اعداد الدكتورة ايمان عبدالوهاب الكساسبة/ مركز اليرموك للدراسات والابحاث

تشكل الصادرات الأردنية إلى الولايات المتحدة الأمريكية نسبة 25.7% من إجمالي الصادرات الوطنية وفقاً للبيانات الإحصائية الصادرة دائرة الإحصاءات العامة وهذه النسبة تعكس متانة العلاقات التجارية بين البلدين وأهمية السوق الأمريكية كمحطة رئيسية للمنتجات الأردنية ومع استمرار النمو في حجم التبادل التجاري تبرز الولايات المتحدة كواحدة من أبرز الوجهات لصادرات المملكة ما يفتح المجال لمزيد من الاستثمارات وفرص التوسع أمام القطاعات الإنتاجية الأردنية وخاصة قطاعي الألبسة والأدوية

ولكن في ظل قرارات الإدارة الامريكية  بالرفع المتدرج للرسوم الجمركية الأمريكية على الواردات من دول العالم، والتي تراوحت بين 10% و49% وجد الأردن نفسه أمام تحدٍ جديد بفرض رسوم نسبتها 20% على صادراته لا سيما في قطاع النسيج  والملابس الذي يُشكل عماد الصادرات إلى السوق الأمريكية (2.2) مليار دينار من اصل (3.2) مليار  دينار من قيمة الصادرات اى ما يعادل  72% وعلى الرغم أن هذه النسبة تبدو أقل مقارنة بمنافسين رئيسيين مثل بنغلاديش وفيتنام وسريلانكا التي واجهت رسوماً تصل إلى 40% أو أكثر إلا أن السؤال الذي يتبادر لنا هل تستطيع الصناعة الأردنية تحويل هذه الأزمة إلى فرصة؟

الواقع أن الأردن يتمتع بموقع تنافسي نسبي في هذه المعادلة  فاتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة، الموقعة عام 2001 تمنح منتجاته ميزة وصول تفضيلي إضافة إلى أن الرسوم المفروضة عليه تُعتبر متوسطة مقارنة بالدول الأخرى ولكن هذه الميزة لا تكفي وحدها  فالدول الآسيوية  مثل فيتنام وبنغلاديش، تتمتع بتكاليف إنتاج أدنى بسبب وفرة العمالة الرخيصة والبنى التحتية الصناعية المتطورة  ما قد يُعوض جزءاً من تأثير الرسوم المرتفعة على صادراتها  هنا  يُصبح تحدي الأردن مضاعفاً كيف يحافظ على جاذبية أسعار منتجاته مع وجود هوامش ربح ضيقة.

من ناحية أخرى قد تفتح الأزمة أبواباً غير متوقعة فالدول التي تعرضت لرسوم عالية قد تضطر إلى تصريف منتجاتها بأسعار منخفضة في أسواق أخرى مما يُخفض تكلفة الواردات الأردنية من المواد الخام ويدعم قدرة المصانع المحلية على الإنتاج بكفاءة أعلى  كما أن ارتفاع أسعار الصادرات الآسيوية إلى أمريكا قد يدفع الشركات الأمريكية للبحث عن موردين جدد  وهو ما يجعل الأردن على قائمة البدائل إذا استطاع تقديم توازن مناسب بين السعر والجودة.

لكن الطريق لا يخلو من عقبات فاعتماد الأردن الكبير على قطاع النسيج الذي يُشكل نحو 70% من إجمالي صادراته لأمريكا و 30 % لبقية دول العالم يجعله عرضة لأي تقلبات في الطلب العالمي أو تغييرات مفاجئة في السياسات التجارية كما أن تخفيض الأردن للرسوم الجمركية على الواردات الأمريكية، في محاولة لاستقطاب ردود فعل مماثلة ليس استراتيجية مضمونة النتائج إذ إن القرارات الأمريكية غالبًا ما تُتخذ وفق اعتبارات جيوسياسية معقدة ولا تعتمد بالضرورة على مبدأ المعاملة بالمثل.

لتعزيز الفرصة يحتاج الأردن إلى خطة متعددة المحاور أولها رفع كفاءة الإنتاج عبر تبني التكنولوجيا الحديثة مثل أنظمة الذكاء الاصطناعي في إدارة السلاسل الإمداد مما يُخفض التكاليف ويعوض تأثير الرسوم ثانيها الاستثمار في التخصص والابتكار كتصنيع أقمشة ذكية أو منتجات صديقة للبيئة وغيرها لتلبية الطلب المتزايد في الأسواق الغربية على لاقتصاد الأخضر ثالثها تنويع الأسواق التصديرية بالاستفادة من اتفاقيات التبادل الحر مع كندا والاتحاد الأوروبي والتوسع في أفريقيا عبر شراكات مع دول الخليج المستثمرة هناك.

ان التحدي الأكبر يكمن في تحويل الأزمة إلى نقلة نوعية فالصناعة النسيجية الأردنية وإن كانت تواجه ضغوطاً اليوم قد تصبح غداً نموذجاً لاقتصاد مرن قادر على التكيف مع الأزمات التجارية شرط أن تتبنى رؤية طويلة الأمد تقوم على الابتكار لا الاكتفاء بكونها وجهة أرخص من غيرها او لديها ميزة قد تزال في يوم من الأيام ان الرسوم الأمريكية تمثل مرحلة ضمن التنافسية العالمية وعلى الأردن أن يسعى للارتقاء بمستوى احترافي أعلى في المستقبل.