ما تزال الرياديات الأردنيات يثبتن جدراتهن في عالم الأعمال والتكنولوجيا مع استمرارهن في الحفاظ على إنجازاتهن التي حققنها في “قصص نجاح” استغرقت منهن وقتا وجهدا وتضحية على مدار أعوام.
ومن هؤلاء النساء، الريادية الأردنية سنية اللبدي التي تعمل بجد لتطوير وتوسيع مشروعها الريادي الذي يحمل اسم “شرفة” Shurfah وهو يقوم على منصة عربية لتعليم اللهجات العربية لأولاد العرب والمغتربين والأفراد العاملين في السفارات والشركات العالمية.
وتؤكد اللبدي أن التكنولوجيا أصبحت اليوم “عاملا ممكنا” للجميع وللاقتصاد والمجتمع ولإنشاء الأعمال والمشاريع الريادية سواء المشاريع الربحية أو الاجتماعية أو التي تحمل كلا الهدفين.
وتقول اللبدي، التي تمتلك خبرة تزيد على عشرين عاما في مجال إدارة المدارس إن “وجود التكنولوجيا وانتشار الإنترنت بما توفره من أدوات للتواصل السريع وتوفير الوقت والجهد على الناس حفزها كثيرا للبدء بمشروعها قبل ثلاث سنوات، واضعة نصب عينيها رؤية تتمثل في تطوير موقع إلكتروني يمكن العرب شبابا وكبارا ممن عاشوا في الغرب حتى يتمكنوا من العودة إلى تراثهم وجذورهم وليتكلموا بلغتهم الأمّ، ولمساعدة الأجانب الموجودين في الوطن العربي لكي يتواصلوا مع المجتمع العربي.
اللبدي كانت قد فازت العام الماضي بجائزة “ملهمة التغيير باستخدام العالم الرقمي “التي تنظم من قبل شركة “أورانج الأردن” وجمعية “إنتاج” وهي ترى أن الجائزة سلطت الضوء على مشروعها لأنه يفيد الشباب والمجتمع العربي من جهة، كما انه يوفر فرص عمل للسيدات للعمل من البيت وهو دور يمكن أن تلعبه التكنولوجيا اليوم بتوفير مفهوم “العمل عن بعد”.
وتعتبر سنية اللبدي واحدة من بين مئات الرياديات الاردنيات اللواتي وجدن في التكنولوجيا “أداة” و “عاملا ممكنا” لإنشاء وتصميم وتطوير مشاريعهن الريادية القائمة على أفكار متميزة، وقد قطعت العديد منهن أشواطا في إيصال خدماتهن ومنتجاتهن إلى الناس.
من بين الرياديات المتميزات، واللواتي يقمن على مشاريع تفيد الشباب والصغار وتقدم لهم المعرفة التقنية، الريادية الأردنية ظلال الشمايلة من محافظة الكرك، التي تقود مشروع “ايزي روبوت كيتس”، حيث سعت من خمس سنوات لتطوير أكاديمية تعمل على تعميم فكر التقنية والإبداع والابتكار والبرمجة والروبوت والذكاء الاصطناعي بين أوساط الصغار واليافعين من خلال تدريبات متخصصة داخل الأكاديمية أو أخرى بالشراكة مع منظمات ونواد متخصصة.
الشمايلة، مهندسة الكهرباء، تعلم الأطفال والصغار والشباب مفاهيم واستخدام التقنيات الحديثة، لأنها ترى أن التكنولوجيا لم تعد ترفا وأن علينا اليوم لعب دور في “محو الأمية الرقمية” سواء من خلال المؤسسات والمنظمات الريادية ببرامجها المختلفة أو من خلال شراكات مع المدارس والجامعات، فكل حياتنا واقتصادنا اليوم أصبح معتمدا ومرتبطا بالتكنولوجيات الحديثة.
وقالت الشمايلة لـ “الغد” إنها تعمل اليوم بجد على تطوير منصة رقمية تابعة لأكاديميتها تسعى بها للوصول إلى العربية والعالمية وتعليم الشباب العربي بالأون لاين التقنيات الحديثة ليكونوا قادرين على التصميم والابتكار والاختراع بأنفسهم لتحسين واقعهم الاقتصادي وتطوير بلدهم.
الشمايلة فازت بالمركز الثاني بنسخة العام الحالي من جائزة “ملهمة التغيير باستخدام العالم الرقمي”، وهي ترى في الجائزة “تقديرا لجهودها في تعليم الصغار والشباب التقنيات الحديثة”، وبأنها ستشكل دافعا لها للعمل أكثر لتعميم فكر وثقافة التقنية، والبناء على ما حققته سابقا إذ تمكنت خلال السنوات القليلة الماضية من تعليم حوالي ثلاثة آلاف شاب وطالب علوم تقنية مختلفة.
وبلغة الأرقام، يحتل قطاع ريادة الأعمال في الأردن المركز الرابع على مستوى الإقليم، مع وجود 17 مؤسسة تمويلية للمشاريع الريادية منها 14 صندوقا استثماريا خصصت مجتمعة 110 ملايين دولار للاستثمار في المملكة، وأكثر من 40 حاضنة ومسرعة أعمال في المملكة.
أرقام رسمية أخرى تظهر أن الأردن يحتضن 200 شركة ناشئة مسجلة، كما تظهر الأرقام أن العام 2021، شهد ارتفاعا في حجم الاستثمار في الشركات الناشئة في المملكة، إذ وصل إلى حوالي 120 مليون دينار، مقارنة بحوالي 20 مليونا في العام الذي سبقه.
ومن جانبها ترى الريادية (عبير البشيتي) صاحبة مشروع (لاريمار) “أننا جميعا نسعى لعيش حياة أفضل، وتحسين اقتصادنا ومجتمعاتنا ومؤسساتنا، وهي أمور يمكن أن تساعد التكنولوجيا في إيجادها”.
وقالت “التكنولوجيا يمكن أن تساعدنا في الوصول إلى الراحة والسعادة والأمان، والتطور الإيجابي على مستوى الأفراد والمجتمعات”.
وقالت البشيتي “مشروع “لاريمار” يقوم على فكرة “تعزيز استخدام الذكاء العاطفي الاصطناعي في التطبيقات التكنولوجية المرتبطة بالتعامل المباشر مع الإنسان من خلال دعم آليات اتخاذ القرار في الأنظمة الذكية وذلك باضافة مستوى من ذكاء عاطفي” لافتة الى انه يمكن تطبيق برامج الشركة في تطبيقات الرعاية الصحة وتحسين العافية والكشف عن مستوى التهديد الأمني وتصميم الألعاب وتحسين تجربة المستخدم ومستوى رضاه عن الخدمة وتقوية آليات التفاعل في التعليم الافتراضي وغيرها من التطبيقات.
وأكدت البشيتي أن الشركة تركز جهودها على تحسين مستوى العافية من خلال تطبيق “نحو العافية” وهو تطبيق ذكي مرتبط بساعتك أو يعمل وحده ويستخدم تقنيات التغذية الحيوية الراجعة والعلاج الإدراكي السلوكي حتى يساعدك على تنظيم مشاعرك وتعديل مزاجك، حيث يقوم بقياس عواملك الحيوية ثم يحدد ما تشعر به ثم يزودك بنصائح تساعدك على التأقلم مع مشاعرك الصعبة.
البشيتي تمكنت مؤخرا من الوصول إلى نهائيات المسابقة العالمية “WE Empower UN SDG” في قائمة شملت خمسا وعشرين سيدة ريادية من حول العالم، وكانت قد فازت العام الفائت بجائزة “ملهمة التغيير باستخدام العالم الرقمي”.
الخبير في مجال التقنية وصفي الصفدي يرى أن التكنولوجيا قد حفزت الشباب والرياديين لإنشاء مشاريع وتطبيق أفكار يمكن من خلال الإنترنت أن تصل حتى للعالمية.
وقال “لم نعد اليوم بحاجة إلى الكثير من التكاليف لإنشاء مشاريع بوجود التكنولوجيا، سواء في عملية التأسيس أو التطوير أو التسويق والتصدير، والإنترنت سهل الاندماج والتقارب بين كل مكونات العملية الاقتصادية : الناس والمستخدمين، وأصحاب المشاريع والأسواق”.
وأكد أنه مع انتشار التقنيات الحديثة وتعزيز البنية التحتية للاتصالات لا سيما مع إدخال الجيل الخامس سنرى الكثير من الأفكار التقنية التي سيطورها رياديون قادرون على النجاح لتحسين واقعنا الاجتماعي والاقتصادي.
وتمكنت الطالبة الجامعية هديل أبو زايد أخيرا وبمشاركة زملاء من ربط الأجهزة بتقنيات الإنترنت والتطبيقات لتخرج بابتكار أسموه “هيل ليج” HealLeg ليكون نظاما مساعدا للمشي يساعد الأشخاص المصابين بالجلطة الدماغية على استعادة الاستقلال الوظيفي لهم.
وأكدت أبو زايد، وهي خريجة هندسة البرمجيات، بأنهم تمكنوا من الخروج بنموذج أولي لهذ النظام مع السعي ليكون نظاما تفاعليا بين المعالج والمرضى، ويساعد المعالج على زيادة جودة جلسة إعادة التأهيل، مما يوفر الوقت والجهد على المريض وعلى أهل المريض.
ابو زايد التي فازت بالمركز الثالث بنسخة العام الحالي من جائزة “ملهمة التغيير باستخدام العالم الرقمي”، تؤمن بأن التكنولوجيا اليوم “أصبحت جزءا رئيسا من حياتنا” بكل تفصيلاتها، وأنه يمكن الاعتماد عليها والاستفادة لتسيير أمور حياتنا اليومية الاجتماعية والعملية، ولتطوير وإخراج أفكار تعالج مشكلات يواجهها الأفراد والمجتمع.