في كل عام بات الإحتفاء بيوم المرأة العالمي محطة أساسية من أجل تكريم النساء، بعدما أصبحت أدوارهن لا تعد ولا تحصى، فالمرأة اليوم رائدة في شتى ميادين العمل، ومن هنا فإن يوم المرأة العالمي يأتي تتويجاً لإنجازات المرأة التي نجحت في التوفيق بين أدوارها في الحياة، إن على صعيد مهمتها الطبيعية كأم تنشىء الأجيال او لجهة دورها في المجتمع كعنصر منتج وفاعل، وما يوم المرأة العالمي الا تأكيداً على تلك القوة العظمة التي باتت تشكلها المرأة، ما انعكس مزيداً من التقدم في مجال العمل، وتعزيزاً لدورها في الحياة اجتماعياً واقتصادياً، حيث أنها تعتبر ركناً أساسياً في بناء العائلة، ولاعباُ محورياً في تطوير المجتمع، لكن هل من المنصف ان نختصر المرأة بيوم واحد في العام، رغم كل ما تقدمه؟
للإطلاع بشكل أكبر على دور المرأة كان هذا اللقاء مع احدى السيدات الرائدات في مجال عملهن، السيدة زين محمد خير الشياب، التي تتولى مهمة ادارة الخدمات المؤسسية و الشركات التابعة في شركة Trust Holdings، كما تقوم بتنظيم الخدمات الخاصة في المؤسسات التابعة للشركة الأم Nest Investments Holdings LTD. و بالأخص شركات التأمين.
مهام زين الشياب تأتي على خلفية خبرتها العملية التي تفوق ال 20 عاما، فهي حاصلة على درجة الماجستير في إدارة الاعمال (MBA )، كما حصلت على شهادات مختلفة في الادارة والتخطيط وتأسيس الشركات الصغيرة من جامعات ومؤسسات عالمية منها New York University و Cranfield School of Management وMcKinsey و Cartier، ومؤخراً وبظل مواكبة أحداث الوباء العالمي COVID19 حصلت الشياب على شهادة متخصصة في إدارة الأزمات من جامعة هارفرد Harvard University
المرأة كتلة من الجهد المكثف والعاطفة الرقيقة والإرادة القوية
بداية تؤكد زين الشياب انه لا يمكن اختصار المرأة بيوم واحد في العام، فهو فقط محطة للإضاءة على الانجازات والتحديات التي تواجهها المرأة والتي يجب على العالم أجمع أن يفتخر بها، فدور المرأة لا يكمن فقط بكونها امرأة عاملة أو أم أو زوجة أو جدة أو أخت أو ابنة أو حتى صديقة، بل هي جميع الأدوار المذكورة سويةً، وترى إن كل امرأة تمثل قصة نجاح مختلفة وجميلة بتفاصيلها بغض النظر عن ظروفها، فالمرأة كتلة من الجهد المكثف والعاطفة الرقيقة والإرادة القوية، ولا بد من وجود أيام وليس يوم واحد فقط لتقدير المرأة، وتكريم هذا العطاء اللامتناهي في المجالات المختلفة.
حب بيئة العمل و طبيعته يطغى على حب المال والدخل عند المرأة
أما عن المساواة مع الرجل وتقدم المرأة عليه في بعض المجالات، فترى زين الشياب أن المساواة لم تتحقق، ولكن نعم تقدمت المرأة على الرجل، وفي ضمن الظروف والتحديات التي نواجهها اليوم، لم تتحقق المساواة في الدول المتقدمة بعد فكيف هو الحال في الدول النامية؟، وتضيف:”ما زال موضوع المساواة تحدياً كبيراً جداً، وللأسف ما زال هناك الكثير من الرجال من يجدون صعوبة في تقبل وجود”مديرة” أنثى على رأس العمل، كما أن نمط الحياة الشرقي يفرض على المرأة دور الأم والزوجة والأخت والابنة والجدة بكافة متطلباته من الرعاية والتربية والاهتمام، على شكل ومستدام وفي نفس الوقت لا يتطلب ذلك من الرجل.
لكن يجب الاعتراف بأن المرأة قد تقدمت على الرجل وبدرجات من خلال شغفها في كل ما تعمل وحبها لما تقوم به، فطبيعة العمل و بيئته يطغى على حب المال والدخل عند المرأة، لقد تقدمت المرأة أيضا بقدرتها على ادارة وتنظيم مهام متعددة بنفس الوقت والنجاح والتميز بها كافة. وتسأل زين الشياب أي رجل اليوم يستطيع أن يكون ناجحاً ومتميزاً في العمل ويقوم بإدارة المنزل وتلبية حاجات أولاد مراهقين وتعليمهم، وفي نفس الوقت عليه أن يظهر بأحسن هيئة وحال ويحافظ على ابتسامته؟
وجود نظام يدعم المرأة العاملة هو المهمة الأصعب
وعن أبرز ما تواجهه المرأة خلال مسيرتها العملية، تشير مديرة مديرة الخدمات المؤسسية و الشركات التابعة في شركة Trust Holdings الى أن “المرأة تواجه اليوم الكثير من النجاحات والصعوبات معاً، وتعتبر ان وجود نظام يدعم المرأة العاملة هو المهمة الأصعب على الإطلاق، معتبرة أن “الوصول للنجاح والتميز والتفوق هو بحد ذاته تحد تواجهه كل امرأة عاملة على مدار الأربعة وعشرين ساعة في يومها وحياتها، وخاصة في الوطن العربي”.
وتتحدث زين الشياب عن تجربتها قائلة: “مررت كإمرأة بالكثير من الصعوبات والتحديات في بداية مسيرتي العملية، حيث كنت أكمل دراستي الماجستير وانا حامل بطفلتي آية وموظفة في نفس الوقت، و لم أنقطع يوما عن العمل حتى في أصعب الظروف والأوقات، وتتابع:”الشعور باللوم والتقصير هو أكبر عائق ودافع في نفس الوقت، حيث كان ينتابني الكثير من الأوقات التي أشعر بالذنب واللوم بسبب إبتعادي عن المنزل لأوقات طويلة، ما كان يزيد العبء عليّ لأعوض على أولادي، لكن وصلت الى مرحلة الاستنزاف حتى تعبت وبدأت أطلب المساعدة، وكان لا بد من ايجاد نظام دعم ومساعدة لي والذي أساسه “زوجي و والدتي”… فلولاهما لما وصلت الى ما أنا عليه اليوم.”
Trust Holdings تضع كامل ثقتها بالمرأة ودورها
من جهة ثانية تؤكد الشياب أن شركة (Trust Holdings ) تمنحها كامل الثقة كإمرأة وصانعة قرار، ما يعكس مدى ايمان الشركة وادارتها بدور المرأة، وتضيف:”لا بد من التنويه بما قامت به الشركة من جهود خلال مرحلة مواكبة الوباء العالميCOVID19 من دعم للموظفين وبالأخص للنساء العاملات، واعطائهن الحق بالعمل عن بعد للتواجد مع أسرهن مع المرونة في العمل، وعلى الرغم من أن بعض الدول أجازت للشركات باقتطاع جزء من رواتب موظفيها، إلا أن شركة (Trust Holdings) لم تتخذ أي اجراء قد يؤثر سلباً على الموظفين، أو يقلل من دخلهم ومستوى المعيشة لهم ولأسرهم، كذلك لم تقلّل الشركة من الامتيازات الممنوحة لهم، وهذا بحد ذاته يحملنا جزء أكبر من المسؤولية للاستمرار بالعطاء والتميز لدعم الشركات وضمان ديمومتها إن شاء الله. “.
وعلى صعيد مكامن الضعف لدى المرأة العاملة، ترى زين الشياب أنها كثيرة ولا تحصى، مشيرة الى أن المرأة العاملة لها وظيفتان في الحياة وليس وظيفة واحدة، وتتابع زين الشياب:” بالرغم من جميع التحديات والصعوبات، المرأة العاملة في مجتمعنا العربي باتت أقوى بكثير من قبل وذلك لتسلحها بالعلم والوعي، وأكبر نقطة ضعف للمرأة هي مسؤولياتها، فالمرأة العاملة أصبح لها وظيفتان، الوظيفة الأساسية تجاه الأسرة سواء كانت ابنة أو أخت أو أم والوظيفة الثانية المرأة العاملة، وهذا الذي يجعل من حياتها الشخصية أولوية مهمشة لا يصح لها أن تدركها”.
الذكاء العاطفي أصبح من أهم المهارات المطلوبة في سوق العمل
وتشير زين الشياب الى ان “المرأة كتلة من العواطف، وكونها كذلك قد يحكم عليها بشكل خاطىء وتتهم بأن قراراتها عاطفية، وهذا مفهوم خاطىء، فالذكاء العاطفي أصبح اليوم هو من أهم المهارات المطلوبة في سوق العمل من الذكر و الأنثى وليس نقطة ضعف”.
وكما يقال “المرأة كما تظهر والرجل كما يشعر”، إن هذه المقولة صحيحة جداً، وبالإضافة للعلم والفكر والثقافة فالجمال والإطلالة المميزة هي أيضا ممكن أن تكون نقطة ضعف تتطلب الكثير من المرأة لتحقيقها في آن واحد مع المسؤوليات الأخرى الأسرية و المهنية “.
كوني امرأة عنيدة ذات ارادة قوية متمسكة بما تؤمنين به
وإنطلاقاً من دورها كإمرأة عاملة تختم مديرة الخدمات في شركة Trust Holdings السيدة زين الشياب حديثها بمناسبة يوم المرأة العالمي بتوجيه رسالة لكل إمرأة عاملة وتقول لها:” كوني امرأة عنيدة ذات ارادة قوية متمسكة بما تؤمنين به، و بعد ذلك ستستطيعين أن تجدين كل ما تحتاجين اليه للوصول الى ما تريدين وتتمكني من إرضاء نفسك أولا، وعندها يصبح بإمكانك أن تساعدني من هم من حولك و مسؤولين منك”.
وتضيف زين الشياب:” بعد وباء COVID-19 أصبح العمل عن بعد هو منهجية أساسية للعمل في الشركات وليس استثناء، وكل امرأة أصبح لديها الفرصة لتطوير مهاراتها وتثقيف نفسها، والحصول على شهادات جامعية والتعلم عن بعد دون الحاجة الى مغادرة منزلها بظل توفر الأجهزة الذكية والانترنت، وعليه تدعو كل النساء الى الثقة بأنفسهن، حيث أن ثقة المرأة بنفسها هو مصدر نجاحها في الحياة والعمل، وذلك هو الأساس من أجل تحقيق الإنجازات”.
آثار جائحة كوفيد-19 على حياة المرأة العاملة
وعن تأثير جائحة كوفيد – 19على حياتها الشخصية والمهنية وكيفية تعاملها مع هذه الجائحة، تشير زين الشياب بالقول:”كان لكوفيد 19 آثارمتعددة منها السلبية والإيجابية، فكان هنالك الجانب الصحي والخوف على عائلتي وأهلي وأصدقائي مما قد يلحقه الإصابة بالمرض من خسائر لاسمح الله أو توابع صحية، كما كان هنالك الجانب المتعلق بالتهديد الوظيفي وخسارته، خاصة في ظل حكومة لم تصدر أي قرارات تدعم المرأة وبالأخص الأم العاملة.
أما بالنسبة للجانب الإيجابي فقد منحتني الفرصة للتعلم أكثر و مواكبة التكنولوجيا تحت الضغط والعمل على ايجاد حلول في العمل، وطرق تضمن استمرارية العمل والانتاجية من خلال العمل عن بعد، واستغلال التكنولوجيا للتواصل والاستمرارية في العمل. كما أتاحت جائحة كورونا الفرصة لي للتعلم والالتحاق في برامج تعليمية بأسعار منافسة، ما كان من الممكن الحصول عليها في الظروف العادية عن بعد وبأسعار رمزية، فقد التحقت بجامعة هارفرد واتممت برنامج تدريبي Forecasting Business Continuity During a Crisis و برنامج آخر في Business Digitization. و على الصعيد الشخصي بدأت بتعلم العزف على البيانو.
وتضيف:”لا شك بأن جاحة كورونا منحتني الفرصة للعمل عن قرب من أسرتي و أبنائي والتواجد معهم، ومتابعتهم عن قرب وممارسة بعض من الممارسات العائلية التي تحرم منها الأم العاملة بسبب العمل لساعات طويلة أبسطها تناول وجبة الغذاء معا وتعزيز العادات الصحية في المنزل”.
في الختام وبمناسبة يوم المرأة العالمي لم يعد سرا أن المرأة أثبتت شجاعتها ودورها المحوري في الحياة على صعيد المنزل والعائلة، او من خلال نجاحها في عملها وتحقيق الانجازات في تحمل المسؤوليات التي تلقى على عاتقها، فأثبتت أنها شريك حقيقي للرجل وهي لم تعد نصف المجتمع كما كان سائداً بل باتت ركناً أساسياً في حياة المجتمعات بأسرها، فالمرأة الأم والعاملة هي من تعمل على تربية الأجيال وتنشئتها، وفي نفس الوقت تنتج وتعمل وتشارك في تلبية متطلبات الحياة لها ولعائلتها وتقف الى جنب زوجها، فلكل امرأة تحية التقدير في يومها الذي لا يمكنه ان يختزل رسالتها ودورها في الحياة، لكن يبقى يوم المرأة العالمي محطة مشرقة في مسيرة كل امرأة تترك بصمة في الحياة من أجل الغد الأفضل.