في الوقت الذي أدرج المركز الوطني لتطوير المناهج، البرمجة والذكاء الاصطناعي ضمن منهاج المهارات الرقمية المطور لصفوف السابع والتاسع والحادي عشر، أكد خبراء تربويون أنها خطوة إيجابية في ظل التسارع الرقمي والتقدم التكنولوجي الذي نشهده حاليا.
وبينوا في أحاديثهم المنفصلة لـ”الغد”، أن تسليح الطلاب بمهارات تؤهلهم لوظائف المستقبل أصبح أمرا حتميا في ظل التحولات التكنولوجية السريعة والابتكارات المتواصلة إذ تعتمد الوظائف المستقبلية بشكل كبير على مهارات التفكير النقدي، الابتكار، والتقنيات الرقمية، ما يجعل من الضروري تزويد الطلاب بتلك المهارات.
وكان المركز الوطني لتطوير المناهج قال في بيان له منشور على موقعه الإلكتروني مؤخرا أنه في إطار مسعاه لتحديث المناهج الدراسية وبما يواكب التطوّرات التكنولوجية والمعرفة العالمية، أدرج المركز الوطني لتطوير المناهج البرمجة والذكاء الاصطناعي ضمن منهاج المهارات الرقميّة المُطوَّر للصفوف السابع والتاسع والحادي عشر، في إطار خطة شاملة لتطوير كتب هذا المبحث على مراحل خلال العامين القادمين؛ بهدف تعزيز القدرات الرقمية للطلبة، وإعداد جيلٍ قادر على التعامل مع التكنولوجيا الحديثة بفاعلية، مع التركيز على تطوير مهارات التفكير النقدي والإبداعي وحل المشكلات.
وبين المركز في بيانه أن كتب المهارات الرقمية المطورة من الصف الأول حتى الصف الثاني عشر تغطي مجموعة شاملة من المهارات التكنولوجية الأساسية والمتقدمة التي لم تكن مُدرَجة في المناهج الأردنية سابقًا، مثل: إنترنت الأشياء، الذكاء الاصطناعي، الحوسبة السحابية، والبرمجة بلغة بايثون التي تُعدّ من أهم لغات البرمجة في مجال الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني.
الى ذلك، قال الخبير التربوي مدير المركز الوطني لتطوير المناهج سابقا د.محمود المساد، أن الدولة تخطط منذ سنوات لأخذ المبادرة والريادة في ولوج هذا القرن ومواردها البشرية تكتسب على اختلاف تخصصاتها وأعمارها مهارات التكنولوجيا المتقدمة والمهارات الرقمية، لتكون عندها مركزا إقليميا وربما عالميا في هذا المجال، باعتبار التكنولوجيا والمهارات الرقمية وتطبيقات الذكاء الاصطناعي أحد أهم مصادر القوة والتفوق لأي دولة في العالم.
وأضاف: أن هذه الجهود تظافرت مع التوجه الحداثي لخطط وزارة التربية والتعليم في مطلع هذا القرن في تحولها بالتعليم العام نحو التعليم النوعي القائم على المعرفة ومهاراتها التي تتقدمها مهارات التفكير والتفكير الإبداعي (برنامج إيرفكي).
وبين أن التحدي الذي نواجهه يكمن بعمليات التطبيق، ونقل هذه التوجهات والخطط من مضمونها الفكري النظري للواقع العملي الميداني، أي أن التعثر وقع بعد العمليات بمعظم مكونات النظام التعليمي، بداية بالتشريعات التي أبقت على كل ما يدفع التعليم باتجاه التلقين دون تعلّم واكتساب مهارات التفكير، وهذا واضح من نظام الاختبارات المدرسية والوطنية والامتحان العام، التي ما زالت حتى اليوم تركز على التلقين، وكفايات المعلمين التي لم تتغير واستمرت حتى اليوم بتلقين المعلومات دونما أي تفاعل من الطلبة.
وأوضح المساد أن خطط المركز الوطني لتطوير المناهج تضمنت التغيير الجذري لمناهج الحاسوب وكتبها التي كانت للصفوف من السابع الأساسي وحتى الثاني عشر، لتصبح نتيجة التغيير بمسارين: الأول التمهيد بمفاهيم بسيطة بنائية قائمة على مضامين الذكاء الاصطناعي والمهارات الرقمية من الصف الأول الأساسي وحتى نهاية الصف السادس الأساسي، مدمجة في محتوى الكتب المدرسية في المباحث الدراسية جميعها، يلتزم بالتدرب عليها جميع المعلمين، عبر أدلة لهم تساعدهم على فهمها وتطبيقها في المواقف الصفية.
وتابع: أمّا المسار الثاني، بحسب المساد فتكون كتبا مدرسية تحت مسمى (مبحث المهارات الرقمية) للصفوف من السابع وحتى الثاني عشر، يتم تطبيقها على عامين (سابع، تاسع، حادي عشر)، و (ثامن، عاشر، ثاني عشر)، بحيث يركز المحتوى على مجموعة شاملة من المهارات التكنولوجية الأساسية والمتقدمة التي لم تكن مُدرَجة في المناهج الأردنية سابقًا، مثل: إنترنت الأشياء، والذكاء الاصطناعي، والحوسبة السحابية، والبرمجة بلغة بايثون التي تُعدّ من أهم لغات البرمجة في مجال الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني.
ولفت المساد إلى أن هذا المبحث سيكون له الدور الأساس باكتساب المعلمين جميعهم ابتداءً بالمهارات الرقمية المتقدمة، باعتبار أن هذه المهارات متطلب عام لتوظيف المهارات الرقمية في المباحث الدراسية جميعها، وبما يساعد الطلبة ويؤسس لديهم البنية الأساسية اللازمة كمتطلب لفهم واكتساب المهارات الرقمية المتقدمة في مبحث مستقل (المهارات الرقمية) من الصف السابع وحتى الصف الثاني عشر.
وأكد المساد أن إدراج البرمجة والذكاء الاصطناعي ضمن منهاج المهارات الرقمية المطورة يعد خطوة إيجابية ونكون بذلك قد وضعنا طلبتنا على طريق المستقبل، وواكبنا التطوّرات التكنولوجية والمعرفة العالمية، وعززنا القدرات الرقمية للطلبة، وأعددنا جيلاً قادراً على التعامل مع التكنولوجيا الحديثة بفاعلية، مع التركيز على تطوير مهارات التفكير النقدي والإبداعي وحل المشكلات لديهم إضافة إلى إعدادهم لسوق العمل المتجدد ومهارات الحياة كافة.
بدوره، أكد المستشار التربوي بتكنولوجيا التعليم فيصل تايه، أن إدراج البرمجة والذكاء الاصطناعي بمنهاج المهارات الرقمية للصفوف السابع والتاسع والحادي عشر اعتبارا من العام الدراسي الحالي يعتبر خطوة إيجابية في ظل التسارع الرقمي والتقدم التكنولوجي الذي نشهده حاليا.
وبين تايه أن التكنولوجيا أضحت تؤدي دورا محوريا وحيويا في الارتقاء بالعملية التعليمية؛ حيث تم توظيف طيف واسع من الأدوات التربوية المتقدمة، وذلك عبر الاستفادة من البرامج التفاعلية وتوظيف البرمجة والذكاء الاصطناعي بشكل يعزز القدرات الرقمية للطلبة.
وأشار إلى أن هذه الخطوة تأتي انسجاما مع الإستراتيجيات التعليمية الحديثة التي تسعى لتحديث أساليب التدريس وتعزيز التفاعل عند الطلبة بما يضمن تحقيق نتائج تعليمية أكثر فاعلية وكفاءة فالوسائل المعززة في التعليم أصبحت شريك أساسيا في صناعة مستقبل التعليم، وعنصرا لا غنى عنه في تأهيل أجيال قادرة على مواكبة تحديات العصر الرقمي والإسهام في بناء مجتمعات المعرفة.
وأوضح أن دمج هذه الموضوعات وغيرها من المهارات التكنولوجية في مناهج المهارات الرقمية ستمكن الطلبة من فهم وإدارة التقنيات الحديثة وتحفيز قدراتهم على الابتكار والإبداع في عصر يعتمد بشكل متزايد على الحلول الذكية والتقنيات التكنولوجية المتطورة، لافتا إلى أن إعداد جيل ملم بهذه المهارات والمفاهيم يضمن مواكبة التغيرات العالمية.
وأكد أن تدريس البرمجة سيعزز من قدرات الطلبة على التفكير المنطقي وحل المشكلات بينما يفتح الذكاء الاصطناعي أمامهم المجالات واسعة في الابتكار والتطوير التكنولوجي عبر التعرف على هذه المهارات بأعمار مبكرة.
وقال إن الرؤية التي تبناها المركز الوطني لتطوير البرامج بشأن التعلم الرقمي والذكاء الاصطناعي، يجب أن تتركز على الحاجة المعرفة العامة، وأن تبني الذكاء الاصطناعي في التعليم وتطويعه لأنه ركن أساسي في تعليم الطلاب كيفية الاستفادة منه كوسيلة لتحقيق غاية، وليس كغاية في حد ذاته.
واضاف ان تسليح الطلاب بمهارات تؤهلهم لوظائف المستقبل أصبح أمرا حتميا في ظل التحولات التكنولوجية السريعة والابتكارات المتواصلة اذ تعتمد الوظائف المستقبلية بشكل كبير على مهارات التفكير النقدي، الابتكار، والتقنيات الرقمية، ما يجعل من الضروري تزويد الطلاب بتلك المهارات، لافتا إلى أن هذا النهج لا يضمن فقط جاهزيتهم لسوق العمل المستقبلي، بل يسهم أيضا في بناء جيل قادر على الإبداع وحل المشكلات بفعالية، مما يعزز من التنافسية الاقتصادية والاجتماعية على المستوى الوطني والعالمي.
وشاطرهم الرأي الخبير التربوي عايش النوايسة الذي قال إن النظام التربوي بما فيها المناهج الدراسية مطالبة اليوم للاستجابة للتكيف مع التطورات التقنية والتكنولوجية التي نشهدها، لافتا إلى أن المنهاج الحي هو المنهاج المرن الذي يستجيب لمتطلبات المعاصرة فلذلك أصبحت الأدوات الرقمية والتقنيات التكنولوجية هي جزء أساسي من مهارات الحياة.
وأكد النوايسة على ضرورة تزويد الطلبة بالمهارات الرقمية كي ينشأ جيل متسلح بالكفايات والمهارات للتعامل مع الوسائل التكنولوجية، بما فيها الذكاء الاصطناعي والبرمجة، مبينا أن الوسائل التكنولوجية، سهلت وسرعت الوصول للمعلومات، ما يتطلب من المستخدمين امتلاك الثقافة الرقمية للتعامل مع العالم السيبراني.
وأشار إلى أن إدراج البرمجة والذكاء الاصطناعي في منهاج المهارات الرقمية بات أمرا ضروريا، باعتبارها من المهارات الأكثر طلباً في سوق العمل حالياً ومستقبلا، لافتا لأهمية السعي لتمكين الطلبة لمتطلبات مهارات المستقبل والمتعلقة بالمهارات المهارية والمعرفية والحياتية والتفاعل معها ومع متطلبات المهارات التنافسية العالمية التي أصبحت تتطلبها وظائف المستقبل وتمكن الطلبة من سوق العمل المستقبلي ومنها مهارات القيادة، واتخاذ القرار، ومهارة الإبداع والابتكار، والتفكير الناقد والعمل الجماعي والتعاوني والتحفيز، إضافة إلى مهارات التعلم النشط، ومهارات التواصل، ومهارات التحليل والفهم العميق، ومهارات التفاوض وحل المشكلات والإقناع، ومهارة الثقة بالنفس، واحترام الذات، والمرونة والتكيف وغيرها.
وشدد على ضرورة بناء قدرات المعلم في توظيف التكنولوجيا، وجعلها مساعدا له بتنفيذ العملية التعليمية، إذ يحتاج لدورات تدريبية تمكنه من تطويع التكنولوجيا لخدمة العملية التعليمية، وتزويده بكل ما هو جديد في مجالها.
المصدر الغد