ من السياسات الحكومية، مرورا بالمؤسسات التعليمية، وصولا إلى الأسرة والإعلام.
وقال: “يجب أن تُدمج الثقافة السيبرانية في المناهج الدراسية منذ المراحل المبكرة، وتُفعّل حملات التوعية العامة بأساليب تفاعلية ومواكبة لمستوى كل فئة عمرية، بحيث تُخاطب عقول الأطفال بقدر ما تلامس وعي كبار السن”.
ولفت إلى أن الشركات أيضا مطالبة بتدريب موظفيها وتعزيز ثقافة الأمن الرقمي داخل بيئات العمل، فالهجمات لا تستهدف فقط الأفراد، بل تمتد على شكل أوسع لتضرب مؤسسات بأكملها.
توعية الصغار والشباب
وتابع العكاليك، بالقول “لا بد من توعية الصغار والشباب والكبار، فالأمر ليس رفاهية، بل هو خط دفاع حيوي ضد خطر يهدد كل من يتعامل مع شاشة وهاتف وإنترنت، يجب أن نُعلّم الأطفال التفكير النقدي والتمييز بين ما هو حقيقي ومزيف، وأن نمنح الشباب أدوات الحذر الرقمي، ونساعد كبار السن على فهم أساسيات الأمان السيبراني”.
وأشار إلى أن كل منشور، كل رابط، كل نقرة قد تكون بوابة إلى تهديد خفي فبناء جيل رقمي واعٍ هو استثمار في أمان الأوطان الاقتصادي والأمني والسياسي، واستقرار المجتمعات، وكرامة الإنسان في زمن أصبحت فيه الهويات تُسرق بكبسة زر، والحروب تُخاض خلف الشاشات. فالتجاهل لم يعد خيارا، والتأخير قد يكون مكلفا جدا.
على من تقع المسؤولية؟
ومن جهته قال الخبير في مضمار الاتصالات والتقنية وصفي الصفدي “مسؤولية محو الأمية السيبراني هي مسؤولية جماعية ووطنية موزعة على عدة جهات”.
وقال “هناك مسؤولية على الحكومات، لافتا إلى أنه في الأردن، يتولى المركز الوطني للأمن السيبراني قيادة الجهود من خلال وضع الإستراتيجيات والأطر الوطنية وتنفيذ حملات التوعية العامة، فضلا عن قيام جهات رئيسة مثل وحدة الجرائم الإلكترونية،
ولفت إلى أن هناك مسؤولية على الشركات والمؤسسات التي يجب عليها الاستثمار في تدابير أمن سيبراني قوية وتوفير التدريب المنتظم للموظفين لحماية البيانات الحساسة، فضلا عن مسؤولية تقع على عاتق المؤسسات التعليمية التي ينبغي عليها دمج تعليم الأمن السيبراني في المناهج الدراسية على جميع المستويات، بدءا من مرحلة الطفولة المبكرة وحتى التعليم العالي.
وأكد الصفدي أن هناك مسؤولية كبيرة أساسية على أفراد يمثلون “جدار الحماية البشري” وخط الدفاع الأول، لذا يجب عليهم توخي الحذر وممارسة عادات آمنة عبر الإنترنت والإبلاغ عن أي أنشطة مشبوهة.
أهمية التعليم والتوعية لكل الشرائح
وشدد الصفدي على أن التعليم والتوعية اليوم هما عاملان حاسمان تعزز فهمنا، وبالتالي حمايتنا في العالم الرقمي، لافتا إلى أن هذين العاملين يجب أن يشملا كل الفئات العمرية في المجتمع.
وقال: ” بالنظر إلى التحول الرقمي المتسارع في الأردن وارتفاع معدلات الجرائم الإلكترونية، فإن تثقيف جميع الفئات العمرية يمثل ضرورة حيوية”.
وأوضح أنه بالنسبة لشريحة الأطفال ، يجب تزويدهم بأسس المواطنة الرقمية المبكرة، وتعليمهم كيفية تجنب المخاطر عبر الإنترنت، وحماية هوياتهم. وبالنسبة لشريحة شباب، قال الصفدي “على الرغم من إلمامهم بالتكنولوجيا، فهم عرضة للخطر، يساعدهم التعليم على فهم الهجمات المعقدة، وحماية معلوماتهم الشخصية والأكاديمية، وإدراك عواقب السلوك غير المسؤول عبر الإنترنت”.   وأكد أهمية توعية البالغين أيضا، نظرا لتعاملهم مع بيانات شخصية ومالية حساسة، فإنهم يمثلون أهدافا رئيسة.

المصدر الغد

عمان على خريطة المستقبل نحو اقتصاد رقمي مستدام: الطريق إلى مدينة ذكية

في خضم عالم يتغيّر بوتيرة متسارعة، لم يعد التحول الرقمي خيارا مؤجلا أو ترفا تنظيميا، بل تحوّل إلى شرط أساسي لبقاء المدن واستدامة ازدهارها. وفي قلب الشرق الأوسط، تنهض العاصمة الأردنية عمّان كلاعب طموح يحمل إرث الماضي ويستشرف معالم المستقبل، وهي تمضي بخطى إستراتيجية لتكون في صدارة المدن الذكية في المنطقة، ضمن رؤية ملكية يقودها جلالة الملك عبدالله الثاني وسمو ولي عهده الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، حيث يُعد التحول الرقمي ركيزة محورية في بناء اقتصاد معرفي مستدام ومجتمع أكثر عدالة وابتكارا.

المدينة الذكية:

من البنية إلى البوصلة
المدينة الذكية ليست شبكة من الأجهزة أو حزمة من التطبيقات، بل هي بوصلة جديدة للتنمية الشاملة. إنها إعادة تعريف جذرية للعلاقة بين الإنسان والمكان، حيث تُمكّن التقنية الإنسان لا أن تُقصيه، وتعيد توجيه طاقات المدينة نحو الرفاه والعدالة والإبداع.

وفي هذا السياق، لا يُنظر إلى التحول الرقمي كعملية تقنية فحسب، بل كمنهجية تفكير جديدة، تبدأ من تمكين المواطن، وتمر عبر تحويل البيانات إلى قيمة إستراتيجية، وتنتهي بـخلق مدن تستمع وتتعلّم وتستجيب. فالذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء، وتحليل البيانات لم تعد أدوات مرافقة، بل مكونات جوهرية في بنية المدن المعاصرة.
مشروعات تصنع الفرق عمّان اليوم لا تطرح شعارات بل تنفذ خطوات عملية، تضعها على مسار التحول الحقيقي.

 ومن أبرز المبادرات الذكية:
أنظمة النقل الذكية لتحسين حركة المرور وخفض الانبعاثات وتوفير الوقت.

المنصات الرقمية الموحدة التي تسهّل وصول المواطنين إلى خدمات التعليم، الصحة، والإسكان من نافذة واحدة.

البوابات الإلكترونية للخدمات البلدية التي اختزلت زمن الإجراءات وزادت من كفاءة العمليات.

مشاريع الطاقة المتجددة كتركيب الخلايا الشمسية وإنارة الشوارع الذكية، ما يعزز كفاءة الطاقة والاستدامة البيئية.

توسيع شبكات الإنترنت المجاني في الأماكن العامة لتمكين الجميع من الوصول إلى الفضاء الرقمي.

وبحسب الإحصائيات الرسمية، فإن أكثر من 68 % من خدمات عمّان أصبحت رقمية بالكامل، مع خطة للوصول إلى رقمنة شاملة في مختلف القطاعات بحلول عام 2027.

حضور المرأة الأردنية: من التقنية إلى القيادة تُسجّل عمّان تجربة ملهمة في إبراز دور المرأة الأردنية في قيادة التحول الحضري، حيث تؤدي النساء أدوارا محورية في مجالات هندسة البيانات، والتخطيط الذكي، وتصميم الأنظمة الرقمية.

وعبر مقاربة “أنسنة التقنية”، تسهم النساء في بناء مدينة ذكية لا تستنسخ فقط النماذج الغربية، بل تُعيد مواءمتها مع الهوية الأردنية، فتُصبح التكنولوجيا حاملة للقيم وليست بديلا عنها.

هذه الريادة النسائية لا تمثل فقط تمكينا نوعيا، بل تترجم واقعا اجتماعيا ناضجا يدرك أهمية التنوع في صناعة القرار الحضري، فهي شريك حقيقي وفاعل في صياغة المدينة الجديدة.

الأردنيات جزء لا يتجزأ من الحراك الحضري، وأن التقنية يمكن أن تُصاغ برؤية إنسانية تراعي الثقافة والهوية.

فمن خلال “أنسنة التقنية” أو ما يسمى بأنسنة الذكاء الاصطناعي، تصبح المدينة الذكية مساحة للتفاعل الإنساني، تتقاطع فيها الاحتياجات العاطفية والمعرفية للمجتمع مع حلول رقمية متقدمة، ما يعيد صياغة تجربة العيش في المدينة ويجعل منها كيانا نابضا بالابتكار والتنوع.

التحديات اختبارات للمرونة والإبداع ومسارات للفرص مثل أي مشروع تحولي جذري، لا تخلو رحلة عمّان من تحديات، بعضها تقني وبعضها تشريعي أو ثقافي، أبرزها:
الحاجة إلى أطر قانونية مرنة تواكب سرعة الابتكار وتضمن الخصوصية الرقمية.
تطوير الكفاءات البشرية المحلية لتصميم وإدارة الحلول الذكية بكفاءة واستقلالية.
تقليص الفجوة الرقمية بين العاصمة والمناطق الطرفية لتحقيق عدالة تقنية حقيقية.
تحفيز القطاع الخاص للاستثمار في التكنولوجيا والبنية التحتية الذكية.
لكن هذه التحديات لا تُعد عوائق بقدر ما هي فرص لبناء نموذج أردني فريد، يتكئ على خصوصية المجتمع ويُصدر حلولا ذكية إلى الإقليم والعالم.
من مدينة خدمات إلى منصة معرفة رقمية مفتوحة

ما يحدث في عمّان ليس رقمنة سطحية للخدمات، بل تحوّل جذري في فلسفة المدينة ووظيفتها. فالمدينة لم تعد مجرد مقدّم خدمات، بل منصة تفاعلية للمعرفة والتجريب والتشاركية، فهي تنتقل إلى فضاء مفتوح للابتكار والتجربة والتفاعل، حيث تصبح البيانات أداة للتخطيط، والمواطن شريكا في صنع المستقبل من خلال البيانات المفتوحة، وتطبيقات التفاعل المجتمعي، ونماذج الإدارة الذكية، كعنصر فاعل في تطوير مدينته، يقيّم، ويقترح، ويشارك في صنع القرار.

ومع تزايد الزخم الإقليمي للتحول الرقمي، تمتلك عمّان الفرصة لتكون مركزا عربيا للمدن الذكية، مستفيدة من نُخبها المؤمنة بالتغيير، ومن شبابها الطموح الذي يرى في التقنية أداة لخلق غد أفضل.

التقنية كرافعة اقتصادية
المدينة الذكية لا تعني تحسين الخدمات فحسب، بل إطلاق قوى اقتصادية جديدة، من خلال:
تحسين إدارة الموارد وتقليل الفاقد.
رفع كفاءة الإنفاق العام والعمليات التشغيلية.
خلق بيئة استثمارية جاذبة قائمة على الشفافية والحوكمة.
دعم الشركات الناشئة والابتكار التكنولوجي في الطاقة والمياه والنقل.
وفي ظل التقدّم التقني المتسارع في المنطقة، تصبح الرقمنة خيارا إستراتيجيا لتعزيز التنافسية وخفض التكاليف مقابل عائد تنموي واقتصادي مرتفع، ما يجعل الاستثمار في المدن الذكية استثمارا في المستقبل ذاته.

وقد أشارت تقديرات اقتصادية إلى إمكانية رفع الناتج المحلي بنسبة تصل إلى 4 % خلال خمس سنوات إذا تم تسريع تعميم الرقمنة وتوسيعها خارج العاصمة.

هذه الرؤية ليست فقط استجابة للمتغيرات، بل تعبيرا عن حبنا للأردن، وانتمائنا العميق لهذه الأرض. هذا المقال لم يأتِ من موقع تنظيري، بل من قناعة راسخة أن القمة تليق بالأردنيين، وأن مكاننا الطبيعي هو الصدارة، بجهود مخلصة وعقول مؤمنة، وبقيادة ترى في الإنسان الأردني مصدر قوة لا ينضب.

وفي الختام المدينة الذكية ليست نهاية الرحلة، بل بداية لمرحلة حضرية جديدة.

إنها انعكاس لوعي وطني متجدد يؤمن بأن التقدم لا يُقاس بعدد الأجهزة، بل بنوعية الحياة، وأن التقنية ليست هدفا بحد ذاتها، بل وسيلة لبناء مجتمع أكثر عدالة، شمولا، واستدامة.

ومع استمرار هذا التحول، فإن الأردن لا يواكب المستقبل فحسب، بل يُعيد صياغته بشخصيته وموروثه وابتكاره.

وتؤكد أن الإنسان الأردني، حين تتوفر له الرؤية والأدوات، يصنع مدينة تستحق أن تُدرج على خريطة العالم.

المصدر

ثورة الاتصالات والمعلومات والفرصة لوضع استراتيجيات للتطور وبناء الذات

مع ما يشهده العالم من تطور مذهل وهائل في ثورة الاتصالات والمعلومات فمن المتوقع أن يشهد العالم في السنوات المقبلة، تطورات هائلة في تكنولوجيا المعلومات ونظم الاتصالات، وبكل تأكيد سينعكس هذا على عمل وأداء الأنظمة المصرفية وطرق تقديم خدماتها المالية، ما سيؤدي إلى تغيير جذري وشامل في أسلوب تقديم الخدمات والحصول على المعلومات وتنقل رؤوس الأموال في الأسواق المالية العالمية وتوسع غير مسبوق في السوق المصرفية بشكل عام، خاصة ونحن نشهد انتشار وتطور للعمل المصرفي الإسلامي في السنوات الأخيرة وزاد معه الاهتمام بكفاءة أداء هذا القطاع بعد نجاحه في تجاوز آثار الأزمات المالية العالمية التي عصفت بالاقتصاد العالمي، مثل أزمة العام 2008، وأزمة  “كورونا” وما رافق ذلك من زيادة في الطلب على منتجاتها المالية. 

فاليوم نجد أنفسنا أمام حالة من التحدي تتطلب الارتقاء بأداء هذا القطاع وتطوير كفاءته ليواجه أشكال التحديات كافة، التي أصبحت حقيقة واقعية ولا مجال للتقليل من أهميتها أو تجاهلها.

وحتى يتحقق لنا ذلك لا بد من مراجعة أداء هذا القطاع بشكل دوري ومستمر وتحديد جوانب القصور لديه، حتى نتمكن من وضع سياسات لتطويره وتقدمه بالشكل الذي يحقق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية التي وجد من أجلها وكذلك الرجوع وبشكل مستمر، إلى آراء المتعاملين مع المصرف ومعرفة توجهاتهم فيما يتعلق بجودة الخدمات المقدمة لهم وتنوعها واتخاذ القرارات المناسبة، بما يضمن تطوير وتحسين هذه الخدمات.

هذا من جانب، ومن جانب آخر لكسب ثقة هؤلاء العملاء بمؤسساتهم المالية الإسلامية، فإنه يمكننا تأكيد ما يأتي:
– التوسع في نشر الخدمات الإلكترونية والتكنولوجية المستخدمة في تقديم هذه الخدمات، وهذا يساعد على عامل الدقة وتوفير الوقت أمام العملاء عند مراجعتهم للمصرف.

– اتباع وسائل التسويق المصرفي الحديثة والمتطورة، للتعريف بالخدمات المصرفية التي يقدمها المصرف الإسلامي.

– ضرورة الأخذ بعين الاعتبار خصوصية المجتمع الثقافية والاجتماعية ومراعاتها عند تواجد المصرف في مجتمعات ذات خصوصية معينة.

– في ظل تشابك العلاقات الاقتصادية العالمية والدخول في اتفاقيات دولية، علينا وضع برامج وخطط طويلة الأمد لتطوير خدمات هذه المصارف وقدرتها على المنافسة في الأسواق المصرفية العالمية.

– تطوير أداء العاملين في هذا القطاع، من حيث التدريب المستمر ووضع البرامج التي تؤهلهم للتعامل مع كل ما هو جديد في قطاع الخدمات المالية أو التكنولوجية المستخدمة في المصرف.

– حسن استقبال العملاء وطبيعة التعامل معهم يعتبران من أهم العوامل التي تؤدي لكسب ثقتهم، لهذا، فإن الاهتمام ببرامج العلاقات العامة ومهارات الاتصال في المصرف سوف ينعكس إيجابا على أداء المصرف وإقبال المزيد من المتعاملين معه.

– سرعة إنجاز المعاملات المطلوبة من قبل العميل والمحافظة على سريتها من الأولويات التي تهم العميل عند طلب الخدمة من المصرف، وكذلك أسلوب تقديمها.

إذن، علينا أن نستعد لهذا التحدي وبكل ثقة، بما يمتلك هذا القطاع من إمكانات اقتصادية مادية وأخلاقية لمجاراة التقدم العالمي والتكنولوجي وتوظيفه ضمن استراتيجيات التطور وبناء الذات.

وسوف نلمس نتائج ذلك على أداء وتطور الخدمات كافة، التي يقدمها هذا القطاع، وسيثبت كذلك أن المنافسة المرتكزة على الأخلاق والملتزمة بأحكام الشريعة الإسلامية، هي السبيل للمضي إلى الأمام

المصدر

إطلاق التشغيل التجريبي للبوابات الذكية في مطار الملكة علياء الدولي لتسهيل إجراءات سفر الأردنيين

أعلنت وزارة الاقتصاد الرقمي والريادة، بالتعاون مع وزارة النقل، والأجهزة الأمنية، ومجموعة المطار الدولي وهيئة الطيران المدني عن بدء التشغيل التجريبي للبوابات الذكية في مطار الملكة علياء الدولي، بهدف تسهيل وتسريع إجراءات السفر لحاملي جوازات السفر الأردنية.

وفي هذا الإطار، تم تركيب خمس بوابات ذكية في صالة القادمين، وأربع بوابات في صالة المغادرين، ليصبح بإمكان المواطنين الأردنيين استخدامها لاجتياز نقاط الدخول والخروج بشكل ذاتي وسلس، من خلال أنظمة تحقق ذكية تعتمد على بصمة العين وبيانات جواز السفر.

ولتفعيل الخدمة، يُشترط تسجيل المسافر مسبقًا لمرة واحدة فقط عبر تطبيق سند على أن يكون قد فعّل هويته الرقمية، وذلك من خلال الدخول إلى خدمات وزارة الاقتصاد الرقمي والريادة داخل التطبيق واختيار خدمة “طلب استخدام البوابات الذكية

وتتضمن شروط التسجيل أن يكون المسافر أردني الجنسية، فوق سن 16 عامًا، يحمل جواز سفر ساري المفعول لأكثر من ستة أشهر، ويملك بصمة عين مسجلة. وبعد الموافقة على الطلب، يُتاح له استخدام البوابات الذكية لمدة عام كامل دون الحاجة لإعادة التسجيل.

وتتميز البوابات الذكية بالسهولة والدقة والكفاءة العالية في قراءة معلومات جواز السفر والتقاط المؤشرات الحيوية، بما يعزز دقة الإجراءات ويقلل زمن الانتظار.

وأكدت الوزارة أن المرحلة التجريبية ستخضع للتقييم المستمر، تمهيدًا لتوسعة نطاق الاستخدام خلال الفترات المقبلة، بما يشمل فئات جديدة من المسافرين وتوسيع الخدمة على مراحل

المصدر

“الحسين للأعمال” يطلق أول منظومة أعمال افتراضية في عالم الميتافيرس

  في خطوة رائدة نحو المستقبل الرقمي، أعلن مجمع الملك الحسين للأعمال اليوم الثلاثاء الموافق 24 حزيران 2025، عن الإطلاق الرسمي لمجمع الملك الحسين للاعمال الافتراضي Virtual KHBP كأول منظومة ومنصة ذكية افتراضية متكاملة للأعمال على مستوى الأردن والمنطقة بالاعتماد على تقنيات الميتافيرس.

وقد جاءت هذه الخطوة بالشراكة مع شركة “هيدرا” المتخصصة في تطوير البرمجيات وتقنيات الواقع الافتراضي، الجهة المطورة للمنصة، والتي تعتبر واحدة من أبرز وأهم المشاريع التي انطلقت في أعمالها من داخل المجمع كجزء من جهوده ومشاريعه الخاصة والمتواصلة لدعم التحول الرقمي وتمكين رواد الأعمال.

وتعد المنصة التي التي تم الكشف عنها في إطار اتفاقية وقعت في قلب مجمع الملك الحسين للأعمال، بحضور إدارة المجمع  وإدارة شركة “هيدرا”، امتداداً للتوسيع والتطوير المتسارع في برنامج التحول الرقمي للمجمع، والذي استُهل بإطلاق الموقع الإلكتروني الجديد الخاص بالمجمع، مروراً بخدمة الرد الآلي المدعوم بتقنيات الذكاء الاصطناعي والعديد من التطبيقات الذكية داخل المجمع.

وتتيح المنصة باقة من المزايا وأدوات الأعمال المخصصة للشركات ورواد الاعمال والجهات التي ستنضم لها، بما في ذلك: استئجار مكاتب افتراضية، إلى جانب مزايا تسجيل الشركات، فضلاً عن الوصول إلى الخدمات الحكومية، وتنظيم الفعاليات الرقمية مثل الويبينارات، والإعلان داخل المنصة، والتواصل مع مستثمرين وشركاء من مختلف أنحاء العالم، ضمن ما يشبه “مدينة أعمال ذكية رقمية” لممارسة الأعمال دون حدود.

وتكتسب المنصة أهميتها من كونها بيئة رقمية مرنة ومحفزة، تعمل كأداة استراتيجية لجذب الشركات العالمية والإقليمية والمحلية والناشئة، ودعم تأسيس الأعمال وإدارتها افتراضياً، لتسهم في تسريع النمو والوصول إلى الأسواق والموارد من خلال تبسيط الإجراءات، وخفض التكاليف التشغيلية، وتوفير خدمات مساندة تشمل الإعلان داخل المنصة، وتنظيم الويبينارات، وتوسيع العلاقات المهنية. وإلى جانب ذلك، فإن المنصة تلعب دوراً محورياً في تمكين الشباب من دخول سوق العمل الريادي وفتح آفاق الابتكار، ما يرسخ مكانة الأردن كمركز إقليمي للابتكار والاستثمار في التكنولوجيا.

وحول هذا الشأن، قال الرئيس التنفيذي لمجمع الملك الحسين للأعمال، المهندس عمّار عز الدين: “يشكل إطلاق هذه المنصة وهي الأولى من نوعها في المنطقة، خطوة استراتيجية في مسيرة المجمع للتحول إلى بوابة أعمال ذكية متكاملة، تعزز مرونة التشغيل الحضوري والافتراضي، وتقدم نموذجاً جريئاً يجمع بين الابتكار وسهولة الوصول والتواصل العالمي، وهو ما يفتح الآفاق أمام المزيد من الأعمال.

فخورون بمنصتنا الجديدة التي تمثل ترجمة عملية للرؤية الملكية في بناء اقتصاد رقمي حديث ومستدام يقوده الشباب ضمن منظومة تواكب التطورات العالمية في ريادة الأعمال والتقنية والابتكار، وتفتح المجال تطوير مشاريع تنافسية، خاصة في ظل الإجراءات المبسطة والحوافز الجاذبة.”

ومن جانبه، أكد المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة “هيدرا”، بشير حناوي، أن هذا المشروع يمثّل نموذجاً للتكامل بين المجتمعين الريادي والابتكاري المحلي، كما يعكس ما يمكن أن يقدّمه المجمع كمجتمع حاضن للابتكار، وقادر على إطلاق مشاريع تقنية قابلة للنمو والتوسع إقليمياً وعالمياً، ومنصة تنطق منها قصص نجاح أردنية إلى العالم.

هذا ويحتضن المجمع قائمة طويلة من الشركات التي تعمل في قطاعات التكنولوجيا والإعلام والاتصالات والصناعات الإبداعية، التي تستفيد من بيئة الأعمال المتطورة والداعمة للريادة والاستدامة التي يتيحها.

التحول الرقمي في الأردن: من لا يقيس لا يتقدم

 في خضم سباق عالمي لا يرحم نحو المستقبل، وفي وقت أصبحت الرقمنة المعيار الجديد للكفاءة والابتكار، يقف الأردن أمام مفترق طرق حاسم، هل نواصل الحديث عن التحول الرقمي كهدف بعيد المنال، أم نترجمه إلى واقع يمكن قياسه وتحقيقه؟ لقد حان الوقت لنقل هذا المفهوم من خانة “الرؤية” إلى خانة “المنهج” القائم على معايير واضحة، دقيقة، ومُلزمة.

ففي عصر تهيمن فيه السرعة والدقة على كل شيء، لم يعد من المقبول أن تستمر الجهات الحكومية في العمل بأساليب تقليدية. فالمواطن اليوم يقارن خدمة حكومية بمرونة تطبيق ذكي على هاتفه، ويريد جودة استجابة تفوق توقعاته، لا ترهقه بالروتين. ومع كل هذا، لا يمكن لأي جهة أن تنجح في التحول الرقمي من دون معايير يمكن قياسها.

ففي خضم سعي الأردن الدؤوب لتجسيد الرؤى الملكية السامية نحو حكومة رقمية متكاملة، يبرز “مؤشر قياس التحول الرقمي” كضرورة ليقدم لنا الإجابة. إنه ليس مجرد أداة تقييم، بل هو منصة تمكين ذكية، بوصلة تضيء دروب الجهات الحكومية، لتمكنها من تقييم موقعها بدقة متناهية، واكتشاف مواطن القوة، وتحديد فرص التحسين بعين ثاقبة. ولكن لنتذكر جيدا أن هذا المؤشر ليس عصا لمحاسبة المقصرين، بل هو يد تمد للمساعدة، ومحفز للتطوير، وموجه للاستراتيجيات نحو تحقيق أقصى درجات النضج الرقمي.

وقد تكون الاستراتيجيات مكتوبة بإتقان، والخطط مرسومة بدقة، لكن السؤال الجوهري هو: كيف نقيس النجاح؟ هل يمكن لجهة أن تدعي النضج الرقمي من دون مرجعية قياسية؟ هنا تظهر الحاجة الماسة إلى مؤشر وطني شامل يوضح موقع كل جهة على خريطة التحول الرقمي، ويكشف مكامن الخلل والفرص على حد سواء.

ولذلك، لا بد من تطوير مؤشر وطني ذكي لقياس نضج التحول الرقمي لدى الجهات الحكومية ووضعه موضع التطبيق، بحيث يعتمد على 10 مناظير استراتيجية، و23 محورا، و96 معيارا دقيقا. هذا المؤشر لا يقيس الأداء فقط، بل يرسم صورة بانورامية للجاهزية الرقمية، بدءا من البنية التحتية، مرورا بالثقافة المؤسسية، وصولا إلى رضا المستفيدين.

ومن أبرز المناظير التي يقيسها المؤشر “حوكمة البيانات”، وهو منظور غالبا ما يغفل رغم أهميته القصوى. فالمعلومة الصحيحة في التوقيت المناسب قد تختصر أشهرا من العمل وتمنع أزمات مقبلة. لماذا لا تعامل البيانات كأصل استراتيجي لا يقل أهمية عن الميزانية أو الموارد البشرية؟

ومؤشر التحول الرقمي لا يكتفي بتقييم الوضع القائم، بل يدفع الجهات إلى التفكير في الغد. فمن خلال منظور “البحث والابتكار”، يسائل المؤشر كل جهة: ما مدى قدرتك على تبني تقنيات المستقبل؟ هل تفكر في الذكاء الاصطناعي كخيار حقيقي أم كترف نظري؟ فالتحول الرقمي لا يكتمل من دون روح الابتكار.

وأحد أكثر المفاهيم المغلوطة شيوعا، اعتبار التحول الرقمي مرادفا لتحديث الأجهزة أو شراء أنظمة. بينما الحقيقة تقول إن التحول يبدأ من الداخل من عقل الموظف، من سلوك المؤسسة، من قرار شجاع بتغيير طريقة التفكير. فكم من جهة أنفقت الملايين على التقنية لكنها فشلت لأنها لم تستثمر في عقلية من يستخدمها؟

ففي أحد القطاعات الخدمية، أظهر المؤشر أن الجهة تمتلك بوابة إلكترونية محدثة، لكنها تفتقر إلى تحليلات استخدام الزوار، ما انعكس سلبا على تحسين تجربة المستفيد. هنا، المعيار لم يكن مجرد “وجود خدمة إلكترونية”، بل مدى كفاءتها وقابليتها للتطوير.

فمن الذكاء بمكان أن يقيس المؤشر مستويات الالتزام وفق أربع درجات: التزام كلي، جزئي، عدم التزام، أو غير قابل للتطبيق. ما يعني أن القياس ليس أداة للمحاسبة، بل منظومة تشخيص ذكية تتيح لكل جهة أن ترى نفسها بمرآة الواقع. وهذا ما يحدث الفرق: الاعتراف بالفجوة هو أول خطوة نحو إغلاقها. فما يميز هذه المنهجية ويجعلها استثنائية هو أنها لا تصنف الأداء بنظام “النجاح أو الفشل” القاسي، بل تقدم تصنيفا متدرجا. هذا التصنيف الواقعي يمكّن الجهات من فهم وضعها الحقيقي من دون أي تزييف، مع الحصول على توصيات عملية قابلة للتطبيق تمكنها من التحسين التدريجي. إنه يرسخ قناعة راسخة بأن التحول الرقمي هو مسار مستمر من التعلم والتطور، وليس محطة وصول نهائية.

ومما يشار إليه أنه في ثقافة العمل الحكومي التقليدية، ينظر إلى الإخفاق كمصدر للقلق. لكن الواقع يقول إن الفشل المكتشف مبكرا، هو فرصة ذهبية لإعادة البناء على أسس أقوى. فالمؤشر يساعد الجهات على مواجهة إخفاقاتها بشجاعة، وتحويلها إلى نقاط انطلاق جديدة.

فالتحول الرقمي ليس مشروعا له خط نهاية، بل هو رحلة مستمرة من التطور، تتطلب شجاعة التقييم الذاتي، وشفافية لا تساوم في البيانات، والتزاما راسخا بالتطوير المستمر. إن التحدي الحقيقي الذي يواجه الأردن اليوم ليس في نقص الطموح، بل في قدرته على ترجمة هذا الطموح النبيل إلى واقع ملموس ومقاس، تسجل فيه الإنجازات، وتعالج فيه التحديات بفاعلية. فمع وجود أداة وطنية متكاملة وذات منهجية علمية بحجم مؤشر قياس التحول الرقمي تبدأ بقياس دقيق ومستمر لحاضرنا، يمكن تحويل عملية الرقمنة في الأردن إلى أداة لغد أكثر إشراقا، وأكثر رقمية، وأكثر ازدهارا

في النهاية، لا يمكن تحسين ما لا يمكن قياسه. والتحول الرقمي، رغم ما يحمله من وعود براقة، يبقى مجرد شعار إن لم يتم تأطيره ضمن معايير دقيقة، ومؤشرات قابلة للقياس، وآليات دعم مستمرة. الأردن يمتلك الإرادة والموارد، وينقصه فقط أن يجعل القياس ركيزة لكل خطوة رقمية مقبلة.

المصدر