أكد مختصون في مجال التقنية المالية أمس أن دعم صناعة التقنية المالية وتوفير البيئة الحاضنة لها من شأنه أن يدعم عملية التحول في الأردن ويعزز إستراتيجية الاشتمال المالي في بلد يقدر فيه عدد مستخدمي الإنترنت أكثر من 10.3 مليون مستخدم. 

وبين هؤلاء خلال “قمة التكنولوجيا المالية” بنسختها الخامسة أن صناعة “الفينتيك” التي تقوم على الابتكار التقني في تقديم الخدمات والمنتجات المالية ، بما في ذلك طرق الدفع والتمويل الإلكتروني، ستشهد نموا وتوسعا خلال السنوات المقبلة، مرتكزة على الابتكار والإبداع وريادة الأعمال، داعين إلى علاقة تشاركية وتعاون بين البنوك والجهاز المصرفي لتبني أفكار شركات التقنية المالية والخدمات التي تقدمها بشكل ابتكاري بعيدا عن الطرق التقليدية.

وأكدوا خلال المؤتمر الذي انعقد برعاية وزير الاقتصاد الرقمي والريادة أحمد الهناندة أن الأردن مؤهل بقوة للتوسع في هذه الصناعة وتبنيها محليا، معتمدا على مؤهلات الشباب وريادتهم في هذا المجال، ومواكبة البنك المركزي الأردني للتطورات التقنية المتسارعة عبر تنفيذه إستراتيجية شاملة للاشتمال المالي تتضمن محاور رئيسية تعنى بالتقنية المالية، وتبنيه طرق الدفع الإلكتروني، واحتضانه ودعمه للشركات العاملة في مجال ” الفينتيك”، فضلا عن عمل الحكومة بجد لاعتماد طرق الدفع الإلكتروني في المعاملات الحكومية.

وقال مدير عمليات الدفع الالكتروني وعمليات ” سند” في وزارة الاقتصاد الرقمي والريادة أحمد عليان  الذي حضر ممثلا عن وزير الاقتصاد الرقمي والريادة “القطاعات الحيوية اليوم تعتمد على التقنيات الرقمية من خلال معالجة البيانات واستغلال الذكاء الاصطناعي، واستخدام جميع التقنيات الحديثة المتاحة، إذ إن التحول الرقمي والابتكار والإبداع لم تعد خيارا أمام أي جهة بل ضرورة ملحة لمواكبة التطور العالمي والتكنولوجي”.

وأكد عليان أن الحكومة تسعى إلى مواكبة هذه التطورات والاستفادة من أفضل الممارسات العالمية والفرص المتاحة بما يمكنها من التحول إلى حكومة رقمية بامتياز، إذ نفذت الحكومة الأردنية على مدار السنوات الماضية عددا كبيرا من مشاريع البنية التحتية الشاملة التي تشكل عامل تمكين قوي لنقل البلاد إلى المستويات التالية من رقمنة الخدمات الحكومية وخدمات الدفع الإلكتروني على المستوى الوطني.

وقال “قطاع المدفوعات في الأردن شهد خلال السنوات العشر الأخيرة تطورا ملحوظا على صعيد أنظمة وخدمات الدفع الإلكترونية، القائمة على استخدام تطبيقات الهاتف النقال أو منصات الإنترنت في تنفيذ المدفوعات والتحويلات المالية المحلية والدولية، الأمر الذي جعل المملكة من طليعة الدول في المنطقة التي طوّرت نظاما للمدفوعات الإلكترونية يتمتع بمعايير الأمان والموثوقية والكفاءة وبما يدعم ويلبي احتياجات المجتمع الأردني.

وأكد عليان أن الحكومة تلتزم بتعزيز انتشار المدفوعات الرقمية لجميع الخدمات الحكومية المعمول بها، ويدعم ذلك قرار مجلس الوزراء في العام 2019 الذي يلزم جميع الوزارات برقمنة مدفوعاتها.

وأضاف “الحكومة تهدف من خلال تفعيل الدفع الإلكتروني إلى التقليل من الاقتصاد الموازي، وتحسين تجربة المستخدم بالإضافة إلى توفير فرص عمل جديدة والقضاء على التزوير والفساد فضلا عن إتاحة معلومات مالية حكومية أكثر دقة”.

وبين عليان أن اعتماد الحكومة في تنفيذ مدفوعاتها سواء الواردة لها أو الصادرة عنها باستخدام وسائل الدفع الإلكترونية بعيدا عن النقد سيساهم وبشكل رئيسي في تحسين وفورات التكلفة بشكل كبير على جميع مستويات الاقتصاد الوطني، وتعزيز مستويات الاشتمال المالي في المملكة، وأيضا تهيئة البنية التحتية الداعمة لقبول المدفوعات الإلكترونية على مستوى القطاعات الاقتصادية في المملكة ككل، وصولا إلى دعم وتيرة التحول إلى الاقتصاد الرقمي المصحوب بالريادة والابتكار.

وأشار عليان إلى أن تطوير حلول رقمية وتكنولوجية في العقد الأخير، مثل تطبيقات البنوك الرقمية ومنصات الدفع من خلال الهواتف الخلوية، عزز من كفاءة العمليات المالية وقلل من تكاليفها، وزادها كما ونوعا، كما وفر للمواطنين وسائل دفع مريحة وفعالة، ومن المتوقع أن يسهم توظيف الذّكاء الاصطناعي في تعزيز تقنيات الدفع الإلكتروني بصورة تضمن تطوّرها مما يعزز مستوى الأمان والثقة في عمليات الدفع الإلكتروني.

وقال المؤسس والرئيس التنفيذي  لشركة ” هايبر باي”  المتخصصة في بوابات الدفع الإلكتروني، مهند عبويني إن “الفينتيك اليوم هي صناعة واعدة صاعدة تشهد اهتماما ونموا متزايدا مع التحول الرقمي الذي تشهده معظم القطاعات الاقتصادية والحكومية”، مؤكدا أن اعتماد وتبني خدمات ومنتجات الشركات الناشئة في مجال الفينيتك هو داعم رئيسي لعمليات التحول الرقمي في الحكومة والقطاع الخاص، ومساهم رئيسي في موضوعة الاشتمال المالي بإيجابياتها الكثيرة على حياة الناس والاقتصاد.

وأكد عبويني أن صناعة “الفينتيك” تقوم على الابتكار وريادة الأعمال وهي تمضي في تقديم خدماتها وتسويقها والوصول إلى العميل بشكل أسرع من الطرق التقليدية في النظام المصرفي بعملياته التقليدية كما أنها قادرة على التحرك والانتقال بمرونة أكبر حسب متطلبات السوق وتطور أجيال التكنولوجيا.

وبين عبويني أن الشركات الناشئة تحتاج إلى تشريعات وأمور تنظيمية تساعدها على الانطلاق والتوسع والعمل، لافتا إلى أن الأردن مؤهل بقوة للتميز في هذه الصناعة مع ما يمتلكه الشباب الأردني من تعليم ومهارات تقنية وريادية إبداعية أسهمت في هذه الصناعة على مستوى المنطقة.

وأكد عبويني أهمية توفير بيئة حاضنة لشركات التقنية المالية الناشئة، لا سيما وأن تكاليف إنشائها وانطلاقتها مرتفعة.

وأشار إلى أهمية رعاية هذه الصناعة لما لها من إسهامات في تحريك الاقتصاد وتسهيل لحياة الناس والسرعة في إنجاز المعاملات المالية فضلا عن دروها في التوظيف.

وأكد رئيس اللجنة التنظيمية للمؤتمر، والرئيس التنفيذي لشركة “مومنتس انوفيشن” ايمن إرشيد ان صناعة ” الفينتيك” تشهد نموا كبيرا واهتماما متزايدا من قبل الحكومات والبنوك المركزية في العالم والمنطقة، وبأنها سوف تستمر بالنمو والتوسع حيث أصبح تبنيها أمرا لا مفر منه.

وأكد أن الشركات الناشئة وريادة الأعمال هي التي تقود صناعة ” الفينتيك” عالميا وعربيا ومحليا، داعيا الجهاز المصرفي إلى تبني واحتضان هذه الصناعة بدلا من الدخول في منافسة مباشرة معها وخاصة أن هذه الشركات تحاول ابتكار منتجات وخدمات جديدة تعتمد على التقنيات الحديثة مثل البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي.

وأشار إرشيد إلى أهمية هذه القمة ومناقشاتها حول الطرق التي تدفع بالقطاع المالي للتقدم والاستدامة، وإبراز أحدث التوجهات والتحديات والفرص في مجال الفينتيك وتأثير الذكاء الاصطناعي على الخدمات المالية، والتطور الكبير الذي يحدث في مجال المحافظ الرقمية وأنظمة المدفوعات والبنوك الرقمية.

واشار إلى أن التقارب بين التكنولوجيا والقطاع المالي وسرعة الابتكار خلق العديد من الفرص والتحديات والتغيرات الكبيرة كما أنه أعاد تشكيل طرق وصولنا إلى الخدمات المالية بدءا من انتشار البنوك الرقمية وأنظمة المدفوعات الرقمية إلى الذكاء الاصطناعي.

وأكد أهمية ما بذله البنك المركزي الأردني من جهود ضمن رؤية مشرقة أسهمت خلال السنوات الماضية في تقدم التكنولوجيا المالية، والتزامه المستمر في تشجيع الابتكار ووضع الأردن كوجهة رئيسية للتكنولوجيا المالية في منطقة الشرق الأوسط.

وحضر المؤتمر يوم أمس نحو 250 شخصية من الشخصيات وأصحاب القرار في القطاع المصرفي والبنوك ومن قطاع الشركات الناشئة والنظام البيئي لصناعة “الفينيتيك” في الأردن والسعودية ولبنان والإمارات والعراق.

المصدر الغد