في خضم التحديات الراهنة والأحداث المؤلمة التي تعصف بالمنطقة، جاء انعقاد منتدى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات “MENA ICT Forum 2024”  تحت رعاية ملكية سامية في 20 و21 تشرين الثاني، والذي نظمته “جمعية شركات تقنية المعلومات والاتصالات في الأردن – إنتاج”، كإشارة واضحة على الدور الريادي لقطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الأردني في التقدم والابتكار.

ولقد شهد المنتدى حضورًا مميزًا تجاوز 3000 مشارك من الأردن ودول المنطقة، وخاصة من السعودية، والإمارات، والكويت، وقطر، والبحرين، وعُمان، واليمن، ومصر، والعراق، ولبنان، وسوريا، بالإضافة إلى مشاركة فلسطينية واسعة من خلال جناح فلسطيني مميز ضم عددًا كبيرًا من الشركات الفلسطينية، مما يدل على الإصرار الفلسطيني على المشاركة الفاعلة في تنمية القطاع التكنولوجي وتأكيد حضورهم على الساحة الإقليمية والدولية، بالرغم من الظروف الصعبة التي يمرون بها، فهذا التجمع الكبير من حوالي 40 دولة، يعكس الرغبة الحقيقية في تعزيز التعاون والتشبيك لتطوير قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في المنطقة.

كما تجلت أهمية المنتدى في مشاركة عدد من الوزراء العرب، والسفراء، والدبلوماسيين المقيمين في الأردن من دول عديدة. بالإضافة إلى حضور رئيسي مجلس إدارة كل من الاتحاد العربي لتقنية المعلومات والاتصالات، والاتحاد العربي للإنترنت والاتصالات، وعدد من رؤساء مجالس إدارة جمعيات التقنية في دول عربية متعددة، بالإضافة إلى الرئيس التنفيذي لـ”تحالف الابتكار والتكنولوجيا والخدمات في العالم”. هذه المشاركة الرفيعة المستوى تؤكد على الثقة الكبيرة التي يوليها القادة العرب والدوليون لدور الأردن المميز في الإبتكار، والتكنولوجيا، وريادة الأعمال، وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي.

إن قدرة الأردن على تنظيم واستضافة مثل هذا الحدث الكبير تحت هذه الظروف تعكس دوره كمركز للاستقرار والتعاون الإقليمي، فالمنتدى لم يكن مجرد منصة للتواصل والتعلم، بل كان تأكيدًا على التزام القطاع التكنولوجي بالاستمرار في التطور والابتكار، مسلطًا الضوء على أهمية التكنولوجيا كأداة للتغيير الإيجابي وبناء المستقبل.

ولقد كان لمشاركة أكثر من 100 شركة ناشئة أردنية وعربية في “القرية العربية للشركات الناشئة” دور في إبراز الحيوية والابتكار الذي يتمتع به الشباب العربي، فهؤلاء الشباب يسعون جاهدين لتقديم حلول تقنية تلبي احتياجات المجتمعات المحلية، وتساهم في التنمية المستدامة، الأمر الذي يضفي أملاً جديدًا على مستقبل أكثر إشراقًا.

بالإضافة إلى مشاركة عدد كبير من أصحاب القرار في شركات القطاع الخاص والعام والخبراء، فلقد شهد المنتدى مشاركة فاعلة من الأكاديميين من مختلف الجامعات، الذين أثروا النقاشات بخبراتهم العلمية، وساهموا في ربط البحث الأكاديمي بالتطبيقات العملية في مجال التكنولوجيا.

إضافة إلى ذلك، لم تنحصر المشاركة على المختصين وذوي العلاقة بالتكنولوجيا والاتصالات، بل حضر ممثلون من قطاعات أخرى، كقطاع الصحة، والقطاع المالي، والتعليمي، والسياحي، وغيرها من القطاعات الحيوية، فهذه المشاركة المتنوعة تعكس الوعي المتزايد بأهمية التكنولوجيا في تطوير وتحسين مختلف المجالات، وتعزز التكامل بين القطاعات لتحقيق التنمية المستدامة.

كما أن الجوائز التي تم تقديمها في المنتدى لم تكن مجرد تكريم للجهود الفردية، بل كانت رسالة تحفيزية للمزيد من الابتكار والتفوق، إذ إن تقدير المواهب والإبداع يشجع على تبني الأفكار الجديدة التي قد تكون مفتاحًا لحل العديد من المشكلات التي تواجه المنطقة.

بالإضافة إلى ذلك، فإن التشبيك بين المشاركين فتح آفاقًا جديدة للتعاون، ليس فقط في مجال التكنولوجيا والاتصالات، بل امتد ليشمل الجوانب الاجتماعية والاقتصادية، فتبادل الخبرات والأفكار يعزز الروابط بين الدول والشعوب، مما يسهم في تعزيز التضامن والوحدة في مواجهة التحديات المشتركة.

إن عقد المنتدى في هذا الوقت بالذات، وفي هذه الأوقات العصيبة التي تمر فيها منطقتنا، حمل رسالة واضحة، وهي أن التكنولوجيا والابتكار هما السبيل للتغلب على الصعاب وتحقيق التنمية، فقد دعا إلى التركيز على ما يمكن أن يجمعنا ويدفعنا نحو الأمام.

وفي الختام، وللتأكيد فإن منتدى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات منصة جمعت بين الأمل والتحدي، فقد جمعت بين عقول مبدعة سعت إلى إحداث فرق في ظل ظروف قاسية تطلبت تكاتف الجهود، والعمل الجاد لاستخدام ما لدينا من أدوات ومعرفة لبناء غدٍ أفضل لمنطقتنا ولأجيالنا القادمة.

المهندس نضال البيطار 

الرئيس التنفيذي لجمعية شركات تقنية المعلومات والاتصالات في الأردن – انتاج