في عصر الذكاء الاصطناعي (AI) حيث التقدم والتغير السريع، أصبحت احتمالية انتهاكات حقوق الملكية الفكرية (IPR) مقلقة بشكل متزايد. وأدى استخدام الذكاء الاصطناعي في مختلف الصناعات إلى إنشاء منتجات وخدمات جديدة، لكنه أثار أيضًا تساؤلات حول كيفية حماية حقوق الملكية الفكرية من الانتهاكات المحتملة. لذلك، يجب على صانعي القرار التفكير في كيفية استخدام اللوائح لحماية حقوق الملكية الفكرية من الانتهاكات المحتملة للذكاء الاصطناعي.

ولحماية حقوق الملكية الفكرية من الانتهاكات المحتملة للذكاء الاصطناعي، فالخطوة الأولى تتمثل في فهم الأنواع المختلفة لحقوق الملكية الفكرية الموجودة. هناك أربعة أنواع رئيسية من حقوق الملكية الفكرية: براءات الاختراع والعلامات التجارية وحقوق التأليف والنشر والأسرار التجارية. لكل نوع من أنواع حقوق الملكية الفكرية مجموعته الخاصة من اللوائح التي تحكم كيفية حمايته.
تستخدم براءات الاختراع لحماية الاختراعات أو الاكتشافات الجديدة وغير الواضحة. فللحصول على براءة اختراع، يجب على المخترع تقديم طلب براءة اختراع لدى الوكالة الحكومية المناسبة وبمجرد منحه إياها، تمنح البراءة للمخترع حقوقًا حصرية لصنع واستخدام وبيع اختراعه لفترة زمنية معينة. أما العلامات التجارية، فتستخدم لحماية الأسماء التجارية والشعارات. وتمنح العلامة التجارية المالك حقوقًا حصرية لاستخدام علامته فيما يتعلق بسلعه أو خدماته.
وتستخدم حقوق الطبع والنشر، لحماية الأعمال الأصلية المؤلفة مثل الكتب والموسيقا والبرامج. تمنح حماية حقوق النشر للمالك حقوقًا حصرية لإعادة إنتاج وتوزيع أعماله. وأما الأسرار التجارية، فهي معلومات سرية لا يعرفها الآخرون بشكل عام ولا يمكن التحقق منها بسهولة. لا تتطلب حماية الأسرار التجارية التسجيل لدى أي وكالة حكومية ولكنها تعتمد بدلاً من ذلك على الحفاظ على السرية.
إن القوانين واللوائح، هي الطريقة التي يمكن استخدامها لحماية حقوق الملكية الفكرية من الانتهاكات المحتملة للذكاء الاصطناعي. وهناك العديد من التشريعات التي تحكم أنواعاً مختلفة من حقوق الملكية الفكرية والعديد من الاستراتيجيات للتعامل مع القضايا الجديدة التي نشأت بسبب ثورة الذكاء الاصطناعي الجديدة.
إحدى الطرق التي يمكن بها استخدام اللوائح لحماية حقوق الملكية الفكرية من الانتهاكات المحتملة للذكاء الاصطناعي، هي من خلال قوانين حماية البيانات الشخصية والتي بالمناسبة يهدف البرلمان الأردني إلى مناقشتها في المستقبل القريب. فقانون حماية البيانات ينظم كيفية جمع البيانات الشخصية ومعالجتها وتخزينها من قبل المؤسسات. وتساعد هذه القوانين في ضمان عدم إساءة استخدام البيانات الشخصية أو سرقتها من قبل جهات غير مصرح لها، بما في ذلك أنظمة الذكاء الاصطناعي.
وهناك طريقة أخرى، يمكن من خلالها استخدام اللوائح لحماية حقوق الملكية الفكرية من الانتهاكات المحتملة للذكاء الاصطناعي وهي من خلال قوانين براءات الاختراع. فيمكن تحديث قوانين البراءات لتشمل أحكامًا محددة لاختراعات الذكاء الاصطناعي. على سبيل المثال، أصدر مكتب البراءات الأوروبي مؤخرًا إرشادات حول كيفية فحص طلبات البراءات التي تتضمن الذكاء الاصطناعي حيث تساعد هذه الإرشادات على ضمان فحص اختراعات الذكاء الاصطناعي بشكل صحيح ومنحها براءات الاختراع إذا كانت تفي بالمتطلبات اللازمة. ومن ثم فإنه من المناسب تحديث لائحة براءات الاختراع في الأردن للتعامل مع التقنيات الجديدة.
علاوة على ذلك، يمكن أيضًا تحديث قوانين العلامات التجارية، لتشمل أحكامًا محددة للعلامات التجارية التي تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي. على سبيل المثال، أصدر مكتب براءات الاختراع والعلامات التجارية الأميركي مؤخرًا إرشادات حول كيفية فحص تطبيقات العلامات التجارية التي تتضمن العلامات التي تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي. حيث تساعد هذه الإرشادات على ضمان فحص العلامات التجارية التي تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي بشكل صحيح ومنحها الحماية إذا كانت تفي بالمتطلبات الضرورية، لذلك يجب مراجعة القانون رقم 33 لسنة 1952 (قانون العلامات التجارية) وتعديله، حيثما كان ذلك مطلوبًا. وأما بالنسبة لقوانين حقوق النشر، فيمكن أيضًا تحديثها لتشمل أحكامًا محددة للأعمال التي تم إنشاؤها بواسطة أنظمة الذكاء الاصطناعي. على سبيل المثال، أصدر مكتب الملكية الفكرية في المملكة المتحدة مؤخرًا إرشادات حول كيفية تطبيق قانون حقوق الطبع والنشر على المصنفات التي تم إنشاؤها بواسطة أنظمة الذكاء الاصطناعي. فهذه الإرشادات تساعد على ضمان حماية الأعمال التي تم إنشاؤها بواسطة أنظمة الذكاء الاصطناعي بشكل صحيح بموجب قانون حقوق النشر، وبالتالي قد تتم مراجعة قانون حقوق النشر الأردني للتمكن من التعامل مع هذه الثورة الجديدة.
إضافة إلى ذلك، يمكن تحديث قوانين الأسرار التجارية لتشمل أحكامًا محددة لحماية الأسرار التجارية من الوصول غير المصرح به بواسطة أنظمة الذكاء الاصطناعي. فعلى سبيل المثال، يمكن للشركات تنفيذ ضوابط الوصول وإجراءات التشفير لحماية أسرارها التجارية من الوصول غير المصرح به بواسطة أنظمة الذكاء الاصطناعي.
وهنك العديد من الاستراتيجيات التي تستخدم بمحاذاة الأنظمة والقوانين لحماية حقوق الملكية الفكرية، والتي يجب جعلها من الأولويات لذلك هناك العديد من الأساليب التي يمكن تطبيقها لحماية الملكية الفكرية من التعدي المحتمل عليها والذي يعتمد على السهولة التي أنشأها الذكاء الاصطناعي.
فلأجل الحصول على الحماية القصوى، يجب استخدام تقنية إدارة الحقوق الرقمية (DRM)، إن تقنية DRM: هي مجموعة من الأدوات والتقنيات المستخدمة لحماية المحتوى الرقمي من الوصول والتوزيع غير المصرح بهما. ويمكن استخدامها لتشفير المحتوى والتحكم في الوصول إليه ومنع النسخ أو المشاركة غير المصرح بها. كما يمكن أيضًا استخدام تقنية DRM، لتتبع استخدام المحتوى الرقمي وتحديد أي استخدام غير مصرح به.
اما تقنيات العلامات المائية، فهي تقنية تقوم بتضمين رمز فريد في المحتوى الرقمي الذي يمكن استخدامه لتتبع أصله. ويمكن استخدام هذه التقنية لتحديد أي استخدام غير مصرح به للمحتوى والمساعدة في الإجراءات القانونية ضد المخالفين. ومن المفيد مراقبة المنصات عبر الإنترنت ؛ أصبحت المنصات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي مثل شبكات التواصل الاجتماعي ومحركات البحث قنوات شائعة لتوزيع المحتوى الرقمي. فمن الضروري مراقبة هذه المنصات بانتظام بحثًا عن أي انتهاك لحقوق الملكية الفكرية. ويمكن استخدام الأدوات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي مثل برامج الفرز للويب لهذا الغرض.
في الختام، تلعب اللوائح دورًا مهمًا في حماية حقوق الملكية الفكرية من الانتهاكات المحتملة من قبل أنظمة الذكاء الاصطناعي. فمن خلال تحديث اللوائح الحالية أو إنشاء لوائح جديدة مصممة خصيصًا لحماية حقوق الملكية الفكرية من الانتهاكات المحتملة للذكاء الاصطناعي، يمكننا المساعدة في ضمان قدرة المبتكرين والمبدعين على مواصلة تطوير منتجات وخدمات جديدة دون الخوف من سرقة حقوق الملكية الفكرية الخاصة بهم أو إساءة استخدامها من قبل أطراف غير مصرح لها. علاوة على ذلك، تتطلب حماية حقوق الملكية الفكرية من الذكاء الاصطناعي نهجًا متعدد الجوانب يتضمن استخدام التكنولوجيا والحماية القانونية وتثقيف الموظفين، فيمكن أن يساعد تنفيذ هذه التدابير في منع التعدي على حقوق الملكية الفكرية وحماية مصالح منشئي المحتوى ومالكيها.
المصدر جريدة الغد