في الوقت الذي يتواصل فيه العدوان الهمجي للاحتلال على قطاع غزة، الذي راح ضحيته أكثر من 9500 شهيد، واستمرار آلة الحرب في تدمير كل شيء وأي شيء، تنشط بالتوازي حرب اخرى يقودها قراصنة الانترنت الذين يستغلون بأنشطتهم انشغال الناس بالتطورات في الميدان ويحاولون إلحاق الضرر بالمستخدمين اقتصاديا ومعنويا في داخل فلسطين وخارجها. 

خبراء وجهات متخصصة في مجال الرقمنة، أكدوا أهمية احتياط الناس من مستخدمي مختلف تطبيقات العالم الرقمي خلال الازمة الحالية وتفعيل كل خطوات الأمان التي يمكن ان تحميهم من خطر داهم يمكن ان يلحق الضرر بنا افراد ومجموعات وفي مجال التاثير في مسار العدوان والحرب.

وشددوا على أهمية تعزيز الأمان باختيار كلمات مرور قوية وتفعيل خاصية المصادقة الثنائية وعدم مشاركة البيانات الخاصة مع اي كان، فضلا عن اهمية عدم الضغط على روابط لاخبار او دعوات للتبرع خلال هذه الفترة وخصوصا اذا ما وصلتنا من جهات غير معروفة المصدر لنا.

يأتي ذلك في وقت تظهر فيه دراسات عالمية ان الهجمات والجرائم الالكترونية هي من أسرع الجرائم انتشارا على مستوى العالم، ففي عام 2021 حدثت هجمات إلكترونية (كل 11 ثانية) عالميا أي تقريبا ضعف ما كان عليه الوضع في عام 2019 (كل 19 ثانية)، وأربعة أضعاف المعدل قبل خمس سنوات (كل 40 ثانية) في عام 2016، ولكن هذه الارقام تزيد في اوقات الازمات والحروب.

مركز “حملة”، المركز العربي لتطوير الاعلام الاجتماعي، اكد قبل أيام بان الساحات الرقمية ومنصات التواصل تشهد ازدياداً ملحوظاً في المنشورات المحرضة في حالات الطوارئ وأثناء الحروب والأزمات، والتي تستهدف الناشطين والسردية الفلسطينية وجهود المناصرة، وقد يتفاقم الشعور بالرقابة وعدم الأمان أمام الملاحقات الرقمية ونشر البيانات الشخصية وحملات تشويه السمعة.

وبالتزامن، تشهد المنصات الرقمية والتطبيقات المختلفة استهدافا من قبل المقرصنين للمستخدمين والمناصرين لفلسطين من خارجها من المستخدمين العرب في المنطقة والعالم مستغلين تعاطفهم وانشغالهم في متابعة الاحداق الدامية في غزة.
واعلن مركز “حملة” الفلسطيني عن دليل شامل حمل عنوان: “دليل الخصوصية والأمان الرقمي في حالات الطوارئ”.

وأكد الدليل على أهمية حماية الأجهزة الذكية بشكل عام في حالات الازمات، داعيا المستخدمين بشكل عام الى شراء الأجهزة من مصادر موثوقة فقط.

وأشار المركز إلى أهمية عدم ترك جهاز الهاتف الخلوي بين أيدي أشخاص غير موثوقين بالنسبة. ودعا إلى قيام المستخدمين بتحديث البرامج والحفاظ على تحديث نظام التشغيل الخاص بالجهاز الذكي وجميع التطبيقات المثبتة عليه على الفور.
وأكد على أهمية ان يستخدم أصحاب الهواتف الذكية برامج مكافحة الفيروسات والبرامج الضارة وان تثبت على الاجهزة الذكية بشكل عام.

وأكد على أهمية عدم استخدام برامج وتطبيقات من مصادر غير موثوقة بها أو غير أصلية وان يجري تنزيلها دوما من المتاجر الإلكترونية الرسمية للهواتف الذكية. وشدد على أهمية تغيير كلمات المرور للأجهزة الذكية وبشكل دوري، وتحديث هذه الانظمة كل فترة.

ومع تعدد أنواع الجرائم والهجمات السيبرانية إلا أن مركز “حملة” قال إن “التصيد الاحتيالي” هو من أكثر أنواع القرصنة شيوعا في مثل هذه الأوقات.

والتصيد الاحتيالي هو طريقة خطرة وفعالة لعمليات الاختراق، وهو يعمل عبر إرسال مجرمي الإنترنت لرسائل للأشخاص أو الشركات تتضمن رابطاً أو مرفقاً ضاراً. ويكون الهدف من ذلك أن ينقر المستهدفون على الرابط، وهو ما قد يقوم بتنزيل برنامج ضار أو يقودهم إلى موقع ويب غير شرعي لسرقة معلوماتهم الشخصية.

 ويمكن ارتكاب هجمات التصيد الاحتيالي بعدة طرق في إنه قد يكون من الصعب اكتشافه حيث تصبح الأساليب أكثر تعقيداً، خاصة مع استحداث الذكاء الاصطناعي، وقد يكون المستخدم قد فتح رسالة بريد إلكتروني للتصيد الاحتيالي مرة من دون أن يدرك الأمر حيث إن مجرمي الإنترنت يعتمدون على الهندسة الاجتماعية لإقناع الضحايا غير المرتابين بفتح المرفقات المشبوهة.

وفي السياق نفسه نصح المركز المستخدمين إلى تحديث جميع التطبيقات على اجهزتهم الذكية، وإلغاء تثبيت أي تطبيقات غير ضرورية أو مستخدمة ، مشددا على اهمية التأكد من أي روابط أو ملفات قبل فتحها.

وأكد على أهمية تفعيل خاصية مصادقة الثنائية لحماية الأجهزة والحسابات المختلفة على مختلف التطبيقات
وخاصية المصادقة الثنائية هي عبارة عن طبقة إضافية من الحماية يمكنك تفعيلها على حساباتك الإلكترونية لمنع أي شخص من الدخول إليها إلا عن طريق موافقة المستخدم، فمع إزدياد وعي المستخدمين للإنترنت، أصبح الجميع يعرف بأن وجود كلمة سر لحماية حساباتهم ليس أمراً كافياً للوقاية من هجمات المخترقين، حيث أن المصادقة الثنائية تقوم بإضافة طبقة منيعة من الحماية لحساباتك الإلكترونية. هذه الطبقة تتطلب موافقة المستخدم الشخصية على كل محاولة تسجيل دخول إلى أحد حساباتك على المواقع الإلكترونية.

وقال خبير أمن المعلومات وحماية الخصوصية سالم بأن أوقات الازمات والحروب والصراعات هي ” مواسم ” تزيد فيها الهجمات السيبرانية والإلكترونية ومن قبل جميع أنواع القراصنة سواء من جانب العدو الإسرائيلي مستهدفين الفلسطينيين في الداخل والخارج والعرب أو من قبل القراصنة الذين يهدفون إلى تحقيق مكاسب مادية والحاق الضرر الاقتصادي والمعنوي بالناس خلال هذه الأوقات باستغلال عواطف ومشاعر الناس المتعاطفين مع الأهل في غزة.

وأكد سالم أن جزءا من الهجمات السيبرانية في أوقات الحروب والصراعات يحمل هدفين رئيسيين : الأول يتثمل في السعي لجمع اكبر قدر من المعلومات عن الطرف الثاني، والثاني يتمثل في السعي الى تثبيط المعنويات واشاعة الأخبار الكاذبة عبر روابط وبرمجيات خبيثة ذكية.

وقال سالم بأن الناس في أوقات الأزمات والحروب وحتى في المناسبات العامة إجمالا تتشوق وتكون متحمسة إلى سماع الأخبار والحصول على المعلومات وبالتالي فإن عليهم التحوط من عدم الضغط على اية روابط لاخبار تصل من مصادر غير موثوقة.

وحذر الناس من عدم تزويد بياناتهم وخصوصا البيانات المالية لأي روابط أو رسائل تدعي نية جمع التبرعات والدعم لأهل غزة، واللجوء إلى جهات رسمية وموثوقة لتقديم التبرعات والدعم.

وأكد سالم بأن على المستخدمين وفي كل الأوقات تغيير كلمات المرور واختيارها بشكل تطون قوية، وتفعيل خاصة التحقق بخطوتين لجميع الخدمات والتطبيقات التي نستخدمها عبر هواتفنا الذكية.

وأشار إلى أهمية عدم مشاركة بياناتنا ومواقعنا وهوياتنا مع أطراف أخرى خلال أوقات الازمات وخصوصا عبر منصات التواصل الاجتماعي التي نستخدمها بكثافة خلال هذه الأوقات.

وفي الذي تعد فيه شبكات التواصل الاجتماعي من أكثر التطبيقات استخداما في العالم الرقمي أكد الخبير والمستشار في مجال الإعلام الاجتماعي خالد الأحمد أهمية تعزيز الحماية الرقمية عبر هذه المنصات.

وبين الأحمد بأن على المستخدمين تعزيز وحماية حساباتهم وبياناتهم عبر هذه المنصات، ووضع أطر حماية حتى لا تخترق مثل تقوية كلمات المرور وتغييرها كل فترة وتفعيل خاصية المصادقة الثنائية، وعدم مشاركة المعلومات والبيانات حول المواقع (الامكنة) والصور للمستخدمين داخل فلسطين حتى لا تكشف معلوماتهم للعدو الإسرائيلي وخصوصا مع تقدمه في المجال التقني وتطويعه لادوات جديدة في الاختراق والحصول على المعلومات مثل الذكاء الاصطناعي.

وشدد الأحمد على أهمية عدم الضغط على روابط قد تصلنا من معارف أو غرباء خلال هذه الفترات حتى لو بدا لنا بانها تهمنا أو تشدنا أو تلاعب مشاعرنا مثل الأخبار ذات العناوين الجذابة أو غيرها من الروابط ذات العلاقة بالحرب الدائرة على أرض غزة.

المصدر الغد