في الوقت الذي توغل فيه آلة الحرب الرقمية التي تقودها منصات التواصل الاجتماعي في تعميق جراح أهلنا غزة بالتحيز لرواية الاحتلال المضللة، يؤكد خبراء ومتخصصون اهمية استمرار النشر للرواية الفلسطينية ومناصرة الأهل في غزة رقميا في فضاء بات يتفاعل فيه أكثر من 5 مليارات إنسان حول العالم.
ومع الدخول في اليوم الثالث عشر على الحرب الدموية الشعواء التي يقودها رئيس الوزراء الصهيوني المتطرف بنيامين نتنياهو ضد الإنسانية في قطاع غزة، أكد خبراء على اهمية النشر والتواجد عبر فضاءات التواصل الاجتماعي بذكاء بتجاوز العبارات التي تدخل تحت باب الحظر والتقييد وفقا لمعايير منصات التواصل، واستخدام المعلومات الصحيحة واسلوب السرد القصصي، والنشر بلغات غير العربية لإثبات وايصال الرسالة الفلسطينية.
وأشاروا الى اهمية التواجد بمصداقية والنشر بمصطلحات واضحة وقانونية لكسب المزيد من التأييد والمناصرة لأهلنا في غزة في مواجهة “وحشية” الاحتلال الذي توج جرائمه مساء اول من امس بجريمة “مستشفى المعمداني” ليرتفع عدد الشهداء الفلسطينيين لأكثر من 3300 شهيد.
وقال المركز العربي لتطوير الاعلام الاجتماعي “حملة” ان الفضاء الرقمي اصبح مؤخرا ساحة للحرب والمواجهة وخصوصا حيال الرواية الفسطينية التي تواجه تقييدا وحظرا من قبل منصات التواصل الاجتماعي العالمية وبشكل غير مسبوق، مشيرا الى ان الضغط واستخدام المناصرة الرقمية عبر منصات التواصل الاجتماعي هو امر مهم جدا ومن الممكن ان يؤثر في الرأي العام وتغيير الصورة المشوهة التي تصل عبر الروايات الاسرائيلية لا سيما للغرب.
التسلح بالمعلومة
وقدم مركز “حملة” الفلسطيني مؤخرا مجموعة من القواعد الرئيسية للنشر عبر منصات التواصل الاجتماعي أهمها “ التسلح بالمعلومة” من خلال المعرفة العميقة للمواضيع وعدم تناول الامور بقشورها والقدرة على التجاوب مع التساؤلات والاستفسارات بفعالية وسرعة، ودراسة رواية وسردية وادعاءات الاحتلال والرد بإجابات مبنية على معلومات رسمية.
ودعا المركز الى عدم الانجرار وراء التعليقات المستفزة وعدم التفاعل مع خطاب الكراهية والتحريض، وعدم التقليل من معاناة ومآسي الآخرين او التهجم عليهم على خلفية الجنس و/او العرق و/او الدين و/ او القومية او غيرها من الهويات.
توضيح السياق وربطه بالقضية
وأكد المركز على اهمية “ توضيح السياق وربطه بالقضية “ في مجال النشر عبر المنصات الرقمية عبر تحضير مادة توضح الخلفية من خلال المعلومات الدقيقة والارقام، ومن خلال التوضيح بأن القضايا التي نتحدث عنها حيوية ومرتبطة وتؤثر على حياة وحقوق الناس.
الوضوح والاتساق في النشر
واكد المركز على اهمية استخدام مصطلحات واضحة ومبررة قانونيا، وان يكون المعنى واضحا لغويا وثقافيا، وعدم الوقوع في تناقضات تؤثر سلبا على المصداقية، وعدم اللجوء الى الترجمة الحرفية من العربية الى لغات اخرى.
التفاعل وبناء التحالفات
واشار مركز “ حملة” الى اهمية التشبيك والتفاعل وبناء التحالفات مع الحسابات الصديقة والمجموعات والاشخاص الذين يشتركون معك في المفاهيم والاهداف، والتضامن مع الحلفاء وايجاد القواسم المشتركة مع النشطاء في فلسطين وخارجها، واحترام الثقافات والآراء الاخرى واتباع قواعد التواصل الايجابي.
النشر بلغات غير العربية
وقال المستشار في مجال بناء الهوية الرقمية خالد الاحمد بان على المستخدمين العرب والفلسطينيين اليوم التركيز اكثر ما يمكن على بناء محتوى رصين يعكس الواقع بطريقة مهنية والكتابة وتوجيه الحديث بلغات غير العربية حتى نصل الى اكبر عدد ممكن من جمهور منصات التواصل الاجتماعي، والى جماهير جديدة في مختلف انحاء العالم دحضا للرواية الاسرائيلية.
استمر في النشر
ودعا الأحمد المستخدمين الى عدم الانهزام نفسيا او التوقف عن النشر، وقال: “استمروا بالنشر دعما للأهل في غزة وفلسطين، وواصلوا تثقيف انفسكم وفي تطوير مصادر معلوماتكم وتطوير طريقة سرد المحتوى بشكل واع”.
انشر بلغة الأرقام والقانون
واكد الاحمد اهمية ان يدرك المستخدمون اهمية التأكد من مصدر المعلومة قبل النشر، وتعزيز المحتوى المنشور بلغة الأرقام والمنطق والقانون لأنها تلعب دورا كبيرا في التأثير على القارئ.
لا تحدث تطبيق انستغرام
ودعا الاحمد المستخدمين الى ايقاف تحديث تطبيق الانستغرام لان التحديثات الجديدة تحمل خوارزميات يمكن ان تقيد المحتوى الخاص بقضية فلسطين وما يدور في غزة.
لا تنشر صورا مخالفة لسياسة المنصات
ولتجنب الحظر والتقييد في نشر المحتوى عبر مختلف المنصات دعا الاحمد المستخدمين الى عدم نشر أي صور مخالفة لسياسة المنصات الاجتماعية مثل صور الاسلحة أو الدماء أو الشهداء وتجنب استخدام كلمات معينة تم إضافتها لقاموس خطاب الكراهية مثل : ( ح/ما/س ، وشه/دا/ء).
إلغاء متابعة المتضامنين مع الاحتلال
ودعا الاحمد المستخدمين كذلك الى القيام بإلغاء متابعة حسابات المشاهير المتضامنين مع الاحتلال لان ذلك يحد من انتشار الرواية الاسرائيلية.
التبليغ عن المحتوى المضلل
واكد اهمية التبليغ عن الحسابات التي تنشر محتوى مضللا، ومساندة الحسابات الداعمة للمحتوى الفلسطيني، ومساند الحسابات التي نتشر محتوى فلسطينيا من خلال التفاعل معه وإعادة نشره.
لا تعلق على منشورات تدعم الاحتلال
ونصح الخبير في مجال التقنية معاذ خليفات بعدم التعليق على المنشورات التي تدعم رواية الاحتلال بالهجوم والسب والشتم في التعليقات لأن ذلك يسهم في وصول منشوراتهم بشكل أكبر.
استخدام أسلوب السرد القصصي
ودعا خليفات المستخدمين الى استخدام اسلوب السرد القصصي في منشوراتهم ومحاولة خطاب الناس بلغة انسانية قدر الامكان، لأن مثل هذا الاسلوب يمكن ان يساعد في الوصول الى شريحة اكبر من المناصرين للقضية واستقطاب مناصرين جدد، لافتا الى ان الاحتلال يستخدم هذا الاسلوب بشكل فعال في منشوراته وتعامله عبر منصات التواصل الاجتماعي.
ويعرف السرد القصصي بانه استخدام اللغة والكلمات والصوت والصورة بطريقة جذابة مرتبة الافكار لاستقطاب المشاعر والولاء.
إلغاء الإعجاب والمتابعة لصفحات الاحتلال
ودعا المستخدمين الى الغاء الاعجاب والمتابعة لكل صفحات الاحتلال واي شخص او ناشط يروج للرواية الاسرائيلية، والعمل على ترجمة النصوص والمنشورات الى لغات مختلفة للوصول الى غير الناطقين باللغة العربية.
ابتعد عن الشتيمة في منشوراتك
واكد خليفات اهمية الابتعاد عن كلمات والفاظ تنم عن غضب شديد مثل “ السب والشتيمة” لان وسائل التواصل الاجتماعي تعتبرها خطاب كراهية وتقوم بإغلاق الحساب، كما اكد اهمية ان لا تحتوي المنشورات على نبذ لطائفة او ديانة لان منشورك في هذه الحالة لن يصل وسيتعرض الى الاغلاق.
لا تستخدم اكثر من 3 هاشتاغات
ودعا خليفات المستخدمين الى عدم استخدام اكثر من 3 “ هاشتاغات” في المشنور او التعليق الواحد، موضحا ان خوارزميات مواقع التواصل الاجتماعي مبنية على تقليل وصول المنشورات التي تحتوي على عدد كبير من “ الهاشتاقات”.
دور المؤثرين
وقال المدرب في مجال الاعلام الاجتماعي ابراهيم الهندي ان للمؤثرين العرب على مختلف المنصات دورا مهما في نشر الرواية الفلسطينية وان هناك محاولات موفقة يقوم بها المؤثرون للمساهمة في النشر والتثقيف لمتابعي الأحداث من خلال منصات التواصل الاجتماعي، بالعمل على نشر مواد إعلامية من دورها التركيز على الجرائم التي يقوم بها الاحتلال، والعمل على نشر المحتوى بالعديد من اللغات كالإنجليزية والفرنسية والإيطالية، لتصل إلى العالم أصوات أطفال ونساء وشيوخ غزة المحاصرة، والكشف عن الجرائم التي تمارس.
واكد الهندي “ هذا الدور مهم جدا ومؤثر، وأرى ان تكثيف الجهود في هذا الاتجاه سيلعب دورا كبيرا في تحقيق الوعي حول القضية الفلسطينية وغزة المحاصرة التي لا يملك أهلها الماء والغذاء والكهرباء”.
ومن جانبه قال الخبير في مجال التقنية هاني البطش بانه يمكن دعم الاهل في غزة وفلسطين رقميا وبقوة، مؤكدا اهمية الوعي وادراك كيف تعمل خوارزميات منصات التواصل.
كيف تعمل خوارزميات الذكاء الاصطناعي على حظر المحتوى؟
وبين البطش قائلا “ تعمل خوارزميات تعلم الآلة على حظر المحتوى من خلال تحليل المحتوى وتحديد ما إذا كان يتطابق مع مجموعة من القواعد أو المعايير المحددة، حيث يمكن أن تستند هذه القواعد إلى مجموعة متنوعة من العوامل”.
وقال البطش ان اول هذه العوامل هي المحتوى النصي، حيث يمكن للخوارزميات تحليل المحتوى النصي بحثًا عن كلمات أو عبارات معينة. على سبيل المثال، يمكن أن تستخدم خوارزمية لمنع نشر المحتوى الذي يحتوي على خطاب الكراهية أو التحريض على العنف، الى جانب عامل المحتوى المرئي، حيث يمكن للخوارزميات أيضًا تحليل المحتوى المرئي بحثًا عن صور أو مقاطع فيديو معينة. على سبيل المثال، يمكن استخدام خوارزمية لمنع نشر المحتوى الذي يحتوي على مشاهد عنف أو مواد إباحية.
وقال البطش ان من العوامل ايضا السياق، حيث يمكن للخوارزميات أيضًا تحليل السياق المحيط بالمحتوى لتحديد ما إذا كان يتطابق مع مجموعة القواعد أو المعايير المحددة. على سبيل المثال، يمكن استخدام خوارزمية لمنع نشر المحتوى الذي يحتوي على علامات تدل على أنه قد يكون مثيرًا للجدل أو مسيئًا.
كيف يمكن تجاوز الحظر؟
وحول آليات تجاوز حظر المحتوى الذي تم إنشاؤه بواسطة خوارزميات تعلم الآلة من خلال اتخاذ خطوات منها تغيير المحتوى، حيث يمكن تغيير المحتوى بحيث لا يتطابق مع مجموعة القواعد أو المعايير المحددة التي تستخدمها الخوارزمية لتحديد المحتوى الذي يجب حظره. على سبيل المثال، يمكن تغيير النص الذي يحتوي على خطاب الكراهية بحيث تستخدم كلمات أو عبارات مختلفة.
استخدام لغة مشفرة
وقال البطش “ يمكن استخدام لغة مشفرة بحيث لا يمكن للخوارزمية فهمها. على سبيل المثال، يمكن استخدام الرموز أو الاختصارات للإشارة لكلمات أو عبارات معينة”.
نشر المحتوى على منصات اخرى
واشار البطش الى انه يمكن نشر المحتوى على منصات أخرى لا تستخدم خوارزميات تعلم الآلة لتحديد المحتوى الذي يجب حظره مثل منصة “ اكس” او “ تويتر” سابقا، وهو الامر الذي يدعو اليه خبراء آخرون اكدوا اهمية التفاعل والنشر على منصات اخرى مثل “ تليغرام” و “ سيغنال” وغيرها مع اهمية التواجد والبقاء والتعامل بذكاء على المنصات الاجتماعية المناصرة للعدو الاسرائيلي.