دعا خبراء إلى صياغة خطة وطنية شاملة موحدة تعنى بتزويد الشباب الأردني بالمهارات الرقمية اللازمة للمستقبل في كل القطاعات التي تتحول شيئا فشيئا إلى الرقمنة.
وبين هؤلاء أن المهارات الرقمية أصبحت اليوم “مفاتيح للمستقبل” للحصول والتأهل للوظائف المستقبلية أو لتأسيس مشاريع ريادية تقنية، مؤكدين أهمية أن تجمع الخطة الوطنية جهود جميع الأطراف المعنية بتدريب الشباب رقميا ومواكبة التطور المتسارع في التكنولوجيا الحديثة لإحداث أكبر أثر في تأهيل الشباب لوظائف المستقبل وللحد من تفاقم مشكلة البطالة ورفع قدرات الشباب وتأهليهم للعمل في وظائف المستقبل التقنية، أو الوظائف في القطاعات الاقتصادية الأخرى التي تتحول رقميا وتحتاج إلى موظفين يمتلكون هذه المهارات.
وأكدوا أن وجود كوادر بشرية مهيأة رقميا بالشكل الصحيح، يعتبر واحدا من مقومات نجاح أي دولة اليوم وفي المستقبل، ويعطي الدولة القدرة على المنافسة بشكل كبير ضمن الأسواق العالمية وخاصة لدولة مثل الأردن والتي يعتبر فيها الفرد رأسمال الدولة.
وتعمل عدة جهات من القطاعين العام والخاص في الأردن اليوم على تعزيز المهارات الرقمية لدى الشباب الأردني، مثل وزارة الاقتصاد الرقمي والريادة التي تدير العديد من المبادرات في هذا المجال، ووزارة العمل ووزارة التربية والتعليم التي أدخلت العام الحالي لأول مرة منهاجا متخصصا في المهارات الرقمية، فضلا عن العديد من المبادرات والبرامج التي تقودها منظمات وحاضنات أعمال وجمعيات تقنية، إلى جانب ما تقدمه عدد من الجامعات من برامج تدريبية على المهارات الرقمية.
ويمكن تعريف “المهارات الرقمية” بأنها مجموعة من المعارف والخبرات والقدرات على استخدام الأجهزة والتقنيات والبرامج الرقمية بشكل كفؤ ومفيد، بحيث تمكن الأفراد من إدارة المحتوى الرقمي ومشاركته بشكل فعال ومبدع يؤدي إلى زيادة الدقة والكفاءة والجودة والإنتاجية في كل أنشطة الحياة العامة والعملية، وتعد من أساسيات التحول الرقمي وبناء الاقتصاد الرقمي المعرفي الحديث
وأكد المدير العام لجمعية المهارات الرقمية د.نبيل الفيومي أن السنوات العشر الاخيرة شهدت تطورا لافتا في مجال التقنية والرقمنة التي دخلت كل القطاعات الاقتصادية، لعل أهمها ما يحدث من تطور اليوم وبشكل سريع جدا في مجال الذكاء الاصطناعي، الأمر الذي يستدعي الانتباه من الحكومات والجهات المعنية بمجال تعزيز المهارات الرقمية لدى الشباب.
وأكد المدير العام لجمعية المهارات الرقمية د.نبيل الفيومي أن السنوات العشر الاخيرة شهدت تطورا لافتا في مجال التقنية والرقمنة التي دخلت كل القطاعات الاقتصادية، لعل أهمها ما يحدث من تطور اليوم وبشكل سريع جدا في مجال الذكاء الاصطناعي، الأمر الذي يستدعي الانتباه من الحكومات والجهات المعنية بمجال تعزيز المهارات الرقمية لدى الشباب.
وقال الفيومي “هذه التطورات المتسارعة في المجال التقني أصبحت تشكل مصدر ضغط على الحكومات والجامعات وشركات القطاع الخاص لسد الفجوات المتسعة بين مخرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل” مشيرا إلى أن هناك اهتماما وإيمانا من قبل الحكومة بمجال تعزيز المهارات الرقمية.
ولكن الفيومي شدد على أنه لا بد أن يكون هناك سرعة في زيادة برامج التدريب والتأهيل ومواكبة للتطور الذي يتسارع يوما بيوم لدرجة أن هناك تقنيات بدأت تحل محل الوظائف التقليدية، كما دعا إلى أهمية توحيد الجهود المتفرقة بين العديد من الجهات في الأردن في مجال تعزيز المهارات الرقمية للشباب وجمعها تحت مظلة واحدة تقودها خطة وطنية شاملة تحدث باستمرار لمواكبة تسارع التكنولوجيا.
الخبير في مجال التعليم الرقمي والمخيمات التدريبية الرقمية رامي أبو السمن أكد أن المهارات الرقمية أساسية لمواكبة التطورات التكنولوجية الحديثة وتلبية احتياجات سوق العمل المتزايدة في العالم الرقمي.
وقال أبو السمن “يجب على الشباب مواكبة وتعلم المهارات الرقمية بناء على تخصصه، فالتحول الرقمي اليوم يتداخل مع جميع التخصصات، والمتميز هو من يستطيع إيجاد شغفه ودمجه بين ما تعلمه وبين تعزيز مهاراته الرقمية في تخصصه”.
وأضاف “الشهادة الجامعية في الحياة هي مهمة، ولكن يجب تعزيزها اليوم ودعمها بالمهارات الرقمية التي تخدم هذه الشهادة أو التخصص الذي تعلمته”.
وأكد أبو السمن أن المهارات الرقمية دخلت في الكثير من التخصصات والقطاعات، وأصحاب القرار في الشركات دائما ما يبحثون عن الموظف الذي يمتلك مهارات رقمية مع تخصصه، فهم لا يبحثون عن محاسب مثلا لا يتسطيع فهم معنى الأنظمة المحاسبية الرقمية لان زمن دفتر الأستاذ التقليدي قد انقضى والآن ما نبحث عنه هو شخص لديه العلم في مجاله ولديه المهارة الرقمية لتحقيق إنتاجية أعلى بوقت أقل.
ودعا أبو السمن الشباب إلى متابعة الدراسات والتقارير العالمية التي تستعرض أهم التخصصات المستقبلية المطلوبة بعد عشر سنوات، وأن يبحثوا عن انفسهم بين هذه التخصصات، يستهدفها ويتدرب عليها من خلال برامج ومراكز معتمدة خلال فترة دراسته الجامعية، ليكون خريجا متمكنا رقميا.
وبين أبو السمن أن هناك تصنيفات ومستويات للمهارات والمعرفة الرقمية: أولها المهارات اليومية الأساسية، مثل التعامل مع أجهزة المحمول والحاسوب وإدارة الحسابات البريدية، وهناك مهارات التكنولوجيا المتخصصة مثل الشبكات وأمن المعلومات والبنية التحتية والعنكبوتية التي تجمع المؤسسات بعضها ببعض من خلال الشبكات الداخلية والعالم من خلال الشبكات العنكبوتية.
وقال “من أنواع المهارات المهمة “مهارات تحليل البيانات” وهذه مهارة مهمة جدا للأفراد، فيعتمد عليها أخذ القرارات في الأعمال، وليتمكن منها يجب تعلم بعض المهارات مثل مهارات استخدام “الإكسل” وقواعد البيانات وبعض البرامج المتقدمة في هذا المجال لتحليل البيانات واخراجها من خلال رسومات توضيحية”.
وبين أن من أنواع المهارات هي ” المهارات التقنية المتقدمة” مثل البرمجة وإدارة الأنظمة الرقمية وتعلم تطبيقات الذكاء الإصطناعي، ومهارات الإبتكار والتصميم لتسهيل تجربة المستخدم ولجذبه وبقائه في مجال العمل، والكثير من المهارات هنا مثل تعلم ” اليو اكس” ، وبرامج التصميم مثل ” الأدوبي”، ومهارات التواصل الرقمي والمهن الرقمية، وهذه المهارة جاءت حديثا لتدمج بين مهارات التسويق والبيع الإلكتروني لضمان قدرة الفرد من استخدام التكنولوجيا في إنجاح مهامه وأعماله اليومية.
ومن جانبه قال الخبير الإستراتيجي التقني م.هاني البطش ” إن المهارات الرقمية ضرورية للغاية للحصول على وظائف المستقبل بسبب التحولات السريعة في سوق العمل والتطورات التكنولوجية المستمرة”.
وقال البطش إن على الحكومة ان تركز بشكل كبير لتعميم المهارات الرقمية على شبابنا بمبادرات وبرامج ضمن خطة شاملة تعمل عليها بتعاون وتنسيق مختلف الاطراف المعنية، إلى جانب ما يقوم به القطاع الخاص والجامعات من مبادرات وبرامج مجتمعية في هذا المجال.
وأكد أهمية المهارات الرقمية للأفراد كونها تتيح الوصول إلى مصادر التعلم عبر الإنترنت، ما يسهل عملية التعلم المستمر وتطوير المهارات، وهو أمر مهم في بيئة العمل المتغيرة بسرعة.
وأشار إلى أن من اهم المهارات الرقمية اليوم هو “التواصل الرقمي” الذي أصبح ضروريا اليوم مع تزايد العمل عن بُعد، حيث تتطلب الكفاءة في استخدام أدوات التعاون عبر الإنترنت والتواصل الفعال عبر البريد الإلكتروني ومنصات الاجتماعات الافتراضية.
كما انها تتيح للأفراد القدرة على تحليل البيانات واتخاذ قرارات مستنيرة بناءً على الحقائق، مما يساعد في حل المشكلات بفعالية وتحسين العمليات داخل الشركات.
وأكد البطش أن المهارات الرقمية تعزز القدرة على التفكير الإبداعي وتطوير حلول مبتكرة للتحديات المختلفة، وهو أمر مهم في بيئات العمل التي تتطلب حلولا جديدة ومبتكرة لمواكبة التغيرات السريعة ورغم كل هذه الأهمية للمهارات الرقمية، إلا أن البطش يرى أنها ليست كافية بمفردها لتأهيل الشباب لوظائف المستقبل أو تأسيس شركات خاصة، إذ يجب أن تعزز بمهارات أخرى مثل المهارات الشخصية التي تشمل التواصل الفعال، العمل الجماعي، والقدرة على حل المشكلات بالإضافة إلى المعرفة الصناعية ضرورية لفهم السوق والمنافسين والاتجاهات الحالية.
وأكد أهمية تعلم المهارات الإدارية مثل إدارة الوقت، التخطيط الاستراتيجي، وإدارة الموارد تعتبر أساسية لإدارة المشاريع والفرق بكفاءة والابتكار والإبداع يلعبان دورا كبيرا في تطوير حلول جديدة ومبتكرة للتحديات المختلفة.
ولخص قائلا ” في النهاية التعلم المستمر والاستعداد لتعلم مهارات جديدة وتحديث المعرفة باستمرار لمواكبة التغيرات السريعة في التكنولوجيا والسوق”.
وقال خبير الاتصالات والتقنية وصفي الصفدي إن المهارات الرقمية أصبحت ” مفتاح المستقبل”، ما يجعل من الضروري أن تتبنى الحكومات والشركات استراتيجيات وخريطة طريقة واضحة المعالم لتدريب وتطوير الكفاءات والموارد البشرية حول التكيف والتأقلم وادماج المهارات الرقمية ضمن مراحل التعليم من المرحلة الابتدائية وحتى المراحل الدراسية الجامعية وما بعد الجامعة وصياغة برامج التدريب على المهارات الرقمية للعمل وريادة الأعمال والاقتصاد الرقمي.
ولفت إلى أن كثيرا من الشركات الكبرى اليوم أصبحت تعتمد بشكل كبير عند توظيف الأشخاص على مهاراتهم وخبراتهم الحياتية والرقمية أكثر بكثير من الشهادات الجامعية لما لها من دور كبير في تطوير الحياة والمعاملات الرقمية التي نعيشها مع الثورة الصناعية الرابعة وخاصة مع بدء الحديث عن الثورة الصناعية الخامسة والتي سيكون لها آثار أكبر بكثير في تطوير العالم الرقمي من حولنا.
وقال الصفدي “لتطوير الإستراتيجية الرقمية، يجب علينا تحديد الأولويات للفئات المستهدفة، وضع برامج تطوير المهارات الرقمية على عدة اصعدة أو مستويات حسب القطاعات التي ستندمج فيها الكوادر المدربة وخاصة أن العاملين في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بحاجة لمهارات متقدمة ومتطورة مختلفة عن المستخدم العادي للأنظمة الرقمية” لافتا إلى أهمية تكافل الجهود الوطنية ومراجعة شاملة لمقومات البنية التحتية، التعليم والتعليم العالي، كفاءات سوق العمل والبرامج التدريبية، السياسات التجارية والصناعية، الضرائب، قوانين الاستثمار، ريادة الأعمال والاقتصاد الرقمي والذي يساعد الحكومات في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
المصدر الغد