منذ بدء تأسيس الدولة قبل أكثر من مئة عام، أعطى الأردن أولية كبيرة للقطاع الشبابي الذين يشكلون غالبية المجتمع المحلي، ووضع خططا كفيلة لتحويلهم إلى رياديين ومنتجين ومؤثرين على مستوى العالم، ومع بدء المئوية الثانية كان جلالة الملك عبد الله الثاني يوجه كل المسؤولين إلى أن مستقبل الوطن يكون بشبابه.
ويحتفل الأردن اليوم، مع دول العالم بـ”يوم الشباب العالمي” الذي يصادف 12 من شهر آب من كل عام ، والذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1999 ليكون يوما دوليا للشباب، بهدف التركيز على قضايا وطموحات الشباب في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والترفيهية.
جلالة الملك عبدالله الثاني والأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ولي العهد، وضعوا الشباب في مقدمة أولوياتهم، حيث كان للشباب نصيب في كل برامج التحديث السياسي والاقتصادي للأردن والتي حولت المستحيل إلى ممكن، وأصبح الكثير من الشباب منتجين ومؤثرين على مستوى العالم.
وحمل التحديث السياسي الأردني الذي قاده جلالة الملك مع بدء المئوية الثانية فرصا أكبر وأوسع للشباب وتوفير البنية التشريعية التي تتيح لهم المشاركة في صنع القرار والإسهام في الحياة السياسية الأردنية عبر بوابة العمل الحزبي الذي يزيد الأردن قوة وإنتاجا وتطورا.
ووضعت رؤية التحديث الاقتصادي الشباب في محاورها الرئيسية كافة، من حيث توفير فرص عمل على المدى القريب والمتوسط والطويل، وصقل مواهب الشباب عبر مسارات التعليم المهني والتقني والوصول إلى عالم الريادة والذي جعل الأردن يتصدر مؤشرات هذا العمل على مستوى العالم.
ويسهم الشباب الأردني اليوم بعد كل هذا الاهتمام بتشغيل القطاعات الصحية والتربوية والأمنية والعسكرية كلها باقتدار وكفاءة، ويتقنون العمل بالذكاء الاصطناعي، ويضعون حلولا لمواجهة تغيرات المناخ على الأردن والعالم، وينتشرون في بلاد العالم ويقودون مؤسسات عالمية وعريقة والفضل يعود إلى حجم الاستثمار الذي وضعه الأردن بالشباب طيلة السنوات الماضية.
واكد متخصصون ومسؤولون وشباب لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، أن الأردن من خلال برامج متعددة وتشبيك على مستوى دولي استطاع أن يقدم نموذجا مهما في إطلاق طاقات الشباب مع الاستمرار ببقاء الكفاءات وأصحاب الخبرة حتى يستطيع الشباب امتلاك الخبرات الكافية في إدارة الدولة والعمل ونجاحه.
وقال الشاب زيد هاني البالغ من العمر 33 عاما، إنه لم يحتج الى الانتظار على الدور في ديوان الخدمة المدنية والسبب في ذلك تطوير قدراته في مجال البرمجة والتقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي، وأصبحت أعمل عن بعد مع عدة شركات عالمية، وتطلب مني ذلك أن اتقن اللغة الانجليزية وتحولت إلى عامل مع شركة عالمية في أوهايو وأحصل على راتب وأنا أجلس في المنزل.
من جهته، أوضح ولي أمر طلب عدم الكشف عن اسمه،” أن بناتي 4 لم يفكرن بالوقوف على الدور في ديوان الخدمة أيضا والسبب أنهن يبذلن مجهودا في اكتساب المهارات العملية في تخصصاتهن وجميعهن يعملن ولم يتجاوزن الـ 25 عاما، وهذا يعني أن إتقان المهارات والكفايات وامتلاك لغات ثانية حتما سيجعل الفرص الوظيفية تتدفق باستمرار”.
من جانبه، أشار عضو مجلس الأعيان والعضو المؤسس بحزب الميثاق الوطني الدكتور محمد المومني، الى ان الشباب لهم الدور الكبير في مرحلة التحديث السياسي، حيث تم إدخال العديد من البنود القانونية لتمكينهم، حيث نصت المادة السادسة من الدستور على تمكين الشباب في جميع النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وقال إن الشباب يواجهون تحديات كبيرة خاصة فيما يتعلق بموضوع “البطالة”، وان التغلب عليها يكون بالعمل المؤسسي الذي سوف تكون الأحزاب السياسية جزءا أساسيا منه، مشددا على ضرورة بذل الجهد لاستحداث فرص عمل من خلال زيادة النمو الاقتصادي الذي من شأنه ان يوفر فرص عمل كثيرة وواسعة للشباب.
وأضاف، أن هناك أعدادا متزايدة من الشباب أصبحت تذهب الى سوق الريادة والابتكار ولم يعدوا ينتظروا الوظائف سواء في الحكومة او القطاع الخاص، بل اصبحوا يبادرون بذاتهم لإنشاء مشاريع خاصة بهم والعمل على دخول سوق العمل بما يحقق لهم العيش الكريم.
وقال المومني، إن المجتمع الاردني فتي، وان نسبة كبيرة منه هم من فئة الشباب أي تحت سن 35 عاما، وهذه فرصة كبيرة للوطن لكي يستفيد من هذه الطاقات من خلال تكثيف الجهود الرسمية والأهلية لإيجاد بيئة محفزة للعمل الشبابي.
بدوره، قال أمين عام وزارة الشباب الدكتور حسين سالم الجبور، إن الأسرة الشبابية الأردنية تثني على الدور الذي يوليه ولي العهد في جذب أنظار العالم أجمع نحو الارتقاء بالشباب وتمكينهم ومنحهم الفرص و الدور الرئيس في صنع القرار، ونحن نفاخر بسموه العالم اجمع وهو يحمل قضايا الشباب وتطلعاتهم في المحافل العالمية.
واكد الجبور، أن احتفال هذا العام يأتي تحت شعار “الشباب قادة” فقد أولت وزارة الشباب تمكين الشباب وتنمية مهاراتهم وبناء قدراتهم وتعزيز مشاركتهم في الحياة العامة من خلال البرامج والمشاريع التي تنفذها من خلال الاستراتيجية الوطنية للشباب وخطتها التنفيذية في كافة مديريات ومراكز الشباب في كافة محافظات المملكة.
من جانبه، اكد المتخصص في القانون الدستوري الدكتور سيف الجنيدي، أنه في شهر نيسان من العام 2015 ترأس سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ولي العهد، جلسة مجلس الأمن وألقى كلمة عن دور الشباب في مكافحة التطرف العنيف وتعزيز السلام، وتبع هذا في شهر كانون الأول من العام 2015 اعتماد مجلس الأمن الدولي بالإجماع القرار رقم 2250 حول “الشباب والسلم والأمن”، الذي تقدم الأردن بمشروعه.
وأضاف، أن الشباب الأردني يحظى باهتمام ملكي لافت، فلا يكاد يخلو خطاب أو لقاء ملكي أو تكليف بتشكيل حكومي من التوجيه بضرورة إيلاء الشباب عناية خاصة، وأكد جلالة الملك في الورقة النقاشية السادسة الطريق إلى تحقيق سيادة القانون أساسية “نظرة شمولية لموضوع الشباب، وتمكين الشباب سياسيا واقتصاديا لتحقيق إمكاناته وتطوير وتوسعة أفقه، بالإضافة إلى توفير المنعة له من الأفكار الظلامية المنحرفة”.
وأكد عزم الدولة على أن يكون الشباب محور المستقبل ونقطة الانطلاق الأولى لدولة تسعى للتحديث والنهوض البنيوي، ومن أبرز ملامح هذه التعديلات، النص صراحة بموجب المادة السادسة من الدستور على تمكين الشباب في جميع النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية، كما كفل الدستور وقانوني الانتخاب والأحزاب تمكين المرأة والشباب، حيث خفض سن الترشح إلى سن 25 عاما بدلا من 30 عاما، واشترط أن تضم القوائم الانتخابية الحزبية، امرأة واحدة على الأقل ضمن المترشحين الثلاثة الأوائل وكذلك ضمن المترشحين الثلاثة التالين، ووجود وجود شاب أو شابة يقل عمره عن 35 سنة ضمن أول خمسة مترشحين، بالإضافة إلى تخصيص 18 مقعدا لكوتا النساء. .
وقال إن الدولة تتبنى نهج التمكين الشامل للشباب، وبان جلالة الملك يقود مسيرة التطوير بإيمان مطلق بشراكة الشباب، وكذلك ولي العهد لفت انتباه العالم إلى ضرورة تمكين الشباب عبر تبني قرار مجلس الأمن 2250.

المصدر بترا