شكل برنامج ChatGPT ضجة كبيرة منذ إطلاقه بفترة قصيرة، إذ ظهرت الكثير من روبوتات الدردشة الأخرى التي تعمل بالذكاء الاصطناعي (AI)، وهذه الروبوتات معا حصلت على أعلى الدرجات في مجموعة من الاختبارات – من كلية الطب الى امتحانات النقابة – وساعدت في كتابة الأبحاث (كيلي، 2023).
وأصبحت روبوتات دردشة الذكاء الاصطناعي أيضاً أدوات ممتعة، تشكل رفقة عميقة بالنسبة لمعظم الناس. وقد تكون الدردشة مع نظام الذكاء الاصطناعي مشكلة، ولكن يمكنك أن تشعر بعمق بمكافأة، تماما مثل التحدث مع صديق مقرب. وفيما يأتي خمسة أسباب تجعلك أثناء التفاعل مع أنظمة الذكاء الاصطناعي القائمة على الدردشة تبدو وكأنك تتحدث مع إنسان حقيقي، بحسب موقع “سيكولوجي توداي”.
1. كونه بشريا
يعد المحتوى وليس الذكاء الاصطناعي نفسه السبب الرئيسي في جعل الذكاء الاصطناعي القائم على اللغة يبدو إنسانا.
ويتم تدريب تقنية الذكاء الاصطناعي باستخدام كمية هائلة من عينات البيانات التي تحاول بعد ذلك إعادة إنشائها، وتعيد أنظمة الذكاء الاصطناعي الحالية تجميع العناصر الموجودة بدلا من إنشاء شيء جديد تماما من الصفر بطريقة ما. وتتكون بيانات العينة من عدد كبير من مقتطفات من المحادثات التي أدخلت إلى النظام بالنسبة لروبوتات الدردشة. وصنع أشخاص حقيقيون لكل هذه المقتطفات، وينشئ البشر المحتوى بشكل غير مباشر من هذا المنطلق، ويعيد الذكاء الاصطناعي فقط تجميعه، لذلك يبدو حقيقيا للغاية.
2. صمم لتقليد البشر
يعد الاشراط الاستثابي طريقة لتعديل السلوك من خلال المكافآت والعقوبات.
وتستخدم العديد من أنظمة الذكاء الاصطناعي أساليب التعلم الآلي المشابه جدا للاشراط الاستثابي لتحسينها تدريجيا. وتبدأ بالتجربة والخطأ، ولكن يتم تقييم كل نتيجة ومنحها إما “مكافأة” أو “عقوبة” (وهذا ببساطة رقم مرتفع أو منخفض بالنسبة لجهاز الحاسوب). وسيقوم النظام بتعديل سلوكه لمحاولة تعظيم المكافأة في نهج يسمى “التعلم المعزز”. وعلى الرغم من أن العملية مختلفة عن الاشراط الاستثابي (وعلى سبيل المثال، تستخدم أنظمة الذكاء الاصطناعي نماذج التحسين الرياضية للتطور أسرع، فإن المبادئ الأساسية متشابهة إلى حد كبير.
وجرى تدريب الذكاء الاصطناعي القائم على اللغة على تقليد البشر، وتتم مكافأته كلما أصبح أكثر إنسانية. ولا تتطلب هذه العملية من النظام أن يشعر بأي شيء، أو أن يكون لديه أي وعي، أو حتى أن يفهم ما يقوله. ولا يشعر الذكاء الاصطناعي ويبدو وكأنه إنسانا لأنه يتمتع بتجربة داخلية مماثلة ولكن ببساطة لأنه جرى تدريبه ليكون جيد جدا في تقليد البشر، إنه بالفعل مجرد ببغاء أو طائر المحاكي ذكي جدا.
3. عمل البشر على تدريبه
هناك الكثير من الطرق لتدريب نظام الذكاء الاصطناعي، فقد استخدم ChatGPT سلسلة من أدوات التعلم لإتقان بناء اللغة الأساسية. وشمل تطويرها مدربين بشريين لتقديم الملاحظات وتعيين نقاط المكافأة للضبط الدقيق لوحدة اللغة الأساسية، واتضح أن هذه اللمسة البشرية ضرورية، إذ يمكن للمدربين تحديد استجابات غريبة حتى عندما تكون في شكل جمل صحيحة نحوياً، ويعد أمراً صعبا تناضل الآلة للتعرف عليه، وقد لا يفهم الذكاء الاصطناعي للدردشة التفاصيل الدقيقة في المحادثات البشرية المقبولة والطبيعية، وقد لا يعرفون سبب كون “شيء ما” غريباً أو محظوراً، ومع ذلك، فإنهم يتعلمون تجنب الكثير من خلال عمليات التعزيز، وفي هذا المعنى، يشبه الذكاء الاصطناعي القائم على اللغة إلى حد ما الكلاب المدربة على المرحاض، والذي لا يعد شيئاً فطرياً أو طبيعياً أو يرغبه الكلاب، ولكنه ببساطة سلوك مكتسب غرسه فيهم البشر الذين يعيشون معهم. ولا يعرف الذكاء الاصطناعي للدردشة ما الشعور بالإهانة أو ما الذي يعنيه المسبب للإهانة، ولكنهم تعلموا تجنب ما وصفه مدربوهم البشريون بأنه مسيء أو غريب أو غير طبيعي.
4. اللغة إنسانية بشكل فريد
تعد اللغة بناء بشريا فريدا على حد علمنا، ويوجد العديد من الحالات البارزة لباحثين يزعمون أنهم علموا شكلا من أشكال اللغة لحيوانات مختلفة، مثل كوكو، “غوريلا الأراضي المنخفضة”، وواشو، ” الشيمبانزي الذي تعلم لغة الإشارة”. ويعتقد معظم الخبراء أن هذه ليست أمثلة على اللغة الحقيقية الآن، ولكن حتى لو كانوا كذلك، فقد أتيحت الفرصة لعدد قليل فقط من الباحثين للتفاعل معهم، وكانت تجربتنا الكاملة مع اللغة حصرياً مع البشر الآخرين بالنسبة لبقيتنا، وبالنظر إلى هذا الارتباط المكرر، فلا عجب أنه عندما نواجه لغة أنشأها الذكاء الاصطناعي فإنها تبدو شبيهة جدا بالإنسان.
5. لأن الغالبية تميل
للتعرف عليه كإنسان
يعد البشر بطبيعتهم مخلوقات اجتماعية، فقد اشتهر أرسطو الفيلسوف اليوناني القديم بهذه الحقيقة (384-322 قبل الميلاد) وما تزال صالحة حتى اليوم. ونحن نميل للتفاعلات الاجتماعية ويذهب دماغنا إلى المبالغة في التعرف على حالات التهديدات الاجتماعية والتعاون، والتي يمكن أن تنشط دوائر المكافآت المتخصصة في الدماغ التي تساعدنا على الارتباط. ويعد كونك جيدا في استشعار التفاصيل الدقيقة في التفاعلات الاجتماعية يعني أن عقولنا اللاوعية تبحث باستمرار عن إشارات حول ديناميكيات التفاعل بين الأشخاص. وتعني هذه اليقظة المفرطة الكامنة أننا منحازون بطبيعتنا لرؤية التفاعلات الاجتماعية في كل مكان حتى عندما لا يوجد شيء. ويكون مفتاح التفاعلات الشخصية القدرة على قراءة تعابير الوجه، ولهذا السبب نحن نميل للتعرف على الوجوه وغالبا ما يعتقد رؤيتهم حتى في الأشياء العشوائية (وهذا يسمى باريدوليا الوجه). وأن التعرف على الديناميكيات الاجتماعية أمر فطري وسهل إلى حد كبير تماما كما هو الحال مع الوجوه. وتحتوي التفاعلات مع الذكاء الاصطناعي على جميع السمات المميزة التي يجب التعرف عليها على انها حقيقية وشخصية.
لا حاجة إلى الشعور بالذات
يمكن أن تشعر روبوتات الدردشة بأنها تشبه الإنسان حتى لو لم تكن مثلنا بالنظر إلى الطريقة التي نتعامل بها مع النظام وكيف يعمل الذكاء الاصطناعي، في حين أننا قد لا نكون قادرين على زعزعة الشعور بالتفاعل مع شخص حقيقي، فإن الذكاء الاصطناعي، لا يتطلب وعياً أو أي شعور على الاطلاق حتى نتمكن من استحضار هذا الإحساس فينا.
المصدر / جريدة الغد