بينما تستعر حرب الإبادة في غزة، تتصاعد الهجمة الرقمية ضد الفلسطينيين والمتعاطفين معهم من شتى دول العالم في مشهد غير مسبوق يسعى الاحتلال وداعموه من خلاله لعزل قطاع غزة وإسقاط الرواية الفلسطينية.
وبعد أن ارتقى زهاء 10 آلاف شهيد فلسطيني ودمر الكيان الصهيوني مئات آلاف المساكن بإلقاء أكثر من 25 ألف طن من القنابل في 30 يوما ماتزال أشهر وسائل التواصل في العالم الرقمي تحارب الرواية الفلسطينية وتدعم الرواية الإسرائيلية جهارا نهارا وفي المقابل قام الكيان بقطع الإنترنت عن قطاع غزة المنكوب 3 مرات.
ووفقا لرصد “الغد”، انقسمت الهجمة الرقمية الشرسة على غزة خلال فترة شهر مضى إلى داخلية تستهدف غزة بتعمد الاحتلال الإسرائيلي قطع الإنترنت والاتصالات عن غزة وعزلها عن العالم ثلاث مرات وكان آخرها القطع الذي تعرضت له شبكات الاتصالات مساء يوم الأحد الماضي نتيجة ضرب المسارات الدولية التي تربط غزة بالخارج.
وأما الشق الثاني من الهجمة فهو خارجي تمثل في انحياز صارخ لمنصات التواصل الاجتماعي على رأسها شركة “ميتا” العالمية وتطبيقاتها: الفيسبوك، ومسنجر، وواتساب، وانستغرام، وثريدز، وشركة “اكس” أو “تويتر” سابقا ومناصرتها للكيان اليهودي عبر مسارين الأول في محاربة وتقييد المحتوى الفلسطيني، والثاني في إتاحة ودعم الرواية والمحتوى الإسرائيلي الذي كان جزء كبير منه تحريضيا حمل عنوان “الإبادة الجماعية” و”القتل” للفلسطينيين.
ووفقا لرصد “الغد” تعرض المحتوى الفلسطيني منذ بداية العدوان، قبل شهر وحتى بداية الأسبوع الحالي، لأكثر من 12 ألف انتهاك للمحتوى الفلسطيني أكثرها كان على تطبيقات شركة “ميتا” وأكثر من نصف مليون محتوى تحريضي كان أكثرها على منصة “إكس” استنادا إلى أرقام حديثة أصدرها مركزا “صدى سوشال” و “حملة” الفلسطينيان المتخصصان في مجال الحقوق الرقمية وتطوير الإعلام الاجتماعي.
ونشر مركز “حملة” المركز العربي لتطوير الإعلام الاجتماعي قبل أيام ورقة شاملة حول “واقع الحقوق الرّقميّة الفلسطينيّة منذ السّابع من تشرين الأوّل 2023″، أكد فيها أن أهل غزة يواجهون عقبات إضافية في تبادل المعلومات الحيوية وتلقيها عقب إقدام الاحتلال الفلسطيني على قطع خطوط الاتصالات والإنترنت كليا ولثلاث مرات كان آخرها مساء الأحد الماضي، حيث أسفر هذا القطع إلى عزل أهالي غزة عن العالم وقطع طرق التواصل فيما بينهم وعن منافذ المساعدات ومؤسسات الإغاثة والنجدة والإسعاف، علاوة على انقطاع التيار الكهربائي في القطاع ما يشكل في مجمله انتهاكا مكتمل الأركان لحقوق الإنسان
وأكد مركز “حملة” أن قطع غزة وسكانها عن التواصل بهذا الشكل يشكل تعدياً واضحاً على حقوق الإنسان والحقوق الرقمية التي تعتبر حقاً أساسياً لكل فرد في العالم، وأن استمرار هذا الانقطاع في الاتصال الذي يتعرض له سكان غزة المتضررون والعاملون فيه من مؤسسات حقوقية وإعلامية وصحية ودولية عن باقي العالم، كما يسمح الاحتلال بارتكاب المزيد من الجرائم الدولية والانتهاكات الحقوقية في منأى عن أعين العالم والمؤسسات الإقليمية والحقوقية، بالإضافة إلى كونه سيساهم في انتشار الأخبار المغلوطة على نطاق أوسع في وسائل التواصل الاجتماعي، وعدم القدرة على الحصول على أخبار مباشرة من مصادرها.
وأصدر الاتحاد الدولي للاتصالات، مؤخرا، قرارا أكد فيه أهمية عودة الاتصالات والإنترنت لغزة، لأن ذلك سينقذ الضحايا والمصابين.
إلى ذلك قال مركز “حملة” إن الورقة التي أصدرها ونشرها قبل أيام رصدت انتهاكات مثيرة للقلق تم توثيقها، تؤكد الحاجة الملحة لاتخاذ إجراءات فورية من قبل شركات المنصّات الرّقميّة والجهات الدولية المسؤولة.
وأكد المركز أن المنصات الرقمية الاجتماعية شهدت ازديادًا متسارعًا في خطاب العنف والكراهية على العنف ضد الفلسطينيين خلال الحرب، مبينا أن “مؤشر العنف” وهو النموذج اللغوي المدعم بتقنيات الذكاء الاصطناعي والذي طوره المركز قد رصد أكثر من نصف مليون محتوى عنف وكراهية وتحريض، خاصة باللغة العبرية.
وأوضح المركز أن معظم هذه الحالات تركزت على منصة “إكس”.
وقال المركز إن المرصد الفلسطيني لانتهاكات الحقوق الرقمية (حُر) وثق أكثر من 1009 انتهاكات للحقوق الرّقميّة الفلسطينيّة التي تنوعت بين حالات إزالة أو تقييد، وخطابات كراهية، وتحريض على العنف.
وحذر المركز من أن خطاب الكراهية والتّحريض على شبكات التواصل الاجتماعي له عواقب حقيقية على أرض الواقع، ووثق كيفية استخدام المعلومات المُضلّلة والكاذبة كسلاح للتحريض على العنف، والتلاعب بالرأي العالمي، وشرعنة العقاب الجماعي ضد الفلسطينيين.
وتقدم الورقة أيضًا ملاحظات تفصيلية توثق كيفية فرض رقابة غير متساوية على الأصوات الفلسطينية على منصات التواصل الاجتماعي، وخاصة على منصتي “ميتا” و”تيك توك”، حيث تؤثر سياسات الشركة على حرية التعبير للصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان.
وأوصى المركز باتخاذ إجراءات فورية لإنهاء العنف المستمر وضمان حماية الحقوق الرقمية في المنطقة. داعيا كبرى شركات المنصّات الرّقميّة إلى تنفيذ إجراءات أقوى لحماية الحقوق الرقمية الفلسطينية، والتحقيق واتخاذ الإجراءات المناسبة في حالات التحريض على العنف أو خطاب الكراهية بجميع اللغات.
ودعا مركز حملة الجهات الدولية المسؤولة، بما في ذلك الأمم المتحدة والمفوضية الأوروبية، إلى العمل على وضع حد للسياسات والممارسات التمييزية الممنهجة والمتعمدة على المنصات الرقمية، والموثقة في الورقة.
ويؤكد مركز حملة الحاجة الملحّة لمعالجة انتهاكات الحقوق الرقمية لحماية حرية التعبير والوصول إلى المعلومات وسلامة الفلسطينيين في العصر الرقمي.
وفي السياق ذاته كان مركز “صدى سوشال” الفلسطيني، قد أعلن مؤخرا أن مجموع الانتهاكات التي رصدها بحق المحتوى الفلسطيني، بلغ أكثر من 11 ألف انتهاك عبر مختلف منصات التواصل الاجتماعي خلال الفترة منذ بداية العدوان الإسرائيلي قبل شهر، كان أكثر هذه الانتهاكات عبر منصات شركة “ميتا” العالمية المالكة لتطبيقات “فيسبوك” و”ماسنجر” و”واتساب” و”إنستغرام” و”ثريدز”.
المصدر الغد