في عصر تتسارع فيه الخطى نحو الرقمنة، يبرز التعليم القائم على الذكاء الاصطناعي، كأحد أبرز الحلول المبتكرة لتعزيز جودة العملية التعليمية.
وبينما يعتمد هذا النموذج التعليمي على تحليل البيانات الدقيقة لأداء الطلبة، وتقديم محتوى تفاعلي يتكيف مع احتياجاتهم، ما يحقق تحسين النتائج الأكاديمية وزيادة فاعلية التعلم، كما يوفر للمعلمين أدوات تشخيص ومتابعة لحظية، تتطور كفاءاتهم وتمنحهم القدرة على التدخل التربوي السريع والفعّال، أكد خبراء في التربية، أن إدماج تطبيقات الذكاء الاصطناعي في التعليم المدرسي، خطوة رائدة لبناء بيئة تعليمية أكثر حيوية وتفاعلية، ونقلة نوعية، تضع التعليم على مسار جديد يتواكب مع متطلبات العصر الرقمي.
الذكاء الاصطناعي حاضر بقوة
وبهذا الصدد، قالت الخبيرة التربوية ربى العمري، إن العالم يشهد تطورات متسارعة في الذكاء الاصطناعي الذي أصبح حاضرًا بقوة في مختلف القطاعات، ويُعد قطاع التعليم في مقدمتها، نظرًا لما يتمتع به من قابلية عالية للاستفادة من قدراته. معتبرا انه من الضروري على المعنيين بالتعليم، التفكير الجاد بسبل دمج الذكاء الاصطناعي ضمن منظومة تعليمية، والتعرف على أدواته وتطبيقاته وتوظيفها في العملية التربوية.
وأكدت العمري، أن إدماج تطبيقات الذكاء الاصطناعي بالتعليم المدرسي، خطوة رائدة لبناء بيئة تعليمية أكثر حيوية وتفاعلية، ونقلة نوعية، تضع التعليم على مسار جديد يتواكب مع متطلبات العصر الرقمي، كما تسهم هذه العملية بتحقيق أهداف تربوية جوهرية، كإعداد الطلبة للعصر الرقمي، بتمكينهم من استخدام تلك الأدوات الذكاء الاصطناعي والتقنيات الحديثة، ليصبحوا مؤهلين بخبرات مستقبلية.
ولفتت لأهمية تطوير العملية التعليمية بإدماج مهارات الذكاء الاصطناعي في المناهج، وأساليب التدريس، والأنشطة التعليمية، ما يوسع فرص التعلم والوصول للمعرفة، وتحسين الأداء الإداري في المؤسسات التعليمية، بما يسمح بالتركيز على التعليم.
وأشارت إلى أنه يدعم اتخاذ القرار التربوي، بالاعتماد على تحليل البيانات التعليمية والمخرجات التربوية، محققا بذلك فاعلية أكبر في التخطيط والتقييم، والتفاعل والتواصل بين المعلمين والطلبة، والمؤسسات التربوية والمجتمع المحلي، بما يحقق بناء بيئة تعليمية تشاركية، وتطوير منظومة التعليم المهني، وتحسين جودة التدريب عبر محاكاة البيئات العملية، وتوفير تجارب تعليمية واقعية، دون الحاجة لمعدات مادية باهظة، فضلًا عن ربط البرامج التعليمية باحتياجات سوق العمل.
وأوضحت العمري، أن الانتقال من توظيف التقنيات التقليدية في التعليم إلى دمج الذكاء الاصطناعي، تحول عميق في فلسفة التعليم المعاصر، إذ تصبح البيانات والتحليل، والتفاعل الذكي، المحرك الأساسي لعملية التعلم، ما يفتح آفاقًا جديدة لتعليم مخصص وفعّال.
ولضمان نجاح الدمج وتحقيق الأهداف، أشارت لضرورة اتباع خطوات منهجية، تشمل: وضع إستراتيجية وطنية واضحة المعالم، تراعي الأولويات والاحتياجات الفعلية للبيئة التعليمية المحلية، وتقييم الوضع القائم من حيث البنية التحتية التكنولوجية، وجاهزية الكوادر التعليمية والطلبة، وتحديد الفجوات في الموارد والمهارات.
تحديث البنية التحتية التقنية
كما أشارت إلى تحديث البنية التحتية التقنية بتوفير شبكات اتصال إلكترونية عالية الجودة، وأجهزة وتقنيات حديثة للمعلمين والطلبة، وتطوير منصات تعليمية تدعم الذكاء الاصطناعي، وتقدّم محتوى تفاعليًا، مع ضمان أمن البيانات وسريتها إلى جانب بناء القدرات وتدريب الكوادر التعليمية والإدارية على استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي بالتدريس والتقويم والإدارة، عبر برامج تدريبية مستمرة، وخلق ثقافة مؤسسية داعمة لهذا التوجه.
ولفتت العمري إلى تعزيز الشراكات مع القطاع الخاص والمؤسسات العالمية، لتوفير حلول تقنية ودعم فني وخبرات، وتصميم محتوى تعليمي ذكي، وتطوير تطبيقات تعليمية تعتمد على الذكاء الاصطناعي، متوافقة مع المناهج واحتياجات المتعلمين، والتقييم المستمر وقياس الأثر، لضمان التحسين والتطوير الدائمين، وتشجيع البحث والابتكار بدعم الجامعات ومراكز الأبحاث، لتطوير حلول تعليمية قائمة على الذكاء الاصطناعي، والتوعية المجتمعية بأهميته.
وأكدت العمري على أن الذكاء الاصطناعي، ليس بديلاً عن المعلم، بل شريكًا ذكيًا له، فدور المعلم محوري كمرشد ومحفّز وميسّر للتعلم، لما يتمتع به من قدرة على التفاعل الإنساني، وتعزيز التفكير النقدي والإبداعي لدى الطلبة، وهي جوانب لا يمكن للذكاء الاصطناعي الحلول مكانها، لكنه يتولى المهام الروتينية، ويوفّر أدوات تدعم تعلّمًا أكثر تخصيصًا وفعالية.
إدماج الذكاء
الاصطناعي بالتعليم
بدوره، قال الخبير التربوي فيصل تايه، إن التطوّرات المتسارعة في تقنية المعلومات والاتصالات، حتمية، مضيفا أن إدماج الذكاء الاصطناعيّ بالتعليم، مطلب رئيس في عصر الرقمنة، يقود لإحداث تحوّلات في التعليم، تستوعب التحديثات وتقوم بدمجها، فهو أحد أبرز التقنيات الثورية التي شهدت تطوراً ملحوظاً في العقود الأخيرة، وقد أثبتت قدرتها على إحداث تغييرات جذرية بقطاع التعليم.
وأشار تايه إلى أنه ليس مجرد أداة تقنية متقدمة، بل شريكاً فاعلاً يسهم بإعادة صياغة المناهج التعليمية، وتطوير أساليب التدريس، وتحسين تجربة التعلم.
وأوضح أن أحد أبرز إسهاماته، هي التخصيص الفائق لمسارات التعلم، فبدلاً من منهج واحد يناسب الجميع، يمكن للأنظمة المدعومة به تحليل أنماط تعلم الطلبة، وكذلك نقاط قوتهم وضعفهم، ومن ثم تكييف المحتوى التعليمي والأنشطة، لتتناسب مع احتياجات كل منهم على حدة.
ولفت إلى أن الذكاء الاصطناعي، يوفر تغذية راجعة فورية ودقيقة، يمكن للمنصات التعليمية المدعومة به تصحيح الواجبات والاختبارات بسرعة فائقة، وتقديم ملاحظات تفصيلية للطلبة حول بأخطائهم، وكيفية تحسين أدائهم، ما يساعدهم على تصحيح مفاهيمهم قبل أن تتأصل. مشيرا إلى أنه يؤدي دورا حيويا في أتمتة المهام الإدارية، ما يوفر للمعلمين وقتًا أثمن لتركيز جهودهم على التدريس، وتطوير المناهج، وتقديم الدعم الفردي للطلبة وتعزيز جودة التعليم.
انعكاسات إيجابية كبيرة
الخبير التربوي عايش النوايسة، قال إن التحول في شكل التعليم ضرورة في ظل التطورات الرقمية المرتبطة بالذكاء الصناعي، مضيفا أن نظم التدريس التقليدية لم تعد قادرة على مواجهة التغيرات أو تقديم تعليم نوعي يتلاءم مع طبيعة العصر واحتياجات المتعلمين واهتماماتهم. مبينا أن استخدام الأنظمة الذكية المرتبطة به في التعليم، يظهر انعكاسات إيجابية كبيرة؛ إذ توفر هذه الأنظمة تعليما يراعي الاحتياجات الفردية للطلبة، ويعالجها.
وأوضح النوايسة، أن الأنظمة الذكية تعتمد عليه لتحليل مستويات الطلبة، وتحديد نقاط قوتهم وضعفهم، وبالتالي تصميم تعليم يتناسب مع قدراتهم واحتياجاتهم، فإذا كان الطالب ضعيفا في الرياضيات كمثال، يقدم له النظام تمارين إضافية بأسلوب مبسط، يساعده على الفهم بشكل أفضل، ويركز على معالجة نقاط ضعفه.
كما أن هذه الأنظمة، بحسب النوايسة، تجعل التعليم أكثر متعة، عبر التنوع في الوسائل والأنشطة، واستخدام الألعاب، وغيرها من الأدوات التي تحفز الطلبة، وتولد دافعية أعلى للتعلم.
ولفت إلى أن مثل هذه الأنظمة، تعتمد على التغذية الراجعة والفورية لتصحيح مسار تعلم الطلبة، والتخفيف من عبء المعلم؛ بجعله يركز على دعم تحسين التعلم، ويوفر مرونة كبيرة؛ ويختصر قيود المكان والزمان، ما يسمح للطلبة والمعلمين بممارسة أنشطة التعليم دون تقيد بحصة صفية تقليدية، ويتيح مساحة أكبر للإبداع، ويشرك أولياء الأمور بتحمل مسؤولية تعلم أبنائهم، ويدعم تعلم الطلبة ذوي الاحتياجات الخاصة، بتوفير أنظمة ذكية تشمل الصوت والصورة، وتتيح للمعلم والمتعلم حرية التحكم فيها.
ومع ذلك، بين النوايسة، إن هذا النوع من التعليم يحتاج لبيئة مناسبة تشمل بنية تحتية تقنية متطورة، كتوفير الإنترنت عالي السرعة لضمان تشغيل الأنظمة الذكية بسلاسة، وتزويد المدارس بالحواسيب اللوحية (Tablets)، والسبورات الذكية، وأجهزة الواقع الافتراضي (VR).
وأشار إلى أن هذا النوع من التعليم، يتطلب استخدام منصات تعليمية تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتحليل مستوى الطالب، وتقديم محتوى مخصص، لافتا لضرورة تدريب المعلمين على استخدام أنظمة التعليم الذكي، وتطبيق أدوات كتحليل البيانات والتعليم التفاعلي، لذا يجب تطوير المناهج الدراسية التقليدية لتكون متوافقة مع الأنظمة الذكية، واستخدام تقنيات كالألعاب التعليمية، ومقاطع فيديو تفاعلية، واختبارات مخصصة لتناسب القدرات الفردية للطلبة.