يمثل قرار الأردن الإستراتيجي بالاستثمار في بنية تحتية لمراكز البيانات خطوة وان تأخر إلا أنها ضرورية نحو تعزيز الاقتصاد الوطني والمركز التكنولوجي للمملكة. حيث من المتوقع أن يدفع هذا التحرك الاستراتيجي النمو الاقتصادي، وخلق فرص العمل، وتعزيز التقدم التكنولوجي، وتوطيد مكانة الأردن كمركز إقليمي للبيانات.

ومن المزايا الرئيسية لهذه المبادرة الاستثمار الرأسمالي الكبير المطلوب لبناء وتشغيل مراكز البيانات. وسوف يحفز هذا التدفق الاستثماري النشاط الاقتصادي المحلي، مما يخلق مجموعة من فرص العمل، بدءا من البناء والصيانة وصولا إلى العمليات والإدارة.  وعلاوة على ذلك، فإن بنية تحتية متطورة لمراكز البيانات جذابة للغاية بالنسبة لشركات التكنولوجيا والشركات الناشئة، مما يعزز اقتصادا مزدهرا قائما على المعرفة.

كما إن مراكز البيانات ضرورية لتوفير اتصال إنترنت موثوق به وعالي السرعة. وستدعم هذه البنية التحتية الرقمية نمو خدمات الحوسبة السحابية، مما يمكن الشركات والأفراد من الوصول إلى موارد الحوسبة عند الطلب. وعلاوة على ذلك، تعمل مراكز البيانات كأقطاب للابتكار التكنولوجي، حيث تجذب الشركات الناشئة ومؤسسات البحث والشركات متعددة الجنسيات.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن البنية التحتية الرقمية القوية هي محفز للابتكار وريادة الأعمال، مما يدفع التنمية الاقتصادية ويحفز ثقافة الابتكار. وبناء على ذلك، فإن مراكز البيانات ليست مجرد معجزات تكنولوجية؛ إنها قوى اقتصادية. إن إنشاء وتشغيل وصيانة هذه المرافق يخلق مجموعة متنوعة من الوظائف عالية المهارة، مما يحفز الاقتصادات المحلية ويعزز القوى العاملة الماهرة.

ويضع موقع الأردن الجغرافي الاستراتيجي البلاد كمركز رئيسي لحركة البيانات بين أوروبا وآسيا وأفريقيا. ومن خلال الاستثمار في مراكز البيانات، يمكن للأردن الاتصال بالشبكات الإقليمية والدولية، مما يحسن الاتصال ويقلل من زمن الوصول والاتصال. كما أن ذلك لن يؤدي إلى تعزيز البنية التحتية الرقمية للبلاد فحسب، بل سيساهم أيضا في السيادة الرقمية، مما يضمن أن يحتفظ الأردن بالسيطرة على أصولها الرقمية. فمن خلال الاستثمار في مراكز البيانات المحلية، يمكن للدولة الاحتفاظ بالسيطرة على أصولها الرقمية، مما يضمن خصوصية البيانات وأمنها.

وسيدعم استثمار الحكومة في مراكز البيانات أيضا مبادرات الحكومة الإلكترونية، مما يتيح تقديم خدمات عبر الإنترنت فعالة للمواطنين.  بالإضافة إلى ذلك، تعد البنية التحتية القوية لمراكز البيانات أمرا بالغ الأهمية لتعزيز تدابير الأمن السيبراني، وحماية البيانات الحكومية الحساسة، وضمان الأمن الوطني. فهي توفر العمود الفقري للبوابات الحكومية عبر الإنترنت، مما ييسر العمليات الإدارية ويحسن مشاركة المواطنين.  ويعد جذب الاستثمار الأجنبي هدفا رئيسيا لاستراتيجية مراكز البيانات الأردنية. حيث تعتبر البنية التحتية الرقمية المتطورة جذابة للغاية لشركات التكنولوجيا الأجنبية، مما يشجعها على إقامة استثماراتها وعملياتها في البلاد. علاوة على ذلك، قد تستثمر الشركات الأجنبية أيضا بشكل مباشر في مراكز البيانات، مما يعزز الاقتصاد بشكل أكبر.

بالإضافة إلى هذه الفوائد المباشرة، يمكن أن يكون لاستثمار الأردن في مراكز البيانات تأثير متسلسل على قطاعات أخرى من الاقتصاد. فعلى سبيل المثال، قد يحفز الطلب المتزايد على البنية التحتية لمراكز البيانات النمو في الصناعات ذات الصلة مثل البناء والاتصالات والطاقة المتجددة. علاوة على ذلك، يمكن أن يجذب توافر البنية التحتية الرقمية المتقدمة الشركات والصناعات الأخرى إلى الأردن، مما يخلق حلقة ردود فعل إيجابية للتنمية الاقتصادية.

ولا تقتصر فوائد استثمار الأردن في مراكز البيانات على النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل. حيث تعتبر البنية التحتية الرقمية القوية ضرورية لبناء اقتصاد مرن ومستدام في مواجهة التحديات العالمية. من خلال الاستثمار في مراكز البيانات، يضع الأردن نفسه في موقع قيادي في العصر الرقمي، قادرًا على المنافسة على المستوى العالمي وجذب الاستثمار الأجنبي. بالإضافة إلى ذلك، تلعب مراكز البيانات دورا محوريا في تعزيز الاتصال الإقليمي، حيث تعمل كمحاور لحركة البيانات وتقليل زمن الوصول. هذا الاتصال المحسن يعزز التعاون والتجارة والنمو الاقتصادي.

علاوة على ذلك، يمكن أن يساهم تطوير البنية التحتية القوية لمراكز البيانات في جهود الأردن لتحقيق أهداف التنمية المستدامة. فيمكن أن يحسن الوصول إلى التكنولوجيا الرقمية التعليم والرعاية الصحية والخدمات الأساسية الأخرى، مما يقلل من التفاوتات ويعزز الشمول الاجتماعي .

ومع ذلك، فإن بناء وتشغيل مراكز البيانات يمثل أيضًا تحديات كبيرة. من بين الاعتبارات الرئيسية التكاليف الرأسمالية المرتفعة واستهلاك الطاقة والتأثير البيئي. ويتطلب معالجة هذه التحديات تخطيطا دقيقًا والابتكار التكنولوجي والممارسات المستدامة.

يتسم مستقبل مراكز البيانات بالنمو المستمر والابتكار. فمع استمرار انفجار حجم البيانات، ستحتاج الدول إلى الاستثمار في تقنيات وبنية تحتية جديدة لتلبية الطلب المتزايد. إن تطوير الحوسبة السحابيه والذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية سيزيد من تحويل مشهد مراكز البيانات.

فقرار الأردن بالاستثمار في البنية التحتية لمراكز البيانات هو خطوة استراتيجية ذات فوائد بعيدة المدى للاقتصاد والمجتمع والبيئة في الأردن. من خلال الاستفادة من المزايا الاقتصادية والتكنولوجية والجيوسياسية لهذه المبادرة، يضع الأردن نفسه كدولة مدفوعة بالتكنولوجيا، قادرة على المنافسة على المستوى العالمي وجني ثمار الاقتصاد الرقمي. فاستثمار البلاد في مراكز البيانات يعد خطوة مهمة نحو مستقبل أكثر ازدهارًا واستدامة وتقدمًا من الناحية التكنولوجية.

المصدر الغد