أكد خبراء ومتخصصون في قطاع التقنية والاتصالات والأمن السيبراني أهمية إيجاد نظام للحوكمة في مجال الأمن السيبراني وخلق إستراتيجيات وسياسات ناظمة لهذا القطاع، الذي يشهد نموا كبيرا في ظل تزايد الهجمات السيبرانية حول العالم والتي باتت تهدد الأمن والاقتصاد وتخلق تحديات كبيرة في العالم الرقمي.

وقال الخبراء الذين شاركوا أمس الاثنين في قمة الأردن الأولى للأمن السيبراني “دوت سايبر سميت” تحت رعاية ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، بأن على الدول أن تضع إستراتيجيات وأنظمة وتشريعات وسياسات ناظمة لموضوع الأمن السيبراني وتؤسس قاعدة متينة لهذا المفهوم الذي لم يعد ترفا أو نوعا من الكماليات، والتركيز أكثر ما يمكن على محور أساسي فيها يعنى بتنمية المهارات والقدرات البشرية المتخصصة في مجال الأمن السيبراني.

ونظمت القمة باشراف المركز الوطني للأمن السيبراني وبالتعاون مع جمعية شركات تقنية المعلومات والاتصالات ‘إنتاج” وهي تنعقد في ظروف استثنائية تشهدها المنطقة والعالم من ناحية تزايد المخاطر السيبرانية وازدياد كلفها المالية والاجتماعية والسياسية، ولذلك تأتي هذه القمة لتكون منصة للتحاور والتعاون بين الدول في المنطقة وفي العالم.

وشهدت القمة مشاركة عربية وأجنبية، حيث تواجد مشاركون من الإمارات ومصر وسلطنة عمان والبحرين والجزائر وغيرها، إضافة إلى مشاركة من دول أجنبية منها الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا.

وأكد وزير الاقتصاد الرقمي والريادة أحمد الهناندة على التوسع الذي تشهده الرقمنة في حياتنا اليوم وأن المستقبل كله للاقتصاد الرقمي والتجارة الرقمية والوظائف الرقمية، مما يتطلب حماية الفضاء الرقمي من الهجمات السيبرانية.

وأشار الى أن المنطقة العربية معظمها شباب يؤمنون بالعمل من خلال المنصات الرقمية مما يتطلب توفير ما يحتاجونه من حماية في هذا الفضاء السيبراني المتنامي.

وقال الهناندة إن الأردن أطلق إستراتيجية للتحول الرقمي تضمنت محاور تنفيذية تهدف الى تحويل جميع الخدمات الحكومية في الأردن الى خدمات رقمية بالكامل مع نهاية العام 2025 حيث بلغت نسبة الإنجاز فيها حتى اليوم 40 % من مجمل الخدمات الحكومية .

وبين أن الأمن السيبراني أكثر قطاع نموا بالعالم واقتصاده يضاهي ميزانيات دول وينمو بشكل مستمر إضافة لنمو الجريمة.

وبين أن الأردن عمل على إعداد الميثاق الوطني لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي وقانون حماية البيانات الشخصية وقانون الأمن السيبراني والإستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني وأسس المركز الوطني للأمن السيبراني.

وقال رئيس البرلمان العربي عادل العسومي، إن التقدم التقني نتج عنه جرائم سيبرانية ذات طبيعة معقدة تهدد الأمن المجتمعي، إضافة للهجمات التي توظفها الجماعات الإرهابية، لافتا الى أنه لا يمكن اليوم تجاهل أهمية الأمن السيبراني في ظل عمليات الرقمنة والتحول الرقمي الحاصلة في كل القطاعات والمجتمعات.

وأكد العسومي أهمية حوكمة الأمن السيبراني التي اعتبرها ” ضرورة حتمية ” لحماية للاقتصاد الرقمي من خلال إيجاد تشريعات وكوادر مؤهلة ومتخصصة ووجود مرجعية للأمن السيبراني وتحقيق التوازن بين حماية الحريات والوقاية من الهجمات السيبرانية.

وقالت القائمة بأعمال نائب مساعد وزير الخارجية لأمن الفضاء الإلكتروني الدولي في مكتب الفضاء الإلكتروني والسياسة الرقمية التابع لوزارة الخارجية الأميركية ليزيل فرانز، إن الحكومة الأميركية، في إطار تعزيز التعاون الدولي وتقوية العلاقات البينية، تعمل مع شركاء دوليين لمواجهة التهديدات السيبرانية وتعزيز الأمن الرقمي والاستقرار الإقليمي.

وأكدت أهمية بناء القدرات وتنمية الثقة من خلال تطبيق تدابير ملموسة وتطوير إستراتيجيات وطنية متقدمة في مجال الأمن السيبراني، مع تحديث مستمر للإستراتيجيات والسياسات لمواكبة التطورات والتحديات الحديثة.

وأشارت إلى أن التعاون المتزايد والحوار المستمر بين الخبراء والمتخصصين الدوليين يسهمان في فتح آفاق جديدة للحلول والأفكار المبتكرة، مع تبادل الخبرات والمعرفة لتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة وتعزيز الأمن الإلكتروني.

وبحسب فرانز تمثل هذه الجهود جزءا من إستراتيجية الولايات المتحدة الوطنية لتحسين القدرة على الاستجابة للتهديدات السيبرانية وتعزيز الأمان الرقمي، مع توجيه خاص للتعاون الدولي والتنسيق بين الدول المختلفة لضمان بيئة سيبرانية أكثر أمانا وشمولية.

وأكد الرئيس التنفيذي لهيئة تنظيم قطاع الاتصالات المهندس بسام السرحان بأن تطور شبكات الاتصالات الى الجيل الخامس تفرض تحديات كبيرة مرتبطة بالأمن السيبراني.

وبين أن المزايا التي يقدمها الجيل الخامس بسرعاته الفائقة وقدرته على التعامل ومعالجة حجم كبير جدا من البيانات وربط عدد اكبر من الأجهزة في الوقت نفسه، كل ذلك يتيح فرصة كبيرة لزيادة الهجمات السيبرانية بشكل أكبر من السابق.
وأكد أنه بالتزامن مع تطور ودخول خدمات الجيل الخامس يجب العمل على دراسة المخاطر السيبرانية المرتبطة به ووضع تشريعات وأطر تنظيمية وإجراءات لمواجهة هذه التهديدات.

وبين بأنه يجب الانتباه الى تصميم الشبكات في هذا المجال، ومواصفات الأمن السيبراني المناسبة لها، ويجب وضع أطر تنظيمية وإجراءات من الشركات والجهات التنظيمية لحماية البيانات وحماية الخدمات التي ستنتج عن تقديم الجيل الخامس.

وأكد رئيس المركز العربي الإقليمي للأمن السيبراني بدر الصالحي أهمية تطوير العنصر البشري لمواجهة المخاطر المرتبطة بالأمن السيبراني.

وقال الصالحي إن هناك فرصا وتحديات خلقها الاقتصاد الرقمي العالمي، الذي أشار الى أن الدراسات العالمية تظهر بأنه بلغ قرابة 14.2 تريليون دولار في العام 2021 ومن المتوقع أن يرتفع حجمه الى 20.8 تريليون في العام 2025.

وأشار الصالحي الى أن حجم سوق الأمن السيبراني قد سجلت وفقا للدرايات العالمية 270 مليارا في العام 2019 وبأن هذا الرقم سيرتفع الى 600 مليار دولار في العام 2027.

ومن جانبه أكد الرئيس التنفيذي لشركة “جريين سيركل” الشركة الأردنية السعودية المتخصصة بتطوير حلول الأمن السيبراني وتطوير القدرات البشرية ، محمد الخضري أهمية موضوع الأمن السيبراني اليوم وذلك مع تزايد المخاطر السيبرانية التي أصبحت تحيط بالقطاعات الاقتصادية المختلفة التي بدأت تتعمق يوما بعد يوم في عملية التحول الرقمي.

وأكد الخضري على أهمية بناء صناعة محلية في مجال إيجاد حلول لاكتشاف المخاطر السيبرانية أو لمواجهتها عند حدوثها.

وشدد على أهمية العامل البشري وبناء القدرات المحلية في مجال الأمن السيبراني: تدريبها وتأهليها وتوظيفها في هذ الصناعة النامية، لافتا الى الدراسات المحايدة تظهر بأن هناك وظائف شاغرة في الأمن السيبراني في منطقة الشرق الأوسط بمقدار 150 الف وظيفة شاغرة بحاجة الى تعبئتها.

وقال إن هذه الشواغر تعد فرصة كبيرة أمام الشباب للعمل فيها وهو ما يجب أن تنتبه اليه الحكومات والقطاع الخاص لتدريب وتأهيل الشباب للعمل في هذا المجال، لافتا الى أن هذه الصناعة ستبقى تعاني من نقص وفجوة في الكوادر البشرية المتخصصة في الأمن السيبراني حتى نهاية العام 2030 وفقا لدراسات عالمية.