تشهد صناعة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات نقصًا حادًا في الكفاءات المؤهلة حول العالم حيث تشير أحدث التوقعات إلى عجز يصل إلى 85 مليون وظيفة بحلول العام 2030، مما قد يؤدي إلى خسائر اقتصادية تقدر بـ 8.5 تريليون دولار سنويًا وفقًا للمنتدى الاقتصاد العالمي.
ومن أهم الدول الأكثر تأثراً بهذه الفجوة نجد الولايات المتحدة، إذ تشير الأرقام إلى وجود حوالي 4 ملايين وظيفة شاغرة خلال العام المنصرم 2024 بحسب موقع 2024” “Tech Salary Guide وعلى نفس السياق يُتوقع أن تواجه أوروبا ايضا نقصًا يبلغ حوالي 8 ملايين متخصص في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بحلول العام 2030 وفقًا لمركز الأبحاث التابع للبرلمان الأوروبي، فأوروبا كانت تهدف إلى الوصول إلى 20 مليون متخصص، بينما العدد المتوقع لن يصل إلى 12 مليوناً فقط؛ مما يعني نقصًا يبلغ 8 ملايين متخصص عن الهدف المنشود.
وعطفا على ما سبق يشير تقرير “JETRO IT Workforce Report” الياباني ان تكون هناك حاجة لـ 5.7 مليون متخصص بحلول عام 2030. أما في سويسرا، وبحسب دراسة أعدّتها “ICT-VET Switzerland” يُتوقع أن تواجه عجزًا يصل إلى 40 ألف متخصص في تكنولوجيا المعلومات بحلول عام 2030. ووفقًا لتقرير
“Digital Talent Outlook 2023”، من المتوقع أن تواجه كندا فجوة تراكمية تبلغ 305,000 متخصص بحلول عام 2030.
في هذا السياق، يبرز الأردن كفرصة واعدة يمكنها الاستفادة من هذا النقص عبر تطوير مهارات الشباب وتعزيز صادراته التكنولوجية. إذ يخرّج الأردن سنويًا نحو 7,000 طالب في مجالات ذات العلاقة بتكنولوجيا المعلومات، لكن معظم الشركات المحلية العاملة في القطاع هي شركات صغيرة ومتوسطة ( (SMEsتفتقر إلى المشاريع الكبيرة وفرص التصدير الأمر الذي يحد من خلق فرص عمل وبالنتيجة يؤدي إلى هجرة الكفاءات إلى خارج الأردن.
وعلى الرغم من الجهود المبذولة في الأردن، لا تزال هناك حاجة إلى إجراءات إضافية لتعزيز الدور الأردني في هذا القطاع، منها:
- ضرورة العمل على مواءمة المناهج التعليمية مع احتياجات السوق العالمي، خاصة في الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني والبيانات الضخمة، وتطوير البرمجيات.
- تعزيز اللغة الإنجليزية بين الطلاب باعتبارها أداة أساسية للتواصل مع الأسواق العالمية، حيث تشترط معظم الوظائف التكنولوجية إجادة اللغة الإنجليزية.
- التدريب العملي والشراكات مع القطاع الخاص لزيادة جاهزية الخريجين لسوق العمل المحلي والدولي.
- تعزيز العلامة التجارية للأردن كمركز إقليمي للتكنولوجيا عبر حملات دولية تروج للكفاءات الأردنية بالإضافة إلى المزيد من تقديم الدعم إلى الشركات المحلية للمشاركة في المعارض والمؤتمرات العالمية لعقد صفقات تصدير.
ولا بد من التأكيد هنا أنه لا يكفي تخريج كفاءات متميزة إذا لم تتوفر لها فرص عمل داخل المملكة، وذلك من خلال خطوات فاعلة لدعم التصدير عبر وحدة متخصصة لتطوير الأعمال والجاهزية، وتعيين مطوري أعمال في أسواق مستهدفة، وتسهيل العقود بين الشركات الأردنية والشركات العالمية التي تعاني من نقص الموارد البشرية المتخصصة.
حاليًا، يساهم قطاع التكنولوجيا بـ 4% من الناتج المحلي الإجمالي، ولكن يمكن مضاعفة هذه النسبة عبر تعزيز الصادرات وتشبيك الشركات الأردنية مع نظيراتها العالمية.
وختاماً، لا بد أن تعمل جميع الجهات بشراكة مثالية لتعزيز التعليم التكنولوجي، وتمكين الشركات الصغيرة والمتوسطة، والتوسع في الأسواق الإقليمية، وفتح الأسواق العالمية من خلال وسطاء ومطوري أعمال متخصصين. إذ إن الاستثمار في هذه الركائز اليوم سيجعل الأردن الوجهة الأولى للشركات الباحثة عن المواهب التكنولوجية ويحول طموحات الخريجين إلى فرص عمل داخل وطنهم.
*الرئيس التنفيذي لجمعية شركات تقنية المعلومات والاتصالات في الأردن – إنتاج