في عصر التقدم التكنولوجي السريع، تتجه الإدارات الحكومية، بشكل متزايد، إلى الحوسبة السحابية لتعزيز الكفاءة التشغيلية وإدارة البيانات. وعلى الرغم من أنه لا يمكن إنكار فوائد هذه التكنولوجيا، فهي توفر قابلية التوسع وفعالية التكلفة وتحسين إمكانية التعامل مع البيانات والوصول إليها. ومع ذلك، فإن هذا التحول لا يخلو من التحديات الحقيقية، لا سيما في المجال القانوني، حيث تتطلب الاعتبارات الفريدة اهتماما دقيقا وتخفيفا استراتيجيا. قد لا يكون التخزين السحابي مأمونا بشكل كامل كما نعتقد؛ حيث إن العديد من موفري الخدمات السحابية لديهم القدرة التقنية على الوصول إلى ملفاتك غير المشفرة. يعد التشفير أمرًا بالغ الأهمية في تأمين الملفات في السحابة، حيث توفر طرق التشفير “في حالة الراحة” و”في النقل” الحماية ضد وصول الطرف الثالث.

وعلية، فإنه مع تزايد شعبية حلول الحوسبة السحابية والبرمجيات كخدمة (SaaS)، أصبحت قضايا سيادة البيانات موضع تركيز ومخاطر أكبر. تعد سيادة البيانات متطلبا خاصا بكل بلد؛ حيث تخضع البيانات لقوانين البلد الذي يتم جمعها أو معالجتها فيها ويجب أن تظل داخل حدودها. لقد كان لدى العديد من البلدان هذه القوانين منذ عقود، وقوانين الخصوصية الجديدة، مثل اللائحة العامة لحماية البيانات تزيد من بروزها. على سبيل المثال، تتطلب دول مثل روسيا والصين وألمانيا وفرنسا وإندونيسيا وفيتنام (على سبيل المثال لا الحصر) تخزين بيانات مواطنيها على خوادم فعلية داخل حدود الدولة. ويجادلون بأنه من مصلحة الحكومة ومواطنيهم حماية المعلومات الشخصية ضد أي سوء استخدام، خاصة خارج نطاق الولاية القضائية للبلاد.
لهذا السبب؛ الدوائر الحكومية تحت رقابة قوانين الحق في الحصول على المعلومة، مما يفرض الشفافية ووصول المواطنين إلى المعلومات. ويؤدي اعتماد الخدمات السحابية إلى تعقيدات في إدارة السجلات المخزنة في السحابة. وتعد السياسات والإجراءات الواضحة أمرا ضروريا لضمان الامتثال لقوانين السجلات العامة والاستجابة السريعة لطلبات قانون حرية المعلومات (FOIA)، ويجب أن تتماشى عمليات استرجاع المعلومات الفعالة مع لوائح قانون حرية المعلومات، مما يحقق التوازن بين الشفافية وأمن البيانات.
علاوة على ذلك، فإن عمليات المشتريات للهيئات الحكومية ينطوي على التزام صارم بمبادئ المنافسة العادلة والمفتوحة، ويجب أن يخضع الحصول على الخدمات السحابية لعمليات تقديم عطاءات صارمة لدعم الشفافية. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن تكون الشروط التعاقدية مع مقدمي الخدمات السحابية شاملة، وتتناول الجوانب المهمة، مثل أمان البيانات والخصوصية والوصول وحقوق التدقيق وإجراءات الإنهاء. ويعد وجود إطار تعاقدي قوي أمرا ضروريا لحماية مصالح الهيئات الحكومية والبيانات الحساسة التي تتعامل معها.
بالإضافة إلى ذلك، تواجه الهيئات الحكومية أطرا تنظيمية صارمة، مثل القانون الفيدرالي لإدارة أمن المعلومات (FISMA) وقانون قابلية نقل التأمين الصحي والمساءلة (HIPAA). ويجب على موفري الخدمات السحابية إثبات الامتثال لهذه اللوائح، مما يضمن تنفيذ ضوابط أمنية محددة والالتزام بمعايير أمان البيانات والخصوصية. ويعد التقارب بين التكنولوجيا والامتثال القانوني أمرا بالغ الأهمية للحفاظ على سلامة وأمن البيانات الحكومية في السحابة.
علاوة على ذلك، يشكل الاعتماد المفرط على مزود سحابي واحد خطرا على الإدارات الحكومية، مما يحد من المرونة وخيارات انتقال المعلومات المستقبلية. وتتضمن استراتيجيات التخفيف من تقييد مقدمي الخدمات تبني أساليب السحابة المتعددة ودمج شروط إمكانية نقل البيانات في العقود. ويعد الحفاظ على المعايير المفتوحة أمرا بالغ الأهمية لتعزيز قابلية التشغيل البيني ومنع الاعتماد على تنسيقات البيانات الخاصة.
وعلى المنوال نفسه، من المحتمل أن يكون هناك عدد من المخاطر التجارية والمعلوماتية المرتبطة باستخدام خدمات الحوسبة السحابية. وتشمل هذه المخاطر ما يلي: استضافة البيانات الحساسة أو تخزينها خارج الشبكات والخوادم الخاصة بالمؤسسة المالكة لها. ثانيا، عدم إمكانية الوصول إلى البيانات المهمة إلا من خلال مزود الخدمة السحابية، مما قد يؤدي إلى زيادة الاعتماد على مزود الخدمة. وثالثا، بما أن البيانات تتم إدارتها و/أو تخزينها خارجيا، فإن استمرارية الأعمال وعمليات التعافي من الكوارث تكون خارج سيطرة الإدارة أو الوزارة وفي أيدي المزود. ورابعا، قد لا تتمكن الدائرة الحكومية من التحكم في المعلومات والسجلات ذات الصلة المستضافة في السحابة بشكل مناسب، وبالتالي قد تفشل في تلبية متطلبات الحفظ الآمن والحفظ السليم لسجلات الدولة.
علاوة على ذلك، فمن المحتمل أن يتمكن مزود الخدمة من تدمير السجلات أو حذفها دون موافقة، بشكل غير قانوني أو غير لائق. كما قد لا يتمكن مزود الخدمة من أداء وتوثيق مهام إدارة السجلات الشائعة، مثل التحكم في الوصول والنقل والتخلص من المعلومات المخزنة. مرة أخرى، قد يتم إرجاع السجلات إلى الإدارة الحكومية ولكن بتنسيق أو شكل لا يمكن للمؤسسة الوصول إليه أو استخدامه بسهولة. وبالمثل، قد يتوقف مقدم الخدمة أو مالك الشركة عن العمل وقد لا تكون البيانات قابلة للاسترداد.
وإلى جانب التحديات الأساسية، يجب على الإدارات الحكومية معالجة الاعتبارات الدقيقة، بما في ذلك الاكتشاف الإلكتروني والحجز القانوني، ونقل البيانات الدولية، والتهديد الدائم المتمثل في حوادث الأمن السيبراني. ويعد وضع إجراءات قوية لطلبات الاكتشاف القانوني، وضمان الامتثال للوائح نقل البيانات الدولية، وتنفيذ تدابير الأمن السيبراني، إجراءات أساسية لاستراتيجية قانونية شاملة.
وللتغلب على التعقيدات القانونية المرتبطة باعتماد الحوسبة السحابة بنجاح، فمن الأفضل للدوائر الحكومية إجراء العناية الواجبة الشاملة قبل التعامل مع مقدمي الخدمات السحابية. ويتضمن ذلك تقييم الممارسات الأمنية، وتاريخ الامتثال، وخيارات موقع البيانات، وإجراءات إدارة المخاطر. ويعد تطوير سياسات سحابية شاملة وتنفيذ ضوابط أمنية قوية والسعي للحصول على إرشادات قانونية من الاستراتيجيات الرئيسية لضمان الامتثال للقوانين واللوائح مع الاستفادة من فوائد التكنولوجيا السحابية. ومن خلال معالجة هذه الاعتبارات القانونية بشكل استباقي، يمكن للدوائر الحكومية أن تمهد الطريق نحو بيئة حوسبة سحابية آمنة ومبتكرة ومتوافقة مع القانون.
بالنتيجة؛ تواجه الوكالات الحكومية تحديات فريدة عندما يتعلق الأمر باستخدام الخدمات السحابية. ففي حين أن الفوائد كبيرة، فإن العديد من القضايا القانونية تتطلب دراسة متأنية واستراتيجيات للتخفيف من المخاطر والتحديات. فمن خلال معالجة هذه المشكلات القانونية بشكل استباقي وتنفيذ ممارسات حوكمة قوية، يمكن للدوائر الحكومية الاستفادة من فوائد الحوسبة السحابية مع ضمان أمن البيانات والخصوصية والامتثال للمتطلبات القانونية والتنظيمية.
المصدر الغد