لم يترك العدوان الصهيوني الهمجي على غزة شيئا إلا ودمره، غير أن الضرر الذي لحق بقطاع الاتصالات كان استثنائيا، كيف لا، وهذا القطاع يشكل منبر الغزيين لمخاطبة العالم الذي يتمنى الاحتلال حجبه عن كل من يرى أو كل من يسمع.

كما سعى الاحتلال من وراء سياسته الممنهجة في محاربة قطاع الاتصالات لضرب عمل باقي القطاعات الاقتصادية كونه يشكل عصبا رئيسيا في أي اقتصاد.

ناهيك عن تدمير البنية التحتية للقطاع، فقد قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات الكثير من كوادره جراء الحرب الوحشية وخصوصا العاملين في ادارة وصيانة شبكات الاتصالات وأبراجها في وقت يقدر فيه عدد ضحايا الحرب بعد مرور أكثر من 100 يوم على وقوعها، بقرابة 25 ألف شهيد أكثرهم من الأطفال والنساء.
تقرير حديث لوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الفلسطينية أكد أن قطاعات الاتصالات وتقنية المعلومات والبريد تعرضت لتدمير كبير في البنى التحتية ما أسهم في توقف الخدمات وكبدها خسائر قدرت بمئات الملايين خلال فترة تزيد على ثلاثة أشهر.
وقسم التقرير أنواع الخسائر في قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات في فلسطين جراء العدوان على قطاع غزة الى قسمين: الخسائر في الممتلكات والخسائر التشغيلية.
وبين التقرير أن الخسائر في الممتلكات شملت البنية التحتية العامة، البنية التحتية لشبكات الاتصالات والإنترنت، مراكز البيانات، مرافق الاتصالات، الأجهزة والمعدات والمكاتب، انظمة امدادات الطاقة والدعم الاحتياطية معدات الامن، سجلات وارشيف الموظفين ، الملكية الفكرية، كافة السجلات والارشيف.
وقال التقرير “الخسائر التشغيلية عامة شملت فقدان العقود التجارية الجارية، خسارة العملاء المحتملين، تحديات في السيولة ، فقدان قاعدة العملاء صعوبة تامين الدعم المالي، خسائر فادحة في مساحات العمل والبنية التحتية الاساسية للعمل ، انخفاض كبير في مستويات الانتاج، وخسارة الشراكات والتحافات الاستراتيجية”.
وأوضح التقرير الذي نشرته الوزارة قبل أيام أن المعطيات تشير إلى تضرر أكثر من 130 شركة بشكل كلي او جزئي اضافة الى تدمير الكابلات الضوئية والنحاسية والمقاسم والاعمدة والابراج ومواقع الشبكات الخلوية.
وتشير تقديرات الى أن قطاع الاتصالات وخدمات الانترنت دمر بشكل كبير في قطاع غزة إذ كان يعمل قبل الانقطاع الحالي الذي تشهده بنسبة لا تزيد عن 20 % من طاقتها الفعلية التي تحركها شركتان خلويتان وشركة للهواتف الارضية.
وأكدت الوزارة أن تقديراتها الأولية وتقديرات اتحاد شركات انظمة المعلومات ” بيتا” تضرر الشركات كافة بشكل كلي أو جزئي إذ تم تدمير مقار الشركات وفقدان العديد من الموظفين العاملين فيها، كما توقف جميع الموظفين العاملين بدوام كامل في القطاع عن العمل اما بسبب توقف الشركات عن العمل او بسبب إصابة أو استشهاد موظفيها او نتيجة للنزوح القسري او التهجير
واشارت الوزارة الى خروج 6 حاضنات أعمال عن الخدمة في القطاع وجميع المراكز التقنية ومنها تلك التي تضمها جامعات قطاع غزة والبالغ عددها 16 جامعة بسبب التدمير الكلي أو الجزئي للبنية التحتية.
ووفق المعلومات المتوفرة من الادارة العامة للبريد فقد توقف قطاع البريد عن العمل في قطاع غزة بسبب تعرض أغلب المكاتب البريدية والبالغ عددها عشرة مكاتب للتدمير الكامل لبنيتها التحتية وانقطاع الاتصال مع الموظفين العاملين في البريد.
وقال التقرير “قطاع البريد يعمل في ظروف صعبة في الضفة الغربية نتيجة المضايقات وقطع الطرق بين المحافظات وهجمات المستوطنين كما تأخر عمل البريد الصادر والوارد بسبب القيود والاجراءات المعقدة التي فرضها الاحتلال بعد السابع من تشرين الأول (أكتوبر) 2023”.
وتأثرل القطاع الاقتصادي في الضفة الغربية نتيجة الحرب على قطاع غزة بشكل كلي بسبب توقف العجلة الاقتصادية نتيجة انخفاض التجارة وتدفقات رأس المال والاستثمار إضافة إلى توقف عمل العمال العاملين في الأراضي الفلسطينية المحتلة وعدم صرف رواتب الموظفين العموميين جراء رفض السلطة الفلسطينية استلام أموال المقاصة من جانب الاحتلال بسبب القرار الأخير باقتطاع جزء من أموال المقاصة المخصصة لقطاع غزة عدا عن تجميد والغاء بعض العملاء والشركات العالمية عقودها الموقعة مع الشركات الفلسطينية وتوقف بعض الدول عن متابعة برامجها الانمائية وسحبها للدعم المقدم لفلسطين.
هذا الأثر لم يقتصر على قطاع غزة وإنما انعكس على الضفة الغربية أيضا وان كان بشكل أقل، فقد كان لأثر العدوان على غزة وما تبعه من تداعيات في الضفة الغربية والتي تمثلت في تشديد الخناق على محافظات الضفة وتقطيع التواصل بين المحافظات وعرقلة وصول البضائع من الخارج ومنع وصول الفلسطينيين من مناطق 48 إلى مدن الضفة ومنع وصول العمال للعمل في الداخل المحتل. كل هذه الأسباب وغيرها أدت الى شل الحركة الاقتصادية في فلسطين،
وأشارت التقديرات الأولية إلى أن منشآت القطاع الخاص في فلسطين تكبدت خسائر تقدر بحوالي 1.5 مليار دولار أميركي منذ بدء عدوان الاحتلال الصهيوني على قطاع غزة.

المصدر الغد