كشفت دراسة أجرتها شركة “ماكنزي” أنّ 69% من مشاريع التحوّل الرقميّ تفشل، وعلى الرغم من هذه النسبة العالية للفشل، إلّا أنّ المؤسّسات، سواء كانت حكوميّة أو قطاعاً خاصّاً، لا تزال تستثمر في هذه المشاريع؛ لأنّها مهمّة للغاية.
إنّ تسليط المزيد من الضوء على هذه المشاكل والأسباب سيساعدنا على معرفة سبب فشل العدد الكبير من المشاريع وتقديم نصائح للعملاء والمورّدين لتجاوز هذه التحدّيات.
إن من أهم أسباب فشل مشاريع التحول الرقمي والتكنولوجيا:
– عدم تحديد أهداف كافية للمشروع يضاف إليها قلّة التواصل وعدم التوافق في التوقّعات، فقد يبدأ العملاء والمورّدون العمل في المشاريع دون الاتفاق مسبقا على رؤية مشتركة ودون وجود نطاق عمل مفصّل يحتوي على الأمور المتعلّقة بالأعمال والعمليّات والتقنيّات.
– أضف إلى ذلك أهمية العمل على التنسيق والتوافق بين الموارد البشريّة المنخرطة بالمشروع بشكل مباشر أو غير مباشر، إذ يشكل عدم توافقها أو انسجامها إلى سوء فهم او تقدير أثناء مرحلة تنفيذ المشروع.
– كما يمكن للتغييرات او التعديلات المفاجئة وغير المتوقّعة على نطاق المشروع ان تتسبب في إحداث فوضى في جداول المشاريع والميزانيّات، ممّا يؤدي إلى شعور بالإحباط لدى جميع الأطراف المعنيّة بالمشروع.
– إن عدم وجود تعريفات واضحة لمتطلّبات المشروع يمكن أن يوفر أرضيّة خصبة للغموض ويقودنا في كثير من الأحيان إلى تفسيرات خاطئة ومتضاربة، الأمر الذي يرفع من مستوى التحديات لظهور إشكالات تتعلق بالثقة والمساءلة، مما يؤدّي إلى تعطّل التقدّم والإنجاز.
– إن عدم إشراك جميع الأفراد في المؤسّسة بالإضافة إلى عدم الاستثمار في بناء القدرات، يساهم في تعثّر العديد من هذه المشاريع قبل اكتمالها.
– كما تلعب المنهجية أو اللامنهجية – في بعض الأحيان – المعقّدة الّتي يتعاون بها العملاء والمورّدون معاً دورا في تعثر المشروع، جنباً إلى جنب مع المشاكل الّتي تنشأ خلال مرحلة التنفيذ.
أما فيما يتعلق بالعملاء، فلا بدّ من الشفّافيّة والتنسيق والتواصل من خلال محادثات مفتوحة، توضّح أهداف المشروع والتوقّعات والنتائج المطلوبة، فالتواصل المنتظم مع المورّدين يضمن التوافق طوال دورة حياة المشروع.
كما أنّ الدقة والمرونة مطلوبة هنا أيضا في تحديد نطاق العمل من خلال وضع تفاصيل المشروع بشكل شامل وواضح مع الحفاظ على مرونة مناسبة لأي تغييرات محتملة من خلال المشاركة في مناقشات مفتوحة مع المورّدين الأمر الذي سيؤدّي إلى توافق وفهم أثر أيّ تعديلات على نطاق العمل.
إنّ التعاون عن كثب مع مديري المنتجات والمشاريع الّذين يفهمون احتياجات الأعمال والتفاصيل التقنيّة وتوثيق تفاصيل المشاريع قبل البدء بها وخلالها تساهم بشكل كبير في تفادي أيّ سوء تفاهم أو خلافات بين العملاء والمورّدين، بل يساهم أيضاً في بناء الثقة بين جميع الأطراف وأعضاء فرق العمل، فالثقة بخبرة المورد الّذي تمّ اختياره ضروريّة للاستفادة من التحديثات والملاحظات الّتي يتقدّم بها.
كما أن قيام العملاء بتعيين مدراء مشاريع ومنتجات على قدر كبير من الكفاءة يعد واحدا من أهم أسباب نجاح المشاريع، إذ انهم يشكلون حلقة وصل بين العملاء والمورّدين، من حيث الاشراف على الجداول الزمنيّة والميزانيّات وتخصيص الموارد لأنّ قيادتهم وادارتهم للمشروع تضمن التواصل السلس وحلّ المشكلات في الوقت المناسب.
على نفس القدر من الأهمّيّة، فإنّ مدراء المنتجات الماهرين يساهمون بشكل رئيسيّ في ردم الفجوة بين متطلّبات العملاء التجاريّة وجوانب المشروع التقنيّة، لتمتعهم بفهم عميق لاتّجاهات السوق واحتياجات المستخدمين ومعايير الصناعة؛ ممّا يقودنا إلى ترجمة أهداف ومتطلّبات الأعمال التجاريّة إلى مواصفات تقنيّة، الأمر الذي يحقق التوافق مع رؤية العميل.
كما يشكل تعاونهم مع كافّة الأطراف، إطاراً قويّاً للقيادة حيث يضمن مديرو المشاريع تنفيذاً فعّالاً، في الوقت الذي يضمن فيه مديرو المنتجات التوافق مع الأهداف الاستراتيجيّة. هذا التناغم في القيادة يعزّز من عمليات التنسيق في المشروع، ويقلّل من سوء الفهم، ويحسن النتائج.
أما الشق المتعلق بالمورّدين، فلا بدّ لهم من التواصل الفعّال مع عملائهم، من خلال اطلاعهم على تقدّم المشاريع والتحدّيات المحتملة وتشجيعهم على مشاركة أفكارهم، ومخاوفهم واقتراحاتهم وتفضيلاتهم طوال دورة حياة المشروع. كما أنّ الاستمرار في متابعة أيّ تغييرات على نطاق العمل ومناقشة أيّ تعديلات مع العملاء يوصلنا إلى تشكيل رؤى واضحة تبيّن الآثار المحتملة لأيّ تعديلات قد يطلبها العميل مما يؤدّي إلى رحلة سلسة مبنيّة على الثقة خلال كافة مراحل تنفيذ المشروع الذي يتطلب تعاوناً بشكل تشاركيّ مع مدراء المشاريع والمنتجات والعملاء للوصول إلى فهم مشترك لكافة مراحل المشروع.
في الختام، يجدر بنا التشديد على الكلفة الباهظة الثمن الناتجة عن فشل مشاريع التحوّل الرقميّ والتكنولوجيا، والتي تؤدّي إلى إحباط العملاء والمورّدين على حدّ سواء.
ومع ذلك، من خلال فهم جيد لكافة التحدّيات والفرص في علاقات العميل والمورد، يمكن للطرفين زيادة نسبة فرص النجاح لمشاريعهما.
لكل ما تقدم، فإننا ندعو كلّاً من العملاء والمورّدين للتعاون والتنسيق بشكل أكثر فعّاليّة، فالعمل المشترك ومشاركة المعرفة والشفافية، تمكننا من التحول إلى إقتصاد رقمي.
*الرئيس التنفيذي
جمعية شركات تقنية المعلومات والاتصالات – انتاج