سوق العمل والذكاء الاصطناعي.. تحولات جذرية في الأفق

«خمسون بالمائة من وظائف الياقات البيضاء للْمُبتدئين ستختفي خلال السنوات الخمس القادمة».  بهذه الكلمات الصادمة أطْلق داريو أمودي الرئيس التنفيذي لشركة «Anthropic»  تحذيرات زادت من ضربات ناقوس الخطر، وجهها إلى صُناع القرار والعاملين على حد سواء، وزاد أمودي بأنه يتوقع ارتفاعًا في معدلات البطالة في أميركا إلى ما بين 10-20 %  خلال مدة عام إلى خمسة أعوام.

هذه التصريحات تكتسب أهمية استثنائية كونها صادرة عن أحد قادة صناعة الذكاء الاصطناعي في العالم، وليس من محللين، أو مُتشائمين مهووسين بنظريات نهاية العالم، فأمودي يقفُ على الخط الأول في البحث والتطوير لهذه التقنيات، ويرى بوضوحٍ ما قد لا يراهُ الآخرون من تسارعٍ مُذهل في قُدرات الآلة الذكية.

ما نُشاهده من مواقعنا في الإدارة، وما نسمعه في المُؤتمرات واللقاءات على المستوى العالمي، هو ملامح هذا التحول تتجلى في مجالاتٍ مُتعددة، ومن بينها المهن التي تتجه إليها أجيالُنا الجديدة مثل قطاعي تكنولوجيا المعلومات والمهن الطبية؛ حيث تتسارع وتيرة تبني التقنيات الذكية بشكلٍ لافت. فالمُبرمجون والمطورون الذين اعتادوا على أداء مهام روتينية في كتابة الشيفرات البرمجية، باتوا اليوم يُواجهون مُنافسًا شرسًا يتمثل في أدوات الذكاء الاصطناعي التي تستطيع إنجاز ذات المهام بسرعةٍ فائقة وبدقةٍ تضاهي -إن لم تتفوق على- أغلب ما يُنتُجه العقل البشري اليوم.

وفي القطاع الطبي؛ تتجلى التحديات بصورةٍ مُختلفة، إذْ نرى بدايات تتزايد كمًا، وتتراكم كيفًا يحلُ فيها الذكاء الاصطناعي محل العديدْ من المهام التشخيصية التي كانت حكرًا على الأطباء، فالتقنيات الحديثة باتتْ قادرة على تحليل الصور الإشعاعية واكتشاف الأورام بدقةٍ تفوقُ المُمارسات المُعتادة، مما يضعُ علامات استفهام كبيرة حوْل مُستقبل بعض التخصصات الطبية على المدى المتوسط والطويل.

وإذا كانت هذه التحديات العالمية تتطلب تعاونًا عالميًا وإقليميًا ومُواجهة شاملة -ربما كمواجهة وباء كورونا مع الفوارق-  فإن الفوارق بين الدول من حيثُ الموارد، ومن حيثُ موقعها على خريطة الذكاء الاصطناعي توجب علينا أنْ نتحمل مسؤوليتنا محليًا أمام هذه التحولات بقدر ما نستطيع، خاصة مع اعتماد الاقتصاد المحلي بشكلٍ كبيرٍ على قطاع الخدمات والوظائف المعرفية، واعتمادنا المتزايد على أسواق العمل في دول الجوار العربي، فالمُنتدى الاقتصادي العالمي يُشيرُ في تقريره الأخير إلى أن التحولات القادمة ستُطال 22 % من إجمالي الوظائف الحالية خلال الفترة 2025 – 2030، وهي نسب تتغير من بحثٍ إلى بحث، ومن شهرٍ إلى شهر؛ مُشكلة تحدٍ آخر أمام المُخططين وواضعي السياسات وصُناع القرار.

لكن، وكما هي سُنة الحياة، فإن كل تحدٍ يحملُ في طياته فُرصًا واعدة؛ فالتحول نحو الذكاء الاصطناعي يفتحُ الباب أمام أعمالٍ ووظائف جديدة لمْ تكن موجودة من قبل، وهي ذات ديناميكية مُتسارعة وتطورات مُتعددة المجالات؛ يتعلق الكثير منها بتطبيق إمكانات الذكاء الاصطناعي في العمل وفي الحياة، تنتظرُ المُبادرات والإمكانات ومنها ما هو في دائرة الإمكان.

والحقيقة التي لا مفر من مُواجهتها بشجاعةٍ هي أن عصر الذكاء الاصطناعي لنْ يتوقفْ بانتظار من يتأخر، فإما أنْ نستعد لهذه الموجة العاتية بتطوير مهاراتنا ومراجعة برامجنا التعليمية وإعادة تأهيل كوادرنا؛ أو أنْ نجد أنفُسنا أمام مُشكلات مُستعصية في سوق عمل لا يرحمْ المُتأخرين.

المصدر

المومني: مستقبل الإعلام ستحكمه التكنولوجيا الرقمية

مندوبا عن رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان، رعى وزير الاتصال الحكومي الناطق الرسمي باسم الحكومة الدكتور محمد المومني اليوم الاثنين، احتفال المؤسسة الصحفية الأردنية “الرأي” بمناسبة مرور 54 عاما على تأسيسها.

وقال المومني أنه رغم المعاني العميقة التي تحملها الصحافة الورقية وحبرها، ألا أننا لابد أن نشير إلى أن مستقبل الإعلام ستحكمه التكنولوجيا الرقمية وأدواتها، مؤكدا أن الحكومة تدعم التحول الرقمي، وقد بدأت “الرأي” بخطوات ملموسة في هذا المجال من أجل مواكبة التطورات التكنولوجية، كما تبذل شقيقاتها من الصحف اليومية جهودا كبيرة نحو مسار التحول الرقمي، مشيرا الى أهمية تأهيل جيل صحفي قادر على إنتاج محتوى رقمي يواكب التطورات الإعلامية.

وأشاد المومني بجهود الصحيفة لتطوير الهوية البصرية لتكون حاضرة بكل المنتجات الرقمية، مضيفا أن المنصات الرقمية أصبحت مصدرا أساسيا للدخل المالي لوسائل الصحافة والإعلام.

وأضاف أن الإعلام اليوم يشهد تحديات غير مسبوقة، مما يضع المؤسسات الإعلامية العريقة، وفي مقدمتها “الرأي”، أمام مسؤولية مضاعفة في ترسيخ الوعي، ومواجهة الإشاعة، وتحصين المجتمع بمحتوى مهني ووازن، يعلي من شأن الحقيقة ويرتكز إلى القيم الوطنية.

وأوضح أن صحيفة “الرأي”، ومنذ عددها الأول، جسّدت روح الدولة الأردنية الحديثة، والتزمت برسالتها التنويرية، فكانت شاهدة على الإنجازات الكبرى، وسجلا لمسيرة التحديث والإصلاح، ومعبّرا أمينا عن مواقف الأردن وثوابته في كل الظروف والأحوال، تحت راية القيادة الهاشمية الحكيمة.

من جهته، قال رئيس مجلس ادارة الصحيفة، سميح المعايطة، إن صحيفة الرأي قامت على فكرة توحيد الأردنيين خلف الدولة والحفاظ على الوحدة الوطنية والتي تبناها وأسسها الشهيد وصفي التل وحمل فكرتها حيث قدم للأردنيين نموذجا في العطاء وفي الموقف وفي الحضور قبل أن يقدم روحه فداء لهذا الوطن، مشيرا إلى أن الرأي ستبقى إحدى جيوش الدولة في حماية سرديتها الوطنية.

وأشار إلى أهمية التحديث الرقمي الذي تبنته الصحيفة منذ حوالي 10 أشهر؛ لإكمال مسيرة المؤسسة في تقديم محتوى يليق بالأردنيين وبمكانتها في وجدانهم وللحفاظ على تاريخ الرأي بورقها ومطبعتها ورجالها وتأثيرها وحضورها في الأردن والعالم العربي، ولتؤدي الرسالة التي جاءت من أجلها هذه المؤسسة وهي خدمة المملكة.

وعلى هامش الحفل افتتح المومني مركز الإنتاج الرقمي في الرأي، والذي يضم وحدات متخصصة في إدارة الموقع الإلكتروني ومنصات التواصل الاجتماعي وصناعة الفيديو لتقديم محتوى رقمي ينسجم مع الرؤى الإعلامية الحديثة.

المصدر

الذكاء الاصطناعي كرافعة للسيادة والتنافسية

في عام 2023، أعلنت الحكومة الأردنية عن إستراتيجيتها الوطنية للذكاء الاصطناعي تماشيًا مع رؤية التحديث الاقتصادي والتحول الرقمي. حيث ركزت الإستراتيجية على خمسة أهداف شملت بناء القدرات الوطنية، وتشجيع البحث العلمي، وتحفيز بيئة الاستثمار وريادة الأعمال، وتطوير البيئة التشريعية، وتطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي لرفع كفاءة القطاع العام والقطاعات ذات الأولوية.

وعلى الرغم مما تعكسه هذه التوجهات من وعي متزايد بأهمية الذكاء الاصطناعي في تحسين الخدمات وتطوير الكفاءات والجهود الرائدة في هذا المجال، إلا أن الإستراتيجية تبدو في جوهرها أقرب إلى خطة تقنية قطاعية تستجيب للتغيرات العالمية بآليات تكيفية تقليدية، بدلاً من أن تُبنى على رؤية شاملة تعكس التحولات الجيوسياسية والتكنولوجية المتسارعة. فهي تتعامل مع الذكاء الاصطناعي كأداة تقنية لدعم الأداء الحكومي وتحسين كفاءة القطاعات، في حين يتعامل العالم مع الذكاء الاصطناعي باعتباره إحدى روافع السيادة الوطنية، وأداة لإعادة تشكيل موازين القوى الاقتصادية والإقليمية. وهذا ما يضع الأردن أمام تحدي إعادة تعريف موقعه ودوره ضمن هذا المشهد العالمي المتغير.

عالمياً، يشهد الذكاء الاصطناعي سباقاً محموماً بين القوى الكبرى. الصين تستثمر بكثافة في تصميم وتصنيع الرقائق، وتطوير نماذج الذكاء الاصطناعي، وتعزز قدراتها المحلية في سعيها لفك الارتباط التكنولوجي عن الغرب ضمن توجه قد يقسم العالم تكنولوجيًا. بينما الولايات المتحدة تتمترس خلف سياستها الحمائية بفرض القيود على تصدير التقنيات المتقدمة بشكلٍ يخنق منافسيها وأحيانًا حلفاءها. في المقابل، تحاول دول الخليج، خاصة الإمارات والسعودية، التحول لمراكز إقليمية للذكاء الاصطناعي رغم كل التحديات.
فهل يغيب الأردن ضمن هذا السياق عن المشهد بغياب رؤية إستراتيجية تنظر إلى الذكاء الاصطناعي بوصفه ساحة للصراع والفرص لا مجرد أداة دعم للقطاع العام؟ حيث تُظهر الإستراتيجية المعلنة بعض الفجوات تشمل غياب التحليل التنافسي للوضع الإقليمي والدولي، وضعف التركيز على مفهوم السيادة التقنية أو الحوسبة السيادية، وإغفال تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي، رغم أنها تقود الثورة الحالية، وضعف الارتباط بالسياسات الصناعية وغياب التوجه الوطني للحوسبة عالية الأداء، وفي النهاية غياب التفكير في تموضع الأردن كمركز أخلاقي ومعرفي إقليمي.

أمام هذه الفجوات، هناك حاجة ملحة لتجاوز منطق التخطيط القطاعي التكيّفي، نحو بناء فكر إستراتيجي أردني أصيل يتعامل مع الذكاء الاصطناعي لا كأداة لتحسين الخدمات فقط، بل كبنية تحتية سيادية جديدة يعاد عبرها تشكيل موقع الدولة في الاقتصاد والسياسة والمجتمع، مما يتطلب الانتقال من تبني الحلول إلى المشاركة في صياغتها، ومن استيراد النماذج إلى تطوير معرفة وطنية قابلة للتصدير، وذلك ضمن فهم عميق لمكانة الأردن في المنظومة الجيوسياسية الراهنة، حيث يمكنه أن يكون فاعلًا لا تابعًا، شريكًا في الحوكمة لا مستهلكًا للمنصات.

لتحقيق ذلك، لا بد من تبنّي رؤية إستراتيجية تضع نصب أعينها بناء صناعة وطنية للذكاء الاصطناعي تعتمد على الميزات النسبية للأردن كرأس المال البشري المرن، والانفتاح الإقليمي، والبنية القانونية المتقدمة نسبيًا حين تعزز بمرونة التجريب التنظيمي. هذه الرؤية تستوجب تفكيرًا مستقلًا قادر على التحرك بمرونة، وربط الذكاء الاصطناعي بمجالات تعطي الأردن ميزة تنافسية. إنها ليست دعوة لمنافسة الكبار، بل لحجز مقعد متفرد في مشهد متعدد الأقطاب، حيث تصبح القيمة الأخلاقية والمعرفية بحد ذاتها شكلًا من أشكال السيادة الرقمية.

ختاماً، إذا أراد الأردن أن يحجز مقعداً متقدماً في سباق الذكاء الاصطناعي، فعليه أن يتحول من مستهلك للتقنيات إلى صانع لفرصه الإستراتيجية. والسؤال ليس كيف نستخدم الذكاء الاصطناعي؟ بل كيف نعيد تشكيل مكانتنا من خلاله؟.

المصدر الغد

اجتماع أردني سوري لبحث التعاون بقطاعات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات

 

بحث وزير الاقتصاد الرقمي والريادة المهندس سامي سميرات، خلال اجتماع عبر تقنية الاتصال المرئي، مع وزير الاتصالات وتقانة المعلومات في الجمهورية العربية السورية عبد السلام هيكل، سبل تعزيز التعاون المشترك بين البلدين في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات.

وبحسب بيان للوزارة، اليوم الاثنين، ركز الاجتماع على بحث سبل التعاون في مجالات تفعيل ممر كوابل الألياف الضوئية، وتوفير مسارات بديلة للاتصالات والإنترنت، إضافة إلى إمكانية أن تكون المملكة الأردنية الهاشمية نقطة عبور هامة لشبكة الإنترنت بسعة تصل الى 100 تيرابايت، وربطها بشبكات الألياف الضوئية الأردنية بهدف دعم استدامة الخدمة.

وأعرب الجانبان عن تطلعهما إلى أن يصبح الأردن مسار عبور استراتيجي لحركة الاتصالات والإنترنت عبر الأراضي السورية باتجاه الجنوب.

واتفق الوزيران على عقد ملتقى تقني للشركات العاملة في مجالي الاتصالات وتقنية المعلومات، تستضيفه العاصمة دمشق في أقرب فرصة ممكنة، وذلك لبحث فرص التعاون المباشر بين القطاع الخاص في البلدين.

ومن المقرر أن يرأس الوزير سامي سميرات الوفد الأردني المشارك في الملتقى، والذي سيضم عددًا من الشركات الأردنية العاملة في مجالات الاتصالات، وتكنولوجيا المعلومات، والألياف الضوئية، والبنية التحتية الرقمية.

وأكد الوزير سميرات، استعداد الأردن لتسخير إمكانياته لدعم قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات السوري، وإتاحة المجال أمام الشركات الأردنية للمساهمة في المشروعات التقنية والاستثمارية ضمن هذا القطاع الحيوي.

كما اتفق الوزيران، على مواصلة التنسيق وتعزيز قنوات التعاون بين الوزارتين، وذلك ضمن إطار مجلس التنسيق الأعلى، الذي تم توقيع مذكرة التفاهم لإنشائه وتفعيله بتاريخ 20 أيار الماضي في العاصمة دمشق.

المصدر  (بترا)

معنيون بقطاع تكنولوجيا المعلومات: الأردن قادر على تطويع تكنولوجيا المستقبل وجعلها مشروعا وطنيا

أكد معنيون في قطاع تكنولوجيا المعلومات، أن تطويع تكنولوجيا المستقبل وتحويلها إلى أولوية وطنية في الأردن يتطلب رؤية شاملة وإرادة فاعلة تنطلق من الاستثمار في رأس المال البشري.

وقالوا لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، إن الأردن يتميز بوجود طاقات بشرية شابة ومتميزة ومؤهلة، قادرة على جعل المملكة منصة فعالة لتصدير الحلول الذكية، إذا ما أتيحت لها الفرصة الحقيقية لخدمة وطنها.

وكان سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ولي العهد، قد شدد في الكلمة التي ألقاها خلال إطلاق فعاليات (منتدى تواصل 2025)، إلى أهمية التكنولوجيا ودورها في تجويد الخدمات والارتقاء بمستوى التعليم والصحة، والإدارة العامة، وتوفير فرص عمل للشباب ودعم الاقتصاد.

وأكد الرئيس التنفيذي لجمعية شركات تقنية المعلومات والاتصالات (إنتاج) المهندس نضال البيطار، أن تطويع تكنولوجيا المستقبل وتحويلها إلى أولوية وطنية في الأردن يتطلب رؤية شاملة وإرادة فعلية.

وأشار إلى أن هذه الرؤية تنطلق من الاستثمار في رأس المال البشري، من خلال تطوير منظومة التعليم والتدريب وربطها بالمهارات الرقمية واحتياجات سوق العمل المستقبلي، إلى جانب تعزيز التعليم العملي القائم على المشاريع مقابل الاعتماد على التعليم النظري التقليدي.

وأوضح أن تحقيق هذه الغاية يستوجب تكاملا حقيقيا بين القطاعين العام والخاص، عبر تحفيز بيئة الابتكار ودعم ريادة الأعمال التكنولوجية، خصوصا في القطاعات الحيوية مثل الذكاء الاصطناعي، والروبوتات، والبلوك تشين، وتكنولوجيا الطاقة، والمياه، والزراعة، والسياحة.

وأضاف أن الأردن يشهد تخرج ما يقارب 7000 طالب وطالبة سنويا في تخصصات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وهو ما يستدعي تمكين هذا الجيل من مجموعة شاملة من المهارات التقنية والمهنية والشخصية، إلى جانب تدريبهم على أدوات الذكاء الاصطناعي وفهم الاتجاهات التكنولوجية المستقبلية.

وأكد البيطار، أهمية توفير شهادات مصغرة ودرجات تخصصية قصيرة، تمكن الخريجين من التكيف السريع مع متطلبات سوق العمل وتعزز من فرصهم في الابتكار والمنافسة على المستويين الإقليمي والدولي.

من جهته، قال عميد كلية الذكاء الاصطناعي في جامعة البلقاء التطبيقية الدكتور عمر الزعبي، إن ما طرحه سمو ولي العهد،، يجسد رؤية عميقة وشجاعة نحو مستقبل تشكل فيه التكنولوجيا وتقنيات المستقبل محورا أساسيا في أولويات الأردن الوطنية، وهي رؤية تشكل نقلة نوعية في التفكير الاستراتيجي بشأن مكانة التكنولوجيا ودورها المحوري في رسم ملامح مستقبل الأردن.

وأضاف “لم يكن حديث سموه مجرد استعراض للتحديات، بل جاء كدعوة واضحة وصريحة لتحويل التكنولوجيا من أداة للاستهلاك إلى محرك وطني للإنتاج والابتكار، فعندما يؤكد أن القيمة لم تعد تقاس بما تنتجه المصانع فحسب، بل بما تنتجه العقول، فإنه يرسخ أسس فلسفة اقتصادية جديدة تقوم على المعرفة والابتكار، وتسعى إلى توظيف التقنيات الحديثة في مختلف القطاعات الحيوية، من التعليم والصحة إلى البيئة والطاقة”.

وأوضح أن تطويع تكنولوجيا المستقبل وجعلها أولوية وطنية لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال مسارات مترابطة، تبدأ ببناء بنية تحتية رقمية مرنة وقابلة للتوسع، وتطوير تشريعات تواكب التحولات التكنولوجية وتعزز الثقة في استخدام البيانات والذكاء الاصطناعي، وصولا إلى الاستثمار الحقيقي في رأس المال البشري الأردني، ويتطلب ذلك تحديث المناهج التعليمية، وإطلاق برامج تدريب تخصصية، وتحفيز التفكير الريادي منذ المراحل الدراسية المبكرة.

وتابع “وفي هذا السياق تبرز الجامعات الأردنية بوصفها حجر الزاوية في هذا المشروع الوطني، إذ تعد المعامل الحقيقية لإعداد جيل متمكن من أدوات الثورة الصناعية الرابعة، وقادر على قيادة التحول الرقمي بوعي وكفاءة”.

ولفت إلى أن الجامعات لم تعد مجرد مؤسسات أكاديمية، بل يجب أن تتحول إلى مراكز لإنتاج المعرفة والابتكار التكنولوجي، فدورها لا يقتصر على تخريج الطلبة، بل يمتد ليشمل توجيه البحث العلمي نحو تلبية احتياجات الوطن، وإنشاء حاضنات أعمال جامعية تدعم الريادة التقنية وبناء شراكات حقيقية مع القطاعين العام والخاص، تفضي إلى تحويل الأفكار البحثية إلى منتجات وحلول قابلة للتطبيق.

وأشار إلى أن تحديث الخطط الدراسية، وإدماج تخصصات مثل الذكاء الاصطناعي، وأمن المعلومات، وإنترنت الأشياء، والروبوتات، لم يعد ترفا، بل أصبح ضرورة وأولوية قصوى تفرضها تحولات العصر ومتطلباته.

وأكد أن رؤية سموه تحمل الجميع مسؤولية التحرك الفوري نحو التنفيذ، بعيدا عن التردد والمماطلة، وضرورة خلق بيئة حاضنة للمبادرات، تشجع على التجريب والتطوير والتنفيذ، دون أن تعيقها البيروقراطية أو التأجيل.

وأضاف أن تأكيد سموه أهمية تقنيات الذكاء الاصطناعي والطائرات المسيرة وتحليل البيانات في دعم القرار الحكومي وتعزيز الكفاءة والشفافية، يعكس وعيا عميقا بمستقبل الإدارة العامة، وهو توجه يجب أن تتبناه جميع المؤسسات بثقة وشجاعة، بما يواكب متطلبات العصر.

وبين الزعبي، أننا اليوم أمام لحظة حاسمة تتطلب تحركا وطنيا جماعيا يؤمن بأن الاستثمار في العقل الأردني هو السبيل الوحيد لبناء اقتصاد متجدد ومجتمع قوي ومتماسك، وتشكل الجامعات القلب النابض لهذا الاستثمار، بما تمتلكه من طاقات علمية وبحثية وقدرات بشرية مؤهلة.

وقال إن هذه ليست رؤى بعيدة المنال، بل فرص واقعية قابلة للتحقيق، ومتى توفرت الإرادة السياسية والتنسيق الفعال والتنفيذ الجاد، سيكون الأردن في موقع ريادي على المستوى الإقليمي في تصدير الحلول الذكية وصناعة التكنولوجيا، لا في استيرادها فحسب.

بدوره، قال مستشار وخبير تكنولوجيا المعلومات المهندس عبدالحميد الرحامنة، يتميز الأردن بوجود طاقات بشرية شابة ومتميزة ومؤهلة، قادرة على جعل المملكة منصة فعالة لتصدير الحلول الذكية، إذا ما أتيحت لها الفرصة الحقيقية لخدمة وطنها، فقد ساهم العديد من هؤلاء الشباب في تحقيق التقدم التكنولوجي في عدد من الدول العربية، وكان الأردن من أوائل الدول التي بادرت في مجال الحكومات الإلكترونية.

وأضاف “نحن في الأردن نمتلك القدرة على تطويع تكنولوجيا المستقبل، وجعلها أولوية ومشروعا وطنيا، لا سيما في ظل الدعم اللامحدود من جلالة الملك عبدالله الثاني وسمو ولي العهد، كما نتمتع ببنية تحتية متقدمة، مع دخول تقنيات الجيلين الرابع والخامس، وخدمة الألياف الضوئية، والإنترنت الفضائي، لكن لتحقيق ذلك لا بد من توفر رؤية عميقة وخطة محكمة ومتابعة مستمرة ومحاسبة صارمة، إلى جانب تمكين كل مختص من أداء دوره على أكمل وجه، عندها فقط سنكون قادرين على تعزيز مكانة الأردن كدولة رائدة تكنولوجيا، تنعم باقتصاد رقمي ومجتمع مزدهر”.

ولفت الرحامنة، إلى أن تشكيل المجلس الوطني لتكنولوجيا المستقبل، بتكليف من جلالة الملك عبدالله الثاني، ومتابعة حثيثة من سمو ولي العهد، يهدف إلى تعزيز مكانة الأردن تكنولوجيا في ظل التنافسية العالمية المتسارعة في تبني واستخدام التكنولوجيا الحديثة، وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء، والحوسبة السحابية، والواقعين الافتراضي والمعزز، وتقنيات البلوكتشين، والأمن السيبراني المتقدم.

المصدر (بترا)

كيف نتحول من مجتمع مستهلك للتقنية إلى منتجين ومبتكرين؟

وسط تطورات مذهلة ومتسارعة تشهدها قطاعات التقنية والابتكار والريادة، ودخولها لخدمة كافة القطاعات الاقتصادية الحيوية، تبرز الحاجة اليوم إلى العمل بجد لتحويل شبابنا ومجتمعاتنا من مستهلكين للتقنية إلى منتجين لها، لتحويل اقتصادنا إلى اقتصاد رقمي نام وفقا لخبراء.

وقال الخبراء، إن حديث ولي العهد سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني أول من أمس في ” منتدى تواصل” عن التقنية ومستقبلها، وضرورة العمل على الاستفادة من أدواتها وتمكين شبابنا منها، يدل على رؤيا تستشرف المستقبل الذي ستشكله تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي والبيانات والإنترنت، وهو ما يتطلب جهودًا مُتكاملة لتحويل المجتمعات من مجرد مستهلكين إلى مُنتجين للابتكار التكنولوجي.

ودعا الخبراء المعنيين في الحكومات والقطاع الخاص إلى  أهمية التركيز على محور التعليم الذي يؤدي دورا أساسيا في تأهيل وتحضير الصغار واليافعين للمستقبل، مؤكدين على أن تطوير أنظمتنا التعليمية يجب أن يركز على المهارات الرقمية والابتكار الذكاء الاصطناعي مع التركيز على تدريب المعلمين على أساليب التعليم الرقمي وربط البحث العلمي بالسوق وواقع القطاعات الاقتصادية، فضلا عن أهمية العمل على تطوير البنية التحتية للاتصالات والإنترنت ودعم الريادة التقنية والشباب الريادي لتحويل أفكارهم إلى مشاريع تقنية اقتصادية مجدية.
وأكدوا على أهمية العمل على محور البيئة التشريعية والتنظيمية، والتي يجب أن تواكب التطورات التقنية الحاصلة، وتحديد الأولويات الوطنية والمجالات التي تملك فيها ميزة تنافسية، أو التي تواجه فيها تحديات كبيرة (مثل ندرة المياه أو الأمن الغذائي)، والتركيز على تطوير حلول تكنولوجية محلية لهذه القضايا.
وكان سمو ولي العهد الأمير
الحسين بن عبدالله، أكد في كلمته الافتتاحية لـ”منتدى تواصل 2025 ” الذي انعقد أول من امس السبت، على أهمية التقنية وأدواتها والتي بدأت ترسم ملامح مستقبل الدول والاقتصادات ومنها الأردن، وأهمية تمكين شبابنا وأصحاب المواهب من هذه الأدوات للإسهام في إنتاج التقنية بدلا من استهلاكها.
وقال سموه في كلمته: ” لا بد أن نواصل تمكين مواهبنا الفتية من امتلاك أدوات العصر، خاصة بعد إسهامات التكنولوجيا والتقنيات الحديثة في كل مجالات الحياة، ففي الاقتصادات المتقدمة، لم تعد القيمة تقاس فقط بما تنتجه المصانع، بل بما تنتجه العقول، وقد أدى استثمار هذه الدول في رأس المال البشري، والبحث والتطوير إلى بناء أنظمة اقتصادية قادرة على التجدد والابتكار كمحرك رئيس للإنتاجية والتنافسية، وتأسيسا على ذلك، رأيت أن أتحدث معكم عن بعض الأولويات الوطنية والفرص التي يمكن اغتنامها بالاعتماد على التكنولوجيا وتقنيات المستقبل”.
وتابع سموه قائلا: ” وأدعوكم ومن عنوان هذا الملتقى وأهدافه، أن تفكروا بشكل الأردن بعد عقد أو عقدين، كيف سيكون؟! كيف ستستطيع التكنولوجيا أن تقدم حلولا لندرة المياه والموارد، للبيئة وحمايتها، للنقل، لمستقبل المدن والخدمات، للتعليم والصحة، لخدمة الإنسان الأردني والتسهيل عليه، وان تفكروا بمستقبل الفرص والمهن، كيف ستكون التكنولوجيا وسيلة فاعلة لصناعات ثقافية وإبداعية تحتفي بإرثنا الكبير وتراثنا الفريد وتاريخنا المتجذر، وتتبدى إنتاجات معرفية أردنية عالمية، تستند إلى لغتنا وعاداتنا وتنوع مجتمعنا وثراء هويتنا الوطنية الأردنية”.
وأكد سمو ولي في العهد في كلمته أن علينا أن “نصارح أنفسنا وأن نشير إلى مواقع التقصير والضعف، وأن نعوض سنوات أضاعها التردد والمماطلة في التنفيذ”، وأنه من المهم ” ألا نكون مجرد مستهلكين للتكنولوجيا، بل أن نكون روادا في صناعتها، ومؤثرين في رسم مساراتها”.
رؤية وطنية ومبادرات ممنهجة
ويرى خبير إستراتيجيات الذكاء الاصطناعي والميتافيرس رامي الدماطي أن التحول من الاستهلاك إلى الإنتاج في مجال التقنية بالعموميات “يتطلب رؤية وطنية تطبق بقرارات ومبادرات ومشاريع حكومية جادة وممنهجة طابعها الشمولية والتنفيذ على مستوى وطني باتساق وانسجام”.
وقال الدماطي: “إن ما أشار إليه سمو ولي العهد يؤكد أن الأردن لا يجب أن يبقى مجرد مستهلك للتقنية، بل يجب أن يصبح منتجاً لها، ومؤثراً في تشكيل مستقبلها، فهذا التحول لا يتم فقط بالنوايا، بل عبر سياسات واضحة”.
وأضاف: “أن الحكومة مطالبة اليوم بأن تكون الممكن الأول لهذا التحول، عبر سنّ تشريعات مرنة، وربط البحث العلمي بالاحتياجات الفعلية للسوق”.
وأوضح الدماطي أن الحكومة يجب أن تعمل على سياسات يجب أن تبدأ من تحديث المناهج التعليمية لتشمل علوم الحاسوب والذكاء الاصطناعي مبكراً، وتوفير حوافز استثمارية لرواد الأعمال في التكنولوجيا، وتأسيس صناديق دعم وتمويل للمشاريع التقنية الناشئة.
وشدد الدماطي على أهمية دعم الريادة التقنية ونقلها من المبادرة الفردية إلى حاضنات وطنية للابتكار.
الريادة التقنية لم تعد خيارا
وبين الدماطي أن دعم الريادة التقنية “لم يعد خياراً بل ضرورة”، حيث يجب أن يتجسد هذا الدعم في إطلاق حاضنات ومسرّعات أعمال متخصصة بالذكاء الاصطناعي والتقنيات الناشئة، مع توفير بيئة تنظيمية وتشريعية حاضنة للمخاطرة والابتكار.
وأشار إلى أهمية تمكين الشباب عبر برامج تدريبية احترافية وتحفيزهم لتأسيس شركات ناشئة ما يُعد عاملاً حاسماً في بناء اقتصاد رقمي تنافسي.
وقل الدماطي: “لا بد أن تتحول قصص النجاح من حالات فردية إلى منظومة متكاملة ترعاها الدولة بشراكة حقيقية وكاملة مع القطاع الخاص”.
أنظمة تعليمية تركز على الابتكار
وقال الخبير الاقتصادي وجدي المخامرة إن أهم المحاور التي يجب التركيز عليها لنتحول من مستهلكين إلى منتجين للتكنولوجيا هو ” التعليم”؛ لأنه الأساس لتشكيل المستقبل، داعيا إلى تطوير الأنظمة التعليمية لتركز على موضوع الابتكار من خلال إعادة هيكلة المناهج الدراسية لتركز على حل المشكلات والإبداع التقني، مع تدريب المعلمين على أساليب التعليم الرقمي.
حاضنات التصنيع ودعم الريادة التقنية
واقترح المخامرة العمل على إنشاء حاضنات التصنيع المحلي من خلال دعم تصنيع المكونات الإلكترونية وتطوير الأجهزة بتكاليف تنافسية مثل إنشاء مناطق صناعية تقنية بضرائب مخفضة.
ولفت إلى أهمية تمكين الشركات الناشئة الهادفة وتمويل “مشاريع التقنية العميقة” مثل إنترنت الأشياء الصناعي، الروبوتات، والأنظمة المدمجة، وليس فقط التطبيقات التسويقية.
ودعا المخامرة الحكومة إلى العمل على مجموعة من المحاور لتعزيز الإنتاج في المجال التقني ومنها اتخاذ تشريعات جديدة وسن قوانين حماية بيانات مرنة لتجربة التقنيات الجديدة، وتقديم التمويل من خلال إنشاء صندوق سيادي للاستثمار في التقنية بعائد طويل المدى، وإعفاءات ضريبية للشركات التصنيعية التقنية.
البنية التحتية ومعامل التصنيع
وأشار المخامرة إلى أهمية تعزيز البنية التحتية للاتصالات من خلال العمل المتواصل على تطوير شبكات الجيل الخامس وخصوصا في المناطق الصناعية، وتشجيع وتطوير معامل تصنيع النماذج الأولية للمشاريع في الجامعات.
ودعا إلى تفعيل الشراكات الدولية وعقد اتفاقيات نقل تكنولوجيا مع دول رائدة بشرط توطين التدريب.
كيف ندعم الريادة التقنية
وعن دعم الريادة التقنية، اقترح المخامرة العمل على إنشاء وتعميم المسرعات متخصصة مثل مسرِّعات للذكاء الاصطناعي في القطاع الصحي أو الزراعي بدعم مالي وفني وغيرها، لافتا إلى أهمية العمل بجد على ربط البحث الأكاديمي بالسوق وتمويل مشاريع تخرج طلاب الهندسة والحاسوب بالشراكة مع الشركات.
واقترح المخامرة تقديم حوافز للمستثمرين في شركات التقنية الناشئة الأردنية، والعمل على تطوير منصة موحدة تكون بمثابة بوابة إلكترونية تجمع الرياديين، المستثمرين، والجهات الداعمة (مثل شركة تطوير المشاريع التقنية).

إستراتيجية للتحول من الاستهلاك إلى الإنتاج
وعلى صعيد متصل، أكد الخبير في مجال الاتصالات والتقنية وصفي الصفدي أن الانتقال من كوننا مجرد مستخدمين للتكنولوجيا إلى مطورين ومنتجين لها هو تحد كبير “يتطلب إستراتيجية شاملة”.
وبين الصفدي أن الإستراتيجية يجب أن تركز على الاستثمار في رأس المال البشري والتركيز على التعليم والتدريب في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، وتطوير المهارات اللازمة للابتكار في الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات، وإطلاق مبادرات لبرمجة الأطفال والشباب وتزويدهم بالأدوات والمعرفة اللازمة سيخلق جيلًا جديدًا من المبتكرين
ولفت إلى أن هذه الإستراتيجية يجب أن تبنى على بيئة حاضنة للابتكار من خلال إنشاء المزيد من حاضنات الأعمال والمسرعات التكنولوجية، ودعم الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا، وتشجيع البحث والتطوير، والشراكات بين القطاعين العام والخاص.

وقال الصفدي إن هذه الإستراتيجية يجب أن تبنى على تحديد الأولويات الوطنية والمجالات التي تملك فيها ميزة تنافسية، أو التي تواجه فيها تحديات كبيرة (مثل ندرة المياه أو الأمن الغذائي)، والتركيز على تطوير حلول تكنولوجية محلية لهذه القضايا، لافتا إلى أهمية تطوير تشريعات وسياسات داعمة تُشجع الابتكار، وتحمي الملكية الفكرية، وتوفر بيئة تنظيمية مُيسرة للأعمال التكنولوجية.

نماذج دولية ناجحة
وقدم الصفدي مجموعة من النماذج الدولية الناجحة والملهمة في تسخير التكنولوجيا لتحقيق التنمية والتحول من الاستهلاك إلى الإنتاج، منها أميركا التي تُعد رائدة عالميًا في نظام بيئي للذكاء الاصطناعي، حيث تقود أميركا الصناعة التقنية في أبحاث الذكاء الاصطناعي والاستثمار الخاص، وتُنتج نماذج تعلم آلة بارزة.
وأشار إلى تجربة الصين التي حققت تقدمًا هائلاً في مجال الذكاء الاصطناعي، وصناعة الإلكترونيات والهواتف المتنقلة مدعومة باستثمارات حكومية ضخمة، واليابان التي تعد من الدول الرائدة في التكنولوجيا بشكل عام وفي التكنولوجيا المتعلقة بالإنتاج بشكل خاص، وكوريا الجنوبية التي نجحت في التحول من اقتصاد منخفض الدخل إلى اقتصاد مرتفع الدخل، لتُصبح رائدة عالميًا في الابتكار والتكنولوجيا، مع شركات عالمية متميزة في صناعة الهواتف المتنقلة.
وأشار الصفدي أيضا إلى تجارب سنغافورة التي تُعد مثالاً للبلدان التي تُضاعف قدراتها التكنولوجية، بفضل موقعها الإستراتيجي، وحكومتها الداعمة للأعمال، وبنيتها التحتية المتقدمة، وتجربة الهند التي تُحقق تقدمًا كبيرًا في تصنيع الإلكترونيات، لتصبح مركزًا للبحث والتطوير في مجال الإلكترونيات، ولديها مبادرات ناجحة لاستخدام الذكاء الاصطناعي في الزراعة وتوصيل الأدوية بالطائرات بدون طيار، فضلا عن تجارب ماليزيا وتايوان وفيتنام وتايلند التي برزت كقواعد تصنيعية قوية في صناعات الإلكترونيات والتكنولوجيا الفائقة.

المصدر الغد

العموش: تحويل 92 خدمة إلى إلكترونية في “الأراضي” العام الحالي

كشف مدير عام دائرة الأراضي والمساحة الدكتور أحمد العموش عن تراجع أعداد مراجعي دائرة الأراضي والمساحة بنسبة 76 %، بفضل تحويل الإجراءات وتنفيذ المعاملات إلكترونيا مؤكدا أن العام الحالي سيشهد تحويل 92 خدمة إلى إلكترونية بالكامل.
وأكد العموش في حوار مع “الغد” أن قرارات مجلس الوزراء الأخيرة لتحفيز النشاط العقاري آتت أوكلها وهذا ما تثبته إحصائات وأرقام الدائرة، ونتوقع بنهاية العام الحالي، وتخفيض أعداد المراجعين بنسبة 85 %.
ومدير عام الأراضي بأن الدائرة تطلق الخدمات الإلكنرونية أولا بأول ومعيار الخدمات التي نعطيها الأولوية، لتصبح إلكترونية هي مقدار مساهمتها في التقليل من أعداد المراجعين
وبين أن من أهداف التحول الإلكتروني تخفيف الاحتكاك بين الموظف والمواطن، والهدف الثاني التخفيف على المواطنين والمستثمرين في الوقت والجهد والنفقات، مشيرا إلى الخطة الاستراتيجية لدائرة الأراضي وتعهدت بها إلى رئيس الحكومة إطلاق 19 خدمة إلكترونية قريبا، التي ستقود إلى   تخفيض إضافي لأعداد المراجعين بنسبة 10 %، وفي الفترة المقبلة سنعمل على تحويل معاملات التأجير التمويلي والرهن إلى إلكترونية.
وأشار العموش إلى أن الدائرة ستطلق قبل نهاية العام الحالي، منصة تجيب على جميع الاستفسارات المتعلقة بالعقار وتوفر خدمة للمواطن تتضمن أي معلومات يحتاجها لأي قطعة أرض وكأنه يقف فيها إلى جانب المقسم الموحد، الذي يستقبل مكالمات المواطنين ويجيب عن استفسارتهم.
وتوقع أن يزداد حجم التداول العقاري مع انخفاض أسعار الفائدة، مؤكدا الشراكة الكاملة مع القطاع الخاص بكل ما يتعلق بقطاع العقار .
وأشار إلى أنه تمت إعادة النظر في القيم الإدارية، لتصبح أكثر دقة وواقعية وأقرب إلى سعر السوق، مؤكدا أنه تم فصل ما يزيد على نصف قضايا إزالة الشيوع من خلال اللجان المختصة.
وردا على أسئلة “الغد” حول ما وصلت إليه أتمتة المعاملات في دائرة الأراضي وانعكاسها على تقليل عدد المراجعين للدائرة، قال العموش “ندرك أهمية دائرة الأراضي والمساحة والعقار في الاقتصاد الوطني وحساسية وأهمية المعلومات العقارية، وضرورة أن تكون المعلومة التي نقدمها للمواطن دقيقة من أجل ذلك لدينا  “كول سنتر” اليوم، يعمل كمركز معلومات موحد يتلقى اتصالات المواطنين واستفساراتهم واستيضاحاتهم من خلال الرقم ( 117711 )، يجيب من خلاله الموظفون عن أي استفسار بخصوص دارة الأراضي، خاصة المعاملات الإلكترونية.
وحول كيفية استخراج أي وثيقة من الدائرة سابقا وحاليا، قال “كان لدى الدائرة 34 مقسما وغالبا كان العاملون حينها في المقسم لا يمتلكون المعلومة الدقيقة،  اليوم أوجدنا الموظفين العاملين في الرد على دراية كاملة حتى نغطي فجوة المعلومات التي يحتاجها المواطن والمستثمر ومنها الوثائق المطلوبة، حيث يحضر المراجع كل الوثائق المطلوبة لإتمام معاملته ونمتلك خطة بتمديد الدوام بالرد على طلبات المراجعين حتى السابعة مساء”.
وتابع مدير عام الأراضي حديثه بالقول “خدماتنا الإلكترونية حاليا هي 92 خدمة إلكترونية من أصل 135 مجموع جميع الخدمات التي تقدمها الدائرة، علما أن بعض الخدمات لا يمكن أن تصبح إلكترونية، ونحن حتى الآن  أطلقنا من الـ92 خدمة 36 خدمة إلكترونية. أعطينا الأولوية لإطلاقها لأنها الخدمات الأكثر طلبا وتشكل أكبر نسبة من المراجعين للدائرة، ومن أهمها  سند التسجيل ومخطط  الأراضي ومعاملات البيع والانتقال جميعها إلكترونية،  إلا عند التوقيع للبيع فالقانون يشترط حضور جميع الأطراف لأن موضوع التوقيع عند البيع يحتاج  نضوجا من كل الأطراف حتى نصل للتوقيع  الإلكتروني”.
وتابع حديثة حول مشروع الأتمتة بالقول “لقد أطلقنا الخدمات الإلكترونية وتركنا في البداية الخيار للمواطن بإنجاز معاملته إلكترونيا أو من خلال مراجعة الدائرة، وبعد أن تأكدنا أن الخدمة صارت مستقرة من خلال معرفة المواطنين أصبحت المعاملات إلكترونية فقط.
وقال العموش “تظهر الإحصائيات أنه تم خلال العام الماضي، إصدار حوالي 900 ألف وثيقة إلكترونية، وهذا يعطي مؤشرا على أن العملية ناجحة. فاليوم   مع أننا بحاجة إلى تثقيف المواطنين أكثر عن 6 أنواع وثائق منها سند التسجيل، مخطط الأراضي، شهادة تحر عن الأملاك وعقد البيع”.
وحول المشاكل التي واجهت عملية الأتمتة “للأراضي والمساحة” قال “عقلية بعض الموظفين ومنها عقلية المراجعين وبعض أصحاب المصالح لكننا استطعنا أن نتجاوز هذه المشاكل، فنحو سنة ونصف ونحن نجرب من خلال خطة الإطلاق جزئية بدأت في عمان، وبعد شهرين بعد التأكد أن الأمور تسير بشكل جيد، سنتوسع بالخدمات الإلكترونية في إقليم الوسط ثم إلى الشمال وبعد ذلك، في مديريات ومكاتب الجنوب بما فيها العقبة التي نعطيها أولوية لاهمية العقبة الاقتصادية”.
وخلال سرده لقصة التحول الإلكتروني قال العموش” عندما أطلقنا معاملات البيع إلكترونيا جعلناها لمدة شهرين من خلال طريقتين، الأولى إلكترونية مع إبقاء الخدمات الوجاهية المقدمة من الموظفين، التي نطلق عليها خدمة “الكاونتر”، لكن بعدما تأكدنا من سير الأمور جعلناها إلكترونية فقط وأعلنا لجميع المواطنين أن المعاملات ستصبح إلكترونية فقط”.
وأضاف “أن الإحصائيات تبين أننا ننجز بمعدل 4000 معاملة بيع شهريا  إلكترونيا، فنحن نبلغ جميع أطراف معاملة البيع أن المعاملة جاهزة للحضور في يوم محدد للمراجع، من أجل الإقرار والتوقيع لإتمام عملية البيع”.
وأوضح أنه إلى جانب الـ36 معاملة إلكترونية، تقوم دائرة الأراضي بترخيص ثلاث جهات هي المقدر العقاري، المكتب العقاري والمساح، ونقوم بترخيص المقدر والمساح بعد إجراء امتحانات لهما بموجب نظام قانوني واضح. وأصبحت رخصهما تصدر إلكترونيا مع وجود  QR، ونرسل إليه رسالة تحوي رابطا يرسل فيه الملف من أجل طباعة رخصته، حيث هناك نحو650 مساحا تم منحهم رخصا إلكترونية و450 مكتبا عقاريا ونحو450 مقدرا عقاريا.
إن آخر إحصائية تبين أننا نجحنا هذا الشهر في تخفيض أعداد مراجعي دائرة الأراضي بنسبة 75.9 % من اعداد المراجعين، على مستوى 34 مديرية. وهذا الانخفاض يمكن ملاحظته  في مديريات الأراضي خصوصا التي كانت تشهد اكتظاظا كبيرا قبل التحول الإلكتروني.
حماية وثائق دائرة الأراضي
أمن الوثائق مهم جدا ومن اهم الوثائق الصحيفة البيضاء. اليوم وثائقنا بدائرة الأراضي وثائق محمية تماما. لأننا نلجأ إلى طريقتين فنستخدم الورقي. ونستخدم الإلكتروني بالوقت نفسه، إضافة إلى وسائل الحماية الممتازة. التي نستخدمها لحماية وثائقنا. فكل مستودع مراقب بالكاميرات. وفيه وسائل  الإطفاء الحديثة وشروط تخزين ممتازة، طبعا ليست مثالية في كل المستودعات ولكننا نعمل باستمرار على تطوير بيئة حفظ الوثائق.
مدير عام الأراضي قال “تقدر وثائق دائرة الأراضي بمائة مليون وثيقة مؤرشفة إلكترونيا، إلى جانب الأرشفة الورقية. ولدينا إجراءات  قوية حتى لا يحدث اختراق – لا سمح الله -. ونعمل على التأكد من أن أي خدمة إلكترونية نطلقها آمنة، ولا يمكن إطلاق أي خدمة لا نتيقن أنها آمنة، فلا يمكن إطلاق خدمة إلا بعد التأكد من الأمن السيبراني. ويتم تفحص ذلك من وزارة الاقتصاد الرقمي للتأكد من أمانها. وفي حال -لا سمح الله-. حدث أي شيء لدينا نسخ احتياطية من كل وثيقة في ثلاث مواقع مختلفة. فلذلك لا يمكن أن نتوجه إلى  التحول الإلكتروني سواء أكان بالأرشفة، أو بالخدمات الإلكترونية ما لم تكن الخدمة آمنة. ما يهمنا الدقة والأمان.
قانون الملكية العقارية
من جهته، أكد العموش أن من أهم التعديلات على قانون الملكية العقارية هو ما يتعلق بقضايا إزالة الشيوع والتي نعمل على تطوير آلياتها، فمنذ العام 2019، أصبحت قضايا إزالة الشيوع تنظر من خلال لجان تتبع دائرة الأراضي والمساحة بعد أن كانت من صلاحيات القضاء والمحاكم، وتم نقلها وفق معطيات فلماذا تم نقلها للدائرة ولماذا لم يتم استحداث دائرة خاصة بازالة الشيوع  يعود ذلك لان دائرة الاراضي هي الدائرة المعنية تماما بموضوع ازالة الشيوع، فالخبراء الذين كانت تلجأ إليهم المحاكم هم من موظفي الدائرة والقضاء يديرون مسألة إزالة الشيوع قانونيا ولا بد لحسم القضايا من الخبرة الفنية الموجودة في دائرة الأراضي المعنية اصلا بهذا الموضوع. وهي بيت الخبرة في هذا  المجال. حيث إن الإحصائيات تبين أن نحو 54 % من قضايا الإزالة المقدمة للدائرة تم فصلها وهذا باعتقادي نسبة ممتازة “.
إن هناك حساسية خصوصا لدى الأقارب عند اللجوء إلى القضاء للفصل في قضايا إزالة الشيوع،  وكذلك لا تحتاج قضايا إزالة الشيوع خلال الفصل فيها في دائرة الأراضي إلى توكيل محام، فيستطيع أي طرف أن يترافع عن نفسه من دون الحاجة لتوكيل محام  وهو ما يخفف الكاف ويقلل الوقت والجهد.
وأوضح لقد عملنا لإزالة الشيوع بتفريغ متخصصين من الدائرة يقتصر عملهم فقط على النظر في قضايا إزالة الشيوع من دون أن يقوموا بأي عمل آخر، كما قمنا بتدريب وتأهيل الكوادر المتخصصة فنيا وقانونيا، بالتعاون مع المجلس القضائي ونقابة المحامين ونقدر جهود المجلس القضائي الذي درب الكوادر على إدارة الجلسات وكتابة المحاضر وتقديم استشارات قانونية.
وأضاف وفرنا قاعات مجهزة للجان للنظر في قضايا إزالة الشيوع، ونعمل على تطوير وتحسين القاعات وتزويدها بأحدث الأجهزة، كما أنها قاعات مجهزة بالكاميرات لغايات الرقابة.
وحول شكوى المواطنين والمستثمرين من أن القيم الإدارية غير دقيقة وغير واقعية، رد العموش قائلا “هناك قيم إدارية انخفضت وأخرى بسيطة ارتفعت وجزء بقي مستقرا، ونحن نعاني من مشكلة فالمواطن يشتكي من ارتفاع القيم الإدارية عند دفعه للرسوم وعندما يكون الدفع من طرف آخر، يشتكي من انخفاضها للعقار نفسه، إذا أرادت الحكومة استملاكها” .
وأضاف نعمل لتحديد القيم الإدارية وفق معايير دولية وأعتقد أن القيم الإدارية الحالية لا تقل نسبة الدقة فيها عن ثمانين بالمائة. وفتحنا باب الاعتراض على القيمة الإدارية إلكترونيا، حيث يتم النظر في الاعتراض من قبل لجنة محلية بمديرية التسجيل. ممثلة من كل الأطراف بما فيها القطاع الخاص. تنظر وترفع للجنة المركزية الممثل فيها القطاع الخاص ومنه النقابات ذات العلاقة،  وتتخذ قرارا يعتبر نهائيا، على أي اعتراض يقدم من المواطنين. وننظر أسبوعيا في اللجنة المركزية بنحو 2500 اعتراض.
وقال العموش “إن دائرة الأراضي تقوم بإعادة النظر في القيم الإدارية لأسباب مبررة منها، تغيير صفة التنظيم في منطقة معينة ما يجعل سعرها مختلفا، ويتطلب إعادة النظر في القيمة الإدارية”.
وحول الشراكة بين دائرة الأراضي والمساحة والأطراف المعنية من القطاع الخاص رد العموش قائلا “ننسق مع كل الأطراف ومنها جمعية المستثمرين في قطاع الإسكان ونقابة أصحاب المكاتب العقارية ونقابة المساحين المرخصين. نستمع إلى ملاحظاتهم ومقترحاتهم والشكاوى ونتعامل معها بمنتهى الجدية وهم ممثلون في كل لجان الدائرة. ونتشاور أيضا مع جمعية البنوك ونحن منفتحون على أي مقترحات، بما يخدم مصلحة الناس”.
واعتبر مدير عام الأراضي قرارات مجلس الوزراء لتحفيز سوق العقار وزيادة الاستثمار فيه، أنها مهمة جدا للاقتصاد الوطني، فهو المحرك وترتبط به عشرات القطاعات الاقتصادية والمهنية، ونشاط القطاع العقاري يعني نشاطا اقتصاديا في البلاد لمختلف القطاعات.
وأضاف أن مجلس الوزراء يتخذ قرارات تحفيزية للقطاع العقاري، بما ينسجم مع رؤية التحديث الاقتصادي ومنها القرارات المتعلقة بالمنطقة الاقتصادية الخاصة في العقبة، التي نرتبط معها إلكترونيا بشكل كامل. ونعطيها بيانات وتعطينا بيانات لغايات التكامل وتسريع الإجراءات على المستثمرين.
وأضاف، العقبة أولوية كونها منطقة اقتصادية خاصة تحظى باهتمام جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين وولي العهد سمو الأمير الحسين بن عبدالله،  بالتالي أي تحفيز للقطاع العقاري، يساعد ويزيد الحركة العقارية بالعقبة.
وأوضح أن من قرارات مجلس الوزراء الأخرى، إعفاء الشقق التي تزيد مساحتها على 150 مترا مربعا من 50 % من الرسوم، مشيرا إلى أن دائرة الأراضي تقيم أثر تلك القرارات على حركة بيع الشقق التي تبلغ مساحتها 150 مترا مربعا فأكثر. ووفق آخر إحصائية زادت مبيعات هذه الشقق بنسبة 12 %   وفي أحد الأشهر وصلت نسبة الزيادة 24 % .
وجدد العموش تأكيد خدمة دائرة الأراضي والمساحة بالرد على استفسارات المواطنين من خلال الرقم الموحد، الذي يجيب على مئات الاتصالات يوميا، مشيرا إلى أن الدائرة تعمل على إنشاء منصة تتضمن إجابات عن نحو 1500 سؤال الأكثر طرحا من قبل المواطنين، حيث يتوقع أن يتم تفعيلها قبل نهاية العام الحالي، إلى جانب “الكول سنتر” والموقع الإلكتروني للدائرة.
كما تتضمن المنصة معلومات عن أي قطعة أرض، يرغب المواطن الاستعلام عنها وكأنه يقف فيها بكل التفاصيل والأبعاد والقيمة الإدارية.

“رقمنة “.. مولود جديد في المشهد الإعلامي الأردني

بمناسبة احتفالات المملكة بعيد الاستقلال الـ79، جرى الإعلان أمس، رسميا عن إطلاق موقع إخباري إلكتروني يحمل إسم “رقمنة” في مرحلة تجريبية، حاملا معه رسالة بناء وتطوير منصة عربية تسعى إلى تعزيز محتوى الاقتصاد الرقمي والريادي.

ويحمل الموقع، عنوان  www.raqmanah.net على الشبكة العنكبوتية التي يستخدمها اليوم في الأردن اكثر من 10.7 مليون مستخدم، ليكون منصة إعلامية متخصصة في صناعة محتوى عربي في الشؤون الاقتصادية، وخاصة الاقتصاد الرقمي بما ينطوي تحت مظلته من قطاعات فرعية مثل، قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات، والريادة وتكنولوجيات المستقبل، وصناعة التواصل الاجتماعي.

وتأسس الموقع، الذي رخص من قبل هيئة الإعلام كموقع متخصص لشركة الخط الإخباري لإدارة المواقع الإلكترونية، على يدي مجموعة من الزملاء الصحفيين والإعلاميين المختصين بالجوانب الاقتصادية والاتصالات وتقنية المعلومات وريادة الأعمال والشركات الناشئة و”السوشال ميديا” هم: زياد المومني وإبراهيم المبيضين وخالد الأحمد.

وجاء اختيار اسم “رقمنة”، تماشيا مع العصر الرقمي الذي نعيشه اليوم ليكون منصة إلكترونية يقدم من خلالها الخبر والمعلومة والرأي والتحليل والتحقيق والدراسة، إضافة إلى التقارير بشكل فوري على الإنترنت، وليكون رافدا للمحتوى العربي المتخصص على الإنترنت الذي نسبته في أكثر التقديرات تفاؤلا 3 % من محتوى شبكة الإنترنت العالمية.

وجرى تصميم الموقع الإلكتروني، الذي يحمل شعار (منصة عربية لتعزيز محتوى الاقتصاد الرقمي والريادة)، بشكل يتيح سهولة التصفح، ويقدم لزواره واجهة بسيطة تضم جميع الأخبار والمعلومات التي يبحثون عنها في مجال تخصصه.

وأكد مالكو الموقع حرصهم على توفير المواد الصحفية سواء المحلية أو العربية والدولية بشكل احترافي ومصداقية عالية تعزز ثقة المتابعين، آملين بأن يشكل هذا الموقع علامة فارقة في عالم الإعلام المتخصص والمواقع الإلكترونية، وإلى سد الفجوة في عالم التقنية وريادة الأعمال ودعم الشركات الناشئة خاصة وأن هذه القطاعات تشهد تطورا متسارعا إلى حد بعيد.

وبينوا أن موقع “رقمنة”، سيعمل على تقديم محتوى ثريا باستخدام الوسائط المتعددة من محتوى مكتوب، ومحتوى فيديوي وانفوجراف ورسوم بيانية، إضافة إلى استخدام شبكات التواصل الاجتماعي في نشر الخبر والوصول إلى المستخدمين، مع السعي ليكون الموقع داعما أساسيا لقطاع الريادة والشباب الريادي.

وقالوا إن الموقع سيعتمد في الأساس على صناعة المحتوى الخاص من قبل القائمين عليه، الى جانب نقل الأخبار والأحداث من عشرات المصادر الإخبارية العربية والعالمية، إضافة إلى المواضيع والمتابعات الخاصة به، التي ستغني الموقع، وتقدم للقارئ كل ما يحتاجه، كما سيتيح الموقع مساحات لإبراز مبادرات الشباب ورياديي الأعمال الذين يتجهون نحو الريادة في أعمالهم من خلال طموحاتهم المتميزة ومبادراتهم الريادية الملهمة، التي يزخر بها مجتمعنا ونشرها لتصبح جزءا شاملا من عملية البناء في مجتمعنا. كما سيعمل الموقع على نشر قصص نجاح الشركات الأردنية، وإبراز جهود الرياديين في حاضنات الأعمال التي تعد وسيلة لدعم المشاريع الناشئة، وترويج ثقافة الريادة والإبداع والابتكار في الأردن.

وسيتيح الموقع نافذة للكتاب والمختصين والباحثين لكتابة المقالات وعرض الدراسات وتقديم الأفكار والنصائح في مجال التقنية والريادة. ويأتي إطلاق الموقع في ظل التحول الرقمي الكبير الذي تشهده القطاعات الحكومية والقطاعات الاقتصادية كافة، ومع الانتشار الكبير لخدمات الاتصالات في المملكة. وبحسب الأرقام الرسمية بلغ عدد اشتراكات الخلوي في المملكة أكثر من 8 ملايين اشتراك، كما يقدر عدد مستخدمي الإنترنت بنحو 10.7 مليون مستخدم.

وتظهر بيانات جمعية شركات تكنولوجيا المعلومات “إنتاج”، أن عدد مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في الأردن 6.45 مليون مستخدم، ما يعادل 55.7 % من السكان.

المصدر الغد

ما هي آليات بناء اقتصاد رقمي متين في المملكة؟

في وقت يتمتع فيه الأردن بمقومات تقنية وتشريعية وبشرية جيدة في قطاع الاتصالات والرقمنة يؤكد خبراء أن هذا يمكن البلاد من بناء اقتصاد رقمي قوي يستفيد من هذه المقومات مع ضرورة التغلب على جملة من التحديات.

ويشير الخبراء  إلى ضرورة أن يركز الأردن في القطاعين العام والخاص على إعتماد النموذج الاقتصادي الجديد بالاعتماد على التقنيات الرقمية المتقدمة، مثل الذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء، والبيانات الضخمة، والحوسبة السحابية، لإعادة تشكيل نماذج الأعمال التقليدية أو تطوير المرقمنة جزئيا وتوفير فرص جديدة في مختلف القطاعات الحيوية.

ولبناء اقتصاد رقمي متين في الأردن، دعا الخبراء الى تطوير البنية التحتية الرقمية الموجودة والتي تشمل الإنترنت عالي السرعة، الخدمات السحابية، ومراكز البيانات، وتطوير التشريعات الرقمية المرنة والآمنة لضمان حماية البيانات والخصوصية، وتنظيم المعاملات الإلكترونية، والعناية بموضوع التعليم والتدريب المهني ورفع مهارات الشباب الرقمية.
ويمكن تعريف الاقتصاد الرقمي بأنه عبارة عن الأنشطة الاقتصادية التي تعتمد بشكل أساسي على التكنولوجيا الرقمية، بما في ذلك الإنترنت، وتكنولوجيا الهاتف المحمول، والبيانات الضخمة، والتقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي وانترنت الاشياء وغيرها من التقنيات، ويشمل هذا الاقتصاد كل الأنشطة التي تستخدم التكنولوجيا الرقمية، مثل التجارة الإلكترونية، والخدمات المالية الرقمية، والتسويق الرقمي، والتقنية التعليمية والتقنية الزراعية والصحية وغيرها من الانشطة.
ووفقا للخبراء، فإن مفهوم الاقتصاد الرقمي هو مفهوم اشمل وأعم من مفهومي التحول الرقمي والرقمنة فالاخيرة هي ادوات وممكانت لهذا الاقتصاد المتنامي.

الإقتصاد الرقمي يعزز التنافسية
ويرى ممثل قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في غرفة تجارة الأردن م.هيثم الروجية أن الاقتصاد الرقمي من الركائز الأساسية للنمو المستدام والتنافسية العالمية اليوم، لانه يسهم في تعزيز كفاءة الإنتاج، ويُسرّع الخدمات، ويُقلّل التكاليف التشغيلية، كما انه يُتيح فرصا جديدة للابتكار وريادة الأعمال.
وقال الرواجبة “الاقتصاد الرقمي يسهم أيضا في توفير وظائف جديدة في مجالات مثل تحليل البيانات، البرمجة، تصميم الأنظمة، والأمن السيبراني، كما انه يعزز من الشمول المالي ويوسع من وصول الأفراد والخدمات إلى الأسواق المحلية والعالمية”.

الأردن يمتلك مقومات بناء الاقتصاد الرقمي
وأكد الرواجبة أن الأردن يمتلك مقومات واعدة لبناء اقتصاد رقمي، منها الاهتمام الملكي والدعم السياسي لقطاع التقنية ولتبني تكنولوجيات المستقبل، مع وجود الدعم الحكومي الواضح من خلال المبادرات الرقمية الوطنية المختلفة، وخطة التحول الرقمي الحكومية والاستراتيجيات الموضوعة في اتجاه تبني التقنيات الحديثة.
وبين الرواجبة أن مقومات هذا الاقتصاد في الأردن أيضا هي البنية التحتية الجيدة نسبيا للاتصالات والإنترنت عالي السرعات مثل الجيل الخامس والفايبر والإنترنت الفضائي، مع وجود نسبة عالية من الشباب المتعلمين، وقطاع تكنولوجيا معلومات نشط ومبتكر ومصدر.

وبحسب آخر الأرقام والتقديرات يقدر عدد مستخدمي الإنترنت في الأردن بنحو 10.7 مليون مستخدم، كما يبلغ عدد اشتراكات الخلوي قرابة 8 ملايين اشتراك اكثرها تستخدم الهواتف الذكية.

إلى ذلك، يرى الرواجبة أنه رغم هذه المقومات إلا أنه ما يزال هناك حاجة لتوسيع نطاق الاستثمار في التقنيات الناشئة وتحسين التشريعات الرقمية وتعزيز ثقافة الابتكار.

متطلبات بناء اقتصاد رقمي في الأردن
ولبناء اقتصاد رقمي متين في الأردن أوضح الرواجبة أن هناك حاجة الى تعزيز العديد من المتطلبات منها العمل على تطوير البنية التحتية الرقمية الموجودة والتي تشمل الإنترنت عالي السرعة، الخدمات سحابية، ومراكز البيانات، وتطوير التشريعات الرقمية المرنة والآمنة لضمان حماية البيانات والخصوصية، وتنظيم المعاملات الإلكترونية.

وأشار إلى أن من اهم المتطلبات أيضا العمل على محور التعليم والتدريب الرقمي عبر دمج المهارات الرقمية في التعليم العام والجامعي، وتدريب الكوادر على التقنيات الحديثة.

وأكد الرواجبة أيضا أهمية التمويل والاستثمار ودعم الشركات الناشئة ورواد الأعمال الرقميين وتسهيل الوصول إلى التمويل لتطوير شركاتهم الناشئة، فضلا عن أهمية الشراكات الدولية لتعزيز نقل المعرفة وتبادل الخبرات وفتح الأسواق.

الاقتصاد الرقمي ليس مجرد حوسبة
وقال الخبير في مجال التقنية د.حمزة العكاليك “الاقتصاد الرقمي ” ليس مجرد اقتصاد يعتمد على الإنترنت أو التطبيقات الذكية، بل هو إعادة هيكلة شاملة لأنماط الإنتاج والاستهلاك والتشغيل”، تقوم على توليد القيمة من البيانات والتقنيات الرقمية مثل: الذكاء الاصطناعي الحوسبة السحابية إنترنت الأشياء، وسلاسل الكتل، والتجارة الإلكترونية والخدمات الحكومية الرقمية.

ويرى العكاليك أن الاقتصاد الرقمي لا يعترف بالحواجز الجغرافية، ولا بالتسلسل الإداري التقليدي، بل يُدار بالسرعة، والمرونة، والتحليل اللحظي.

البيانات أساس للاقتصاد الرقمي
واوضح أن الاقتصاد الرقمي لا يعني الحوسبة، بل يعني استبدال “النفط” بـ “البيانات”، لافتا الى انه كانت الارض في الماضي، هي أصل الثروة، ثم أصبح النفط واليوم، أصبحت البيانات هي رأس المال الجديد، مشيرا إلى أن هذا الاقتصاد لا يعني أن نُنشئ تطبيقات حكومية، بل يعني أن نعرف كيف نستثمر في كل تفاعل رقمي: كيف نُحلل، ونصمم، ونبتكر بناء على تلك البيانات.

وقال ” في المشهد الأردني الراهن، ما تزال البيانات تُعامل كمُخرَج ثانوي للإجراءات، لا كأصل استراتيجي لإنتاج القيمة”.

رقمنة جزئية في الأردن
وأضاف العكاليك “رغم الجهود الملموسة في الرقمنة الجزئية للعديد من الخدمات، إلا أن تحويل البيانات المتراكمة إلى ثروة معرفية تُوظّف في اتخاذ القرار، وتحسين جودة الخدمات، واستشراف اتجاهات السوق—ما يزال في مراحله الأولى”.
وأشار إلى أن الاقتصاد القائم على البيانات يتطلب منظومة متكاملة من الحوكمة، والبنية التحتية، والمهارات، والثقافة المؤسسية، بحيث تصبح البيانات هي المحرّك الأساسي للتخطيط والإنتاج والاستثمار.
أما في الأردن، فإن غياب التكامل بين قواعد البيانات الحكومية، ومحدودية الوصول الفعّال إليها من قبل القطاع الخاص، وافتقار السوق إلى نماذج أعمال مبنية على تحليل البيانات الكبيرة، كلّها عوامل تعيق توليد قيمة اقتصادية حقيقية منها حتى الآن.

حاجة إلى جعل البيانات منتجة للفرص
وبين انه يمكن القول إن الأردن يمتلك القدرة الكامنة، لكنه لم يُفعّل بعد البنية المؤسسية والفكرية التي تجعل من البيانات رأسمالًا وطنيًا مُنتجًا للثروة والفرص.
وقال العكاليك “الاردن يمتلك مقومات بشرية متميزة، وبنية تشريعية متقدمة نسبيًا (مثل قانون حماية البيانات الشخصية، ومشروعات الحكومة الإلكترونية)، لكنه لفت الى ان التحدي يكمن في: ضعف تكامل المنصات وفجوة الثقة الرقمية وعدم وجود سياسات تشغيل رقمية موازية للتحول التكنولوجي والفجوة المهارية لدى القوى العاملة”

وأكد العكاليك أهمية تطوير بنية تحتية رقمية مرنة وآمنة تشريعات واضحة للبيانات والذكاء الاصطناعي وتدريب رقمي للموظفين العموميين والخريجين الجدد ورقمنة سلاسل القيمة الصناعية والزراعية والتجارية وحوكمة رقمية شفافة مبنية على ثقة المواطنين، لافتا إلى أن أبرز تحديات الاقتصاد الرقمي تتمثل في مقاومة التغيير داخل المؤسسات وغياب عقلية “المنصة الواحدة” وضعف الثقافة الرقمية لدى فئات واسعة من المجتمع، فضلا عن بطء في دمج القطاع الخاص في مشاريع التحول الرقمي الانفاق على التكنولوجيا دون وجود قياس للعائد الاجتماعي.

تحديات بناء اقتصاد رقمي في الأردن
من جانبه، يرى الخبير الاقتصادي وجدي المخامرة أن الأردن يتمتع بمؤهلات قوية لبناء اقتصاد رقمي ناجح، مؤكدا أن التحول الرقمي، وهو من أعمدة بناء الاقتصاد الرقمي” ” لم يعد خيارًا بل أصبح ضرورة ملحة ” لتحقيق النمو الاقتصادي والاجتماعي، إذ بدأت المملكة بالفعل في اتخاذ خطوات مهمة في هذا الاتجاه من خلال إستراتيجيات واضحة ومبادرات ملموسة.

بيد أن المخامرة أوضح أن ثمة تحديات يمكن أن تواجه الأردن في بناء اقتصاد رقمي لعل من اهمها التحديات التقنية والتي تشمل عدم توازن انتشار وجودة الإنترنت بين المناطق الحضرية والريفية، والحاجة إلى استثمارات كبيرة في البنية التحتية الرقمية.

وقال “ما يزال أمام الأردن تحديات تتعلق بتحسين البنية التحتية، تطوير المهارات الرقمية، وتحدي لسد الفجوات الاجتماعية والجغرافية في الوصول إلى التكنولوجيا، حيث ما تزال هناك الحاجة إلى مزيد من البرامج التدريبية لسد فجوة المهارات الرقمية، والتعامل مع تحدي  مقاومة التغيير من بعض فئات المجتمع”.

تحديات اقتصادية وتشريعية واجتماعية
وعلاوة على التحديات السابقة قال المخامرة “هناك تحديات تتعلق بالموارد المالية للاستثمار في التحول الرقمي، والحاجة إلى جذب استثمارات أجنبية في القطاع التكنولوجي”.

واشار الى تحدي الحاجة إلى تحديث القوانين لمواكبة التطورات التكنولوجية السريعة، وضرورة  تطوير أطر تنظيمية للأمن السيبراني وحماية البيانات، وتحديات اجتماعية تتعلق بالفجوة الرقمية بين الجنسين حيث تواجه النساء عوائق أكبر في الوصول إلى التكنولوجيا، والتفاوت في الوصول إلى التكنولوجيا بين المناطق المختلفة.

التجارب الدولية
وأكد الخبير في مجال الاتصالات وصفي الصفدي اهمية الاقتصاد الرقمي في زيادة الانتاجية وتوفير فرص عمل، وتعزيز الابتكار والريادة، وتوسيع نطاق الوصول إلى الأسواق.

واشار الى اهمية تطويع التقنيات الحديثة لتحديث الاقتصاد وتنشيط التجارة الإلكترونية والمنصات الرقمية للشركات التي تتيح الوصول إلى أسواق عالمية بسهولة أكبر، فضلا عن اهمية الاقتصاد الرقمي وتوسبيع نطاقه في تحسين جودة الحياة.

وبين الصفدي أن هناك العديد من الدول التي نجحت في بناء إقتصادات رقمية قوية، مثل سنغافورة التي تعتبر نموذجا رائدا في مجال الحكومة الرقمية والمدن الذكية، واستونيا التي حققت قفزة نوعية في مجال الخدمات الحكومية الرقمية، وكوريا الجنوبية التي تتميز ببنية تحتية متطورة في مجال الاتصالات وانتشار واسع للتكنولوجيا الرقمية.

حجم الاقتصاد الرقمي العالمي
وأوضح الصفدي ان الدراسات العالمية تظهر ان الاقتصاد الرقمي العالمي نموا متسارعا، حيث تشير التقديرات إلى أنه سيصل إلى 16.5 تريليون دولار بحلول عام 2028، فيما  من المتوقع أن تبلغ مساهمة الاقتصاد الرقمي في الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية حوالي 15% بحلول عام 2030، بما يعادل 900 مليار دولار.
وبالنسبة للأردن، أشار الصفدي الى ان التوقعات تشير الى امكانية نمو قطاع التكنولوجيا في الأردن ليصل إلى 5.10 مليار دولار بحلول عام 2030، مدفوعًا بالتوجه الحكومي نحو التحول الرقمي والتوسع في خدمات الجيل الخامس.

المصدر الغد

الذكاء الاصطناعي والتعليم المطلوب… فلتصغ السياسات بذكاء

 لم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد أداة لأتمتة المهام الروتينية، بل أصبح قوة محركة تعيد تشكيل المشهد المهني بالكامل، وتخلق نظاما وظيفيا جديدا بمفاهيم وأدوار غير مسبوقة. ووفقا لتقرير حديث صادر عن مؤسسة “جارتنر”، يمكن تصنيف الوظائف المرتبطة بالذكاء الاصطناعي إلى ثلاث فئات رئيسية: وظائف حالية، ووظائف ناشئة، ووظائف محورية لا غنى عنها. إن فهم هذه الفئات بات ضروريا للمؤسسات الأكاديمية والطلاب وواضعي السياسات لإعادة هيكلة الأنظمة التعليمية بما يتماشى مع متطلبات سوق العمل المستقبلي.

الوظائف الحالية في مجال الذكاء الاصطناعي تعد حجر الأساس لأي نظام ذكاء اصطناعي فعال. وتشمل هذه الوظائف مهنا مثل: مهندس البيانات، الذي يتولى جمع وتنظيف وربط كميات ضخمة من البيانات لتغذية النماذج الذكية؛ وعالم البيانات، الذي يقوم ببناء نماذج تنبؤية واستخلاص الرؤى من البيانات الخام؛ ومطور الذكاء الاصطناعي، المسؤول عن إنشاء الأنظمة والتطبيقات الذكية؛ ومصمم تجربة المستخدم (UX)، الذي يضمن أن تكون واجهات الذكاء الاصطناعي سهلة التفاعل وسلسة الاستخدام. هذه الوظائف تمثل البوابة الأساسية لدخول مجال الذكاء الاصطناعي، وتتطلب خلفية قوية في البرمجة، والإحصاء، وهندسة الأنظمة.

ومع نضج تقنيات الذكاء الاصطناعي، بدأت تظهر وظائف جديدة تمزج بين المعرفة التقنية والخبرة القطاعية. مثلا، مهندس اتخاذ القرار يحول مخرجات الذكاء الاصطناعي إلى استراتيجيات عملية قابلة للتنفيذ، بينما يقوم مهندس المعرفة ببناء هياكل معرفية تساعد الذكاء الاصطناعي على الفهم والتفسير. أما مدقق النماذج، فيعد خط الدفاع الأخير الذي يتحقق من دقة وسلامة النماذج قبل تطبيقها في بيئات الإنتاج. وهذه الوظائف تمثل روح العصر، وتتطلب مزيجا من المهارات التقنية والاحترافية في مجالات متخصصة كالصحة، التمويل والقانون.

أما الوظائف المحورية، فهي الأدوار التي لا يمكن لأي منظمة تطمح للريادة في الذكاء الاصطناعي أن تستغني عنها. يشغل رئيس قسم الذكاء الاصطناعي موقع القائد الذي يضع الرؤية العامة ويوائم بين القدرات التقنية والأهداف الاستراتيجية. بينما يتولى مهندس المحفزات (Prompt Engineer) تصميم مدخلات فعالة توجه أدوات الذكاء التوليدي، مثل ChatGPT، لإنتاج استجابات عالية الجودة. أما اختصاصي أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، فهو الحارس الذي يضمن احترام الخصوصية والعدالة والمساءلة في كل مرحلة من مراحل تطوير الأنظمة الذكية.
والنجاح في عالم الذكاء الاصطناعي لا يأتي من العمل الفردي، بل من التعاون متعدد التخصصات. في دورة حياة الذكاء الاصطناعي، تبدأ العملية بتحديد المشكلة من قبل خبراء الأعمال، يليها تجهيز البيانات من قبل مهندسي البيانات، ثم تطوير النماذج بواسطة العلماء والمطورين، وأخيرا تطبيقها بمشاركة مدققي النماذج وخبراء الأخلاقيات. في هذه المناطق المتقاطعة بين التقنية، التحليل والاستراتيجية، تحدث الإنجازات الحقيقية.
وفي مواجهة هذا التحول، لا بد أن تواكب مؤسسات التعليم الأردنية هذا الواقع الجديد. ويبدأ ذلك بإعادة تصميم المناهج الجامعية لتشمل الذكاء الاصطناعي، الأخلاقيات والأمن السيبراني، إلى جانب مشاريع تطبيقية باستخدام أدوات ذكاء اصطناعي حقيقية. كما يجب عقد شراكات مع شركات التكنولوجيا لتوفير معسكرات تدريبية وفرص تدريب عملي تغلق فجوة المهارات. ويمكن تسريع وتيرة التعلم من خلال إتاحة الوصول إلى منصات عالمية مثل Coursera وedX في تخصصات مثل تعلم الآلة، ومعالجة اللغة الطبيعية، وحوكمة الذكاء الاصطناعي.
وفي الوقت ذاته، يجب تسليط الضوء على المهارات البشرية الجوهرية -مثل التواصل، القيادة والتفكير النقدي- وهي مهارات لا يمكن للذكاء الاصطناعي تقليدها. ومن خلال تشجيع المشاريع الجماعية، يمكن تعزيز مهارات العمل التعاوني والإبداعي، ما يحاكي بيئات العمل الواقعية.
ويعد دعم الابتكار وريادة الأعمال من الركائز الأساسية للمرحلة المقبلة. فإطلاق حاضنات أعمال متخصصة في الذكاء الاصطناعي، وتوفير تمويل أولي لمشاريع يقودها الطلاب، يمكن أن يؤديا إلى حلول محلية فعالة لقضايا وطنية، مثل استخدام الذكاء الاصطناعي للتشخيص المبكر في الرعاية الصحية، أو إدارة المياه بذكاء. كذلك، على الجامعات أن تُعد الطلبة للتعامل مع عمليات التوظيف المدعومة بالذكاء الاصطناعي، حيث تعتمد شركات كبرى، مثل IBM وOracle، على أدوات ذكاء اصطناعي لفرز السير الذاتية وتقييم المهارات وإجراء المقابلات.
وهناك تجارب عالمية يمكن أن تلهمنا، مثل نموذج إستونيا، التي قامت بدمج المهارات الرقمية في كل مراحل التعليم، مما أنتج قوة عاملة مواكبة للمستقبل وجذبت استثمارات عالمية. ويمكن للأردن تبني هذا النهج وتكييفه بما يتناسب مع أولوياته واستثمار طاقاته الشابة الطموحة.
في الختام، إن الذكاء الاصطناعي لا يلغي الوظائف، بل يعيد ابتكارها. وللجيل الصاعد من المتخصصين في تكنولوجيا المعلومات في الأردن، فإن هذا التحول ليس تهديدا، بل فرصة للقيادة والتفوق. ومن خلال دمج الذكاء الاصطناعي في التعليم، وتحفيز روح الابتكار، وتعزيز التعاون بين المؤسسات التعليمية والصناعية، يمكننا أن نطلق العنان لجيل جديد قادر على صياغة مستقبل الأردن الرقمي. لكن هذه المهمة لا تحتمل التأجيل. فإيقاع الذكاء الاصطناعي لا ينتظر أحدا.
الوقت الآن هو وقت العمل -لتحديث الجامعات، وتعميق الشراكات الصناعية، وتحفيز الطلاب على النهوض بالمسؤولية. فهل أنتم مستعدون لقيادة هذا التغيير؟

المصدر الغد