يعد التعهيد في تكنولوجيا المعلومات (IT Outsourcing) استراتيجية فعّالة للشركات العاملة في مختلف القطاعات مثل القطاعات المالية، والصحية، والاتصالات، والصناعية، وغيرها وذلك لتعزيز قدراتها، وتقليل تكاليف التشغيل، وأهمها التركيز على تخصصاتها الأساسية التي تتميز بها.

لذلك، يشمل تعهيد تكنولوجيا المعلومات توظيف شركات خارجية متخصصة للتعامل مع وظائف تكنولوجيا المعلومات المختلفة، بما في ذلك تطوير البرمجيات، وإدارة البنية التحتية، ودعم تكنولوجيا المعلومات، حيث يمكن أن يتم التعهيد محليًا، أو خارجيا، أو عبر الخدمات السحابية، ويوفر مرونة ومزايا تكاليف اعتمادًا على النموذج الذي يتم اعتماده.

وعليه، فإن نماذج التعهيد تتنوع بحيث تشكل ثلاثة أنواع، أولها نموذج الفريق المُخَصَّص، حيث توفر الشركات المزودة لخدمات التعهيد فريقًا مخًصَّصًا من المحترفين للعمل حصريًا على مشروع العميل، ويعتبر هذا النموذج مناسبا للمشاريع طويلة الأمد، ويوفر شفافية عالية وفهمًا عميقًا للمشروع، ومع ذلك، قد لا يكون مستدامًا للمشاريع قصيرة المدى، ويتطلب مجموعة مهام للحفاظ على انشغال الفريق.

أما النموذج الثاني، فهو نموذج المشروع، حيث يسلم العميل المشروع بأكمله لشركة التعهيد التي تدير كل شيء من التخطيط إلى الإطلاق، الأمر الذي يعتبر مناسبا للمشاريع محددة المعالم بمتطلبات واضحة، إذ يضمن الحد الأدنى من الالتزام الزمني من العميل.

وثالث هذه النماذج، يسمى نموذج تعزيز الموظفين، حيث توفر الشركة المزودة بخدمات التعهيد محترفين إضافيين لتعزيز فريق العميل الداخلي، إذ يوفر هذا النموذج مرونة وقابلية التوسع بسهولة، لكنه يتطلب من العميل إدارة المحترفين المعهود بهم مباشرة.

وفي كثير من الأحيان، لا بد من الأخذ بعين الاعتبار مبدأ الوقت والمواد (Time & Material) في مجال تعهيد تكنولوجيا المعلومات، وهو يعتمد على دفع العميل للشركة المزودة لخدمات التعهيد مبالغ يتم الاتفاق عليها بناءً على الوقت والمواد المستهلكة في تنفيذ المشروع من خلال احتساب عدد الساعات أو الأيام التي يعمل فيها الفريق على المشروع، حيث يُحسب الأجر بناءً على عدد الساعات الفعلية التي يقضيها الموظفون في العمل، بالإضافة إلى كلف المواد المستخدمة في المشروع، مثل البرمجيات، والأجهزة، والموارد الأخرى الضرورية لإنجاز المشروع.

ويتيح مبدأ الوقت والمواد للعملاء تعديل نطاق العمل ومتطلباته في أي وقت بناءً على الاحتياجات الحالية دون الحاجة إلى إعادة التفاوض على العقد، كما يتيح رؤية واضحة للتكاليف المرتبطة بالمشروع من خلال تقارير دورية توضح عدد الساعات والعمل المنجز، بالإضافة إلى تقليل المخاطر المالية، حيث يدفع العميل فقط مقابل العمل الفعلي الذي تم إنجازه.

ويستخدم هذا المبدأ في تنفيذ المشاريع ذات المتطلبات المتغيرة على نحو متكرر أو غير محددة بوضوح منذ البداية، كما يستخدم بشكل شائع في مشاريع البحث والتطوير حيث تكون النتائج غير مؤكدة، وهو مناسب جدا للمشاريع التي تتضمن مستويات عالية من الابتكار والتجريب.

إن استخدام مبدأ الوقت والمواد يعتمد بشكل كبير على طبيعة المشروع والمتطلبات الخاصة بالعميل، وهو يعد خيارًا جيدًا عندما يكون هناك حاجة إلى مرونة عالية في تطوير المشروع وتعديل متطلباته في أثناء التنفيذ.

ومن هذا المنطلق، لا بد لشركات التعهيد في تكنولوجيا المعلومات أن يركزوا على بناء قنوات اتصال قوية وفهم ثقافي مع عملائهم، والاستثمار في تطوير مهارات موظفيهم لضمان قدرتهم على التعامل مع مشاريع متنوعة ومعقدة، بالإضافة إلى الاطلاع على أحدث الاتجاهات التكنولوجية بشكل مستمر لتقديم حلول مبتكرة ومتميزة.

وأخيرا، وليس آخرا يعتمد اختيار النموذج المناسب للتعهيد على عدة عوامل، بما في ذلك نطاق المشروع، مدته، ومنهجية الإدارة، والمتطلبات التقنية، إذ يجب على العملاء تقييم هذه العوامل بعناية لتحديد النموذج الذي يتوافق بشكل أفضل مع احتياجاتها وميزانيتها. فمن خلال فهم نقاط القوة والضعف في كل نموذج، يمكنهم اتخاذ قرارات مستنيرة لتحسين عملياتها، تعزيز قدراتها، وتحقيق أهدافها الاستراتيجية.

*الرئيس التنفيذي لجمعية شركات تقنية المعلومات والاتصالات – إنتاج